عباس يستبق خيار دحلان الشامل ويناشد حركة حماس

أبومازن يلتقط الرسالة القطرية ويفهم أن ليس شرطا أن يكون بديل حماس هو وسلطته.
الخميس 2024/02/15
عباس يتمسك بأجندة قطر في وجه التغيير

رام الله – دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء حركة حماس إلى أن تنجز بسرعة صفقة تبادل في قطاع غزة، لتجنب “كارثة أخرى”، في رسالة الهدف منها تأمين حل يحافظ على بقاء المعادلة الفلسطينية الحالية (عباس – حماس) وقطع الطريق أمام الخيار الشامل الذي يقترحه محمد دحلان زعيم التيار الإصلاحي في حركة فتح.

تندرج مناشدة عباس حماس أن تقبل بتسوية أزمة الرهائن في إطار التقاطه رسالة قطر، التي زارها الأحد وحظي بلقاء الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وما راج من تسريبات حول تنازلات ستقدمها حماس لتشكيل حكومة تكنوقراط تحافظ على مكاسبها ومكاسب عباس.

وتبذل قطر كل ما في وسعها لقطع الطريق على خيار دحلان كبديل لسلطتيْ عباس وحماس وكشخصية وفاقية تحوز ثقة الشارع الفلسطيني ودعم أبرز دول الإقليم من أجل بناء سلطة وطنية فلسطينية جديدة على أسس مختلفة تكون قادرة على تجاوز معضلة الانقسام وفي الوقت نفسه تنجح في الحصول على دعم خارجي لمشروع حل الدولتين.

دحلان يعتبر ندّا لحماس ولعباس معًا، وعلاقته بكل من مصر والأردن وطيدة، ويحوز دعما كبيرا من الإمارات

وفهم عباس من خلال الحراك الدبلوماسي الباحث عن حل طويل المدى وتفعيل فكرة حل الدولتين أنه ليس شرطا أن يكون بديل حماس هو وسلطته، وهذا يرفع أسهم دحلان كبديل شامل، ما يعني خسارة القطريّين ورقة مهمة لأنهم لم يقطعوا أبدا مع عباس وظل بالنسبة إليهم خيارا بديلا إذا احترقت ورقة حماس.

ويعتبر دحلان ندا لحماس ولعباس معًا، وعلاقته بكل من مصر والأردن وطيدة، ويحوز دعما كبيرا من الإمارات. لكن صعوده كخيار سيمثل مشكلة لقطر، ولهذا تحرك عباس.

وتواجه خطة يقترحها عقبات كبيرة. وقد رفضت السلطة الفلسطينية وعباس إجراء تغييرات على المنظمة، التي لا تزال غارقة في الفساد ويُنظر إليها -على نطاق واسع- على أنها سلطوية.

وفي مقابلة له مع “نيويورك تايمