ممن يطلب الشاب خالد الصفح في هذا التوقيت

مقطع فيديو الفنان الجزائري يثير الجدل والتكهنات.
الاثنين 2024/02/19
هل منع من دخول الجزائر

تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر والمغرب مقطع فيديو للمغني الشاب خالد يطلب فيه الصفح من الجزائريين، فيما لم يتبين سببه ما زاد الجدل.

الجزائر - أثار مقطع فيديو للمغني الجزائري الشاب خالد، حمل “رسالة اعتذار” ضجة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تباينت الآراء بخصوص مضمونه وتوقيته.

وقال الشاب خالد الملقّب بـ”الكينغ” في فيديو قصير أطلقه عشية احتفال الجزائر بيوم الشهيد (18 فبراير) “السلام عليكم، إخوتي، كلنا إخوة، وكلنا جزائريون، أريد أن أقول اليوم كلمة من صميم قلبي، إذا جرحت بعض الناس أو تسببت في ضرر بعضهم الآخر، دون أن أقصد ذلك، أطلب السماح منهم”. ويضيف “ولكن لا يوجد أي أحد، باستطاعته أن ينزع منّي وطنيتي، أنا سأبقى دوما جزائريًا، وتحيا الجزائر، وتعيش الجزائر، وتحيا الجزائر إلى الممات، ورحم الله الشهداء.”

وتفاعل جزائريون بشكل كبير مع رسالة ملك الراي المغني العالمي الشاب خالد الذي يعدُّ واحدًا من الفنانين الجزائريين الذين أوصلوا “الراي” إلى العالمية، إلى جانب الشاب مامي، والراحل الشاب حسني، وفضيل وصحراوي.

وتساءل معلقون عن سبب ظهور مقطع الفيديو في هذا التوقيت وممن يطلب الشاب خالد الصفح، خاصة مع تداول معلومات مفادها منع الشاب خالد من دخول الجزائر بسبب تعبيره سابقا عن فخره بالحصول على الجنسية المغربية.

ويحاول النظام الجزائري زج الفنانين وخاصة مغني الراي الذين يحظون بشهر واسعة مغاربيا وعالميا، في حروبه الدعائية ضد المغرب غير أن محاولاته باءت بالفشل مع اختيار الكثير منهم عدم التدخل في الحروب السياسية التي يخوضها النظام في بلادهم.

وفضّل بعض الفنانين الجزائريين الاصطفاف مع الموقف المغربي الذي يتعارض مع موقف بلادهم من قضية الصحراء المغربية، وفي مقدّمتهم مغنّي الراي رضا الطالياني، الذي قرّر العيش هناك بعد أن تزوّج من مغربية، ما جعلهم دائمي الحضور في الإعلام والمهرجانات التي تنظّم هناك.

◙ النظام الجزائري يزج بمغني الراي الذين يحظون بشهرة واسعة، مغاربيا وعالميا، في حروبه الدعائية ضد المغرب

وكانت إدارتا الإذاعة والتلفزيون الجزائريين الحكوميين، منعتا بثّ أغاني رضا الطالياني عبر تردّداتهما، بسبب إقدامه على رفع العلم المغربي، أثناء إحيائه حفلا في مدينة العيون المغربية.

ويأتي اعتذار الشاب خالد وطلبه الصفح من الجزائريين، بعد جفاء طويل وبعد تعرّضه لموجة انتقادات واسعة، حيث شكك بعضهم في وطنيته، واعتبروا أنّ خالد قد تخلى عن “وهرانيته” وهويته الجزائرية، بينما بعضهم الآخر رأى أنّ خالد أساء لبلده من خلال تصريحات إعلامية أطلقها في مناسبات مختلفة. وتروج لجان الكترونية جزائرية إلى أن “ما فعله الشاب خالد هو خيانة.”

وفي نوفمبر 2017، أكد الشاب خالد بنفسه لأول مرة بأنه يملك الجنسية المغربية إضافة إلى الجنسية الجزائرية. وقال “ملك الراي” في مقابلة مع قناة “فرانس 24”، “منذ كنت صغيرا، لم يكن في عقلي الحدود بين الجزائر والمغرب وتونس، أنا أعتبر المغرب والجزائر وتونس شعب واحد”.

