قبلة للجسد وأخرى للروح

مثلما تنفخ قبلة الحياة الهواء في الجسد، فإن قبلة الحب تنشر السعادة في الروح.
السبت 2024/02/17
قبلة الأم تُنسب للروح دائما

يُحكى أن خلافا نشأ بين نادية لطفي ومحرم فؤاد بسبب إعلان نشره الأخير يفيد بأن فيلمه القادم سيحتوي على 54 قبلة بما يجعله متفوقا بقبلتين على فيلم "أبي فوق الشجرة" الذي مثلته لطفي أمام عبدالحليم حافظ. حدث ذلك عام 1971 وكان محرم فؤاد يشعر أن عبدالحليم حافظ قد سد أمامه الطريق إلى النجومية فقرر أن ينافسه حتى ولو جرى ذلك التنافس عن طريق التقبيل وهو ما رفضت نادية لطفي أن تكون موضوعه. خسر مطرب "رمش عينه اللي جارحني" النزال ولم يحصل على قبلة واحدة من الممثلة الشقراء. وكان حاله كمَن يردد قول عنترة بن شداد في ذكر ابنة عمه عبلة "ووددت تقبيل السيوف لأنها/ لمعت كبارق ثغرك المتبسم".

ولأن التقبيل كما يُقال يقوى الجهاز المناعي ضد الأمراض ويحافظ على البشرة من الشيخوخة ويزيد من الشعور بالأمان بما يؤدي إلى ارتفاع الحالة المزاجية فإن هناك مَن يرغب في الاستزادة منه كما ورد على لسان الشاعر العباسي أبونواس "سألتها قبلة ففزت لها/ بعد امتناع وشدة التعب/ فقلت بالله يا معذبتي/ جودي بأخرى أقضي بها أربي" وهو ما أكده كاظم الساهر بقوله "ابتسم هدي أعصابك خلي راسك بين ايديّه/ واخذ بوسة صلح مني كافي تدلل عليّه".

يقول الآثاريون إن ممارسة تقبيل الشفاه باعتبارها تعبيرا رومانسيا عن الحب تعود إلى ما قبل الميلاد بـ2500 سنة. لقد تم العثور على تماثيل عراقية ومصرية قديمة تصور تلك العادة التي يلقي عليها بعض الباحثين مسؤولية انتشار الأوبئة. كان ذلك الاعتقاد هو مصدر الهلع الذي عاشه البشر في زمن "كورونا" حين اضطروا إلى ارتداء الكمامات بما يمنع التقبيل.

وهو ما لم يعره بشارة الخوري الذي لُقب بالأخطل الصغير اهتماما حين قال “جفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل/ فحرقنا نفوسنا في جحيم من القبل” ولكن هناك إشكالية أخرى فيما يتعلق بالقبلة يلخصها حوار ورد في أحد أفلام أم كلثوم. يقول السؤال “قل لي ولا تخشاش ملام/ حلال القبلة ولا حرام؟” تجيب أم كلثوم على ذلك السؤال "القبلة إن كانت للملهوف/ اللي على ورد الخد يطوف/ ياخذها بدال الوحدة ألوف/ ولا يسمع للناس كلام" ومثلما تنفخ قبلة الحياة الهواء في الجسد فإن قبلة الحب تنشر السعادة في الروح.

18