حكومة شرق ليبيا تطالب باستبعاد باتيلي نهائيا من مهمته

الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان تتهم الوسيط الأممي بالانحياز لطرف سياسي على حساب الآخر وتصف تصريحاته أمام مجلس الأمن الدولي بالمغالطات.
الجمعة 2024/02/16
عبدالله باتيلي يصل الى طريق مسدود في معالجة الأزمة الليبية

بنغازي (ليبيا) - طالبت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان (حكومة شرق ليبيا) بإبعاد المبعوث الأممي عبدالله باتيلي عن المشهد الليبي نهائيا واتهمته بأنه يفتقد للحياد بانحيازه لطرف سياسي في إشارة على ما يبدو لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها والتي يقودها رجل الأعمال عبدالحميد الدبيبة.

وتأتي هذه التطورات، بينما تعثرت جهود الوسيط الأممي لتقريب وجهات النظر بين فرقاء الساحة الليبية حول إجراء الانتخابات وهو مسار يبدو شديد التعقيد في ظل خلافات وانقسامات حادة.

وتشير هذه التطورات كذلك إلى فشل البعثة الاممية في مهمتها ويبدو أن عبدالله باتيلي سائر على خطى أسلافه ممن تولى تلك المهمة واضطروا في النهاية للتخلي عنها بدعوى أسباب صحية.

ودعت حكومة الشرق التي يقودها أسامة حماد بتكليف من البرلمان الليبي في طبرق، إلى اختيار شخصية أخرى خلفا لباتيلي، بينما تظهر هذه الدعوة أن الخلاف معه وصل إلى نهاياته وأنها لن تقبل بوجوده أو وساطته.

ويبدو أن باتيلي ذاته مقتنع بوصول جهوده إلى طريق مسدود من خلال تحميله المسؤولية عن الفشل للفرقاء الليبيين وللأطراف الدولية المتدخلة في الأزمة.   

وتأتي دعوات حكومة الشرق بعدما قال باتيلي إن الأطراف الفاعلة في البلاد غير مستعدة على ما يبدو لتسوية الخلافات المتبقية للتمهيد لإجراء الانتخابات، فيما يبدو أنه فشل في مهمة تقريب وجهات النظر بين هذه الأطراف والتوافق بشأن الانتخابات.

ووجهت الحكومة المكلفة الحديث إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وأعضاء مجلس الأمن قائلة "أصبح الشعب الليبي يشكك في قدرات مجلس الأمن على اختيار من يمثله خير تمثيل في ليبيا، فالأمر يتطلب منكم إبعاد السيد عبدالله باتيلي عن المشهد الليبي نهائيا واختيار خلف مناسب له يكون همه الأول حل الانسداد السياسي وليس مصالحه الشخصية أو التشبث بآرائه الخاصة".

وقالت في بيان الجمعة "سبق أن حذرنا مرارا وتكرارا مما يقوم به رئيس بعثة الدعم في ليبيا من تصرفات لا تؤدي في نهايتها إلى حل المشكلة في ليبيا، كونه ثبت انحيازه الواضح لطرف على حساب الآخر، ولا يقوم بدوره الذي كُلف من أجله وهو المساواة بين الأطراف كلها".

وعقد باتيلي سلسلة لقاءات هذا الأسبوع مع مختلف الأطراف والجهات الفاعلة من أجل حشد الدعم للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة في ليبيا والتي يتطلع إلى تتويجها بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية يترقبها الليبيون. وذلك بعد أن دعا إلى طاولة حوار خماسية، في نوفمبرالماضي، تضم قادة الأطراف السياسية الرئيسية والفاعلين الأبرز على الأرض في ليبيا وذلك عبر لقاء أولي يضم ممثلين عن المجلس الرئاسي ومجلسي النواب والأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية والقيادة العامة للجيش الوطني الليبي في شرق البلاد، لكنه استثنى حكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب ما أثار جدلا واسعا بشأن انحيازه لمنافستها في الغرب.

وقالت حكومة أسامة حماد، إنها تابعت ما جاء بالإحاطة الدورية المقدمة من باتيلي إلى مجلس الأمن بشأن المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية على الساحة السياسية، وتؤكد أن الإحاطة "شابها الكثير من المغالطات وجانبها الصواب في أغلب الأمور". وطالبت بضرورة إعادة النظر في عمل بعثة الدعم في ليبيا ورئيسها الحالي وباقي أعضائها.

وكان باتيلي قال الخميس في مجلس الأمن الدولي إن التقدم نحو إجراء انتخابات ذات مصداقية في ليبيا أمر مستحيل دون اتفاق بين اللاعبين السياسيين الرئيسيين، مضيفا أنه يتعين عليهم تنحية المصلحة الذاتية جانبا والتفاوض بحسن نية والتوصل إلى اتفاق بشأن حكومة موحدة مع ضمان إجراء الانتخابات الوطنية لتجنب "انزلاقها إلى التفكك".

وتابع "أدعوهم إلى الشعور بالواجب الأخلاقي للتفاوض والتوصل إلى تسوية لاستعادة كرامة وطنهم الأم"، مشيرا إلى "أن التردد في القيام بذلك لا يشكك في التزامهم بالانتخابات فحسب، بل أيضا في وحدة ومستقبل بلادهم التي يجب أن يتحملوا المسؤولية عنها".

وقال المبعوث الأممي "لقد واصلت مشاركتي مع هؤلاء اللاعبين الرئيسيين، مناشدا حكمتهم"، مضيفا أنه لم يتزحزح أي منهم عن مواقفه الأولية، مشيرا إلى أن كل منهم يواصل صياغة الشروط المسبقة لمشاركته في الحوار كوسيلة للحفاظ على الوضع الراهن، والذى - ويجب أن أقول - يبدو أنه يناسبهم".

وقال إن رئيس مجلس النواب الليبى عقيلة صالح، يؤكد أن القضية الرئيسية تظل هي تشكيل حكومة موحدة وأن مشاركته ستكون مشروطة إما بمشاركة الحكومتين أو استبعادهما بالكامل، بينما يتمسك رئيس المجلس الليبي الأعلى للشورى محمد تكالة برفضه لقوانين الانتخابات كما نشرها مجلس النواب، ويدعو إلى تركيز النقاش على إحياء النسخة "الأولية" من النص.

وفي المقابل يصر رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة على أنه لن يتنحى إلا بعد إجراء الانتخابات، أي أن حكومة الوحدة الوطنية ستشرف على العملية الانتخابية المقبلة.

بدوره يصر خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبي، على أن تكون كل من حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الوفاق الوطني جزءا من المحادثات أو استبعاد كليهما. وقال باتيلي للسفراء إن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفى "لا يريد أن يُنظر إليه على أنه طرف، لكنه مستعد للعمل كميسر لدعم مبادرتي".

وأكد استعداد الأمم المتحدة للنظر في المقترحات التي يمكن أن تؤدى إلى حل يقوم على تسوية سلمية وشاملة، مشددا على أن مجلس الأمن والمجتمع الدولي لديهما "دور حاسم" يلعبانه في الضغط على القادة الليبيين للمشاركة بشكل بناء.

وتابع "إن المواءمة والدعم من الشركاء الإقليميين لهما أهمية خاصة" و"لا يمكن للمبادرات الموازية أن تكون مفيدة إلا إذا دعمت جهود الأمم المتحدة، خشية أن تستخدمها الجهات الفاعلة الليبية كوسيلة لإدامة الوضع الراهن".