وعبر مغربيون عن غضبهم من منع الشاب خالد من دخول الجزائر، معتبرين أن سلطات بلاده تعاقبه بسبب اختياره الاستقرار في المغرب. وأيضاً حصوله على الجنسية المغربية. ورفض الناشطون خلط السياسة بالفن، لاسيما أن الكثير من المشاهير يعانون من مشاكل مشابهة.

وسابقًا روجت صفحات على منصات التواصل الاجتماعي، لأخبار مفادها أنّ السلطات الجزائرية أصدرت قرارًا بمنع الشاب خالد من دخول البلاد، لاسيما بغيابه عن الفعاليات الفنية أبرزها عدم دعوته للمشاركة في حفلي افتتاح واختتام تظاهرة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنها مدينة وهران مسقط رأسه في الفترة بين 25 يونيو و5 يوليو 2022. وغيابه عن افتتاح واختتام كأس أفريقيا للمحليين (الشان) التي نظمت بالجزائر بين 13 كانون الثاني و4 فبراير 2023، بالمقابل شارك فنانون جزائريون وأجانب في هذه الفعاليات.

في المقابل رحب معلقون برسالة الشاب خالد. كتب الممثل محمد خساني ابن مدينة وهران على حسابه بفيسبوك مدافعًا عن الشاب خالد:

 

وأبدت صفحة على فيسبوك تضامنها مع الشاب خالد وكتبت عقب إعادة نشرها الفيديو “الشاب خالد يطلب السماح من الجزائريين”، وعلقت صفحة قسنطينة الجسور المعلقة:

خالد

 

وعاود الشاب خالد، الملقب أيضا بـ”ملك الراي” الظهور في فيديو ثاني، وجّه فيه دعوة للجزائريين للتجمع في باريس بتاريخ 18 فبراير الذي يصادف يوم الشهيد. وقال: “أدعو كل الجزائريين والجزائريات إلى أن نكون كلنا معا، لأنه يوم الشهيد”، مختتما بعبارة “تحيا الجزائر والترحم على جميع الشهداء”.

الأكيد أن متاعب الفنانين الجزائريين مع الصحافة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لن تتوقف عند هذا الحدّ، سواء علّقوا أو التزموا الصمت بشأن قضية الصحراء المغربية، لكنّ هذا الجدل غالبًا ما يدور مع الجهات الرسمية بين البلدين ولو بشكل غير مباشر، بينما ينأى كثير من مثقّفي الجزائر والمغرب عن الخوض في هذه التجاذبات، وهو ما يتجسّد في البيانات الموقّعة بين الطرفين في التظاهرات الثقافية، تطالب بفتح الحدود بين البلدين ووضع حدّ لهذه الخلافات.

وكثيرا ما تتفاعل جماهير المنتخبين الجزائري والمغربي إيجابيا مع الحملة الافتراضية التي تم إطلاقها على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت اسم “خاوة خاوة” (إخوة إخوة). يذكر أن الحدود البرية بين المغرب والجزائر مغلقة منذ 1994 وسط خلافات سياسية بين البلدين، حول الصحراء الذي تتمسك الرباط بالسيادة عليها، بينما تدعم الجزائر “جبهة البوليساريو” المطالبة بحق تقرير المصير.

وينشر مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي الأناشيد الحماسية التي يتم تداولها في الملاعب الرياضية، لاسيما أنشودة “خاوة خاوة.. ماشي عداوة” (إخوة إخوة ولسنا أعداء) ذائعة الصيت التي أطلقتها جماهير الرجاء البيضاوي المغربي لكرة القدم قبل سنوات. وتهدف الأغنية إلى تأكيد “روح الأخوة والتضامن بين الشعبين الجزائري والمغربي، ومدّ جسور التواصل بين الشعوب مهما بلغت مستويات التوتر السياسي”.

وكان صيت الأغنية ذاع بشكل كبير في بطولة كأس أمم أفريقيا عام 2019، حيث سطرت الجماهير المغربية والجزائرية لوحة جميلة وراقية في الملاعب المصرية، بترديدها الأغنية، بعدما أطلق جمهور البلدين حملة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت عنوان "خاوة خاوة".

وقال مغاربة إن الحملة تدل على متانة علاقة الشعبين المغربي والجزائري، مؤكدين أنها خطوة موفقة لانتصار قيم الأخوة والجوار، على الأجندات السياسية والأطماع العسكرية. ويقول معلقون إن الحملة فاجأت النظام الجزائري.

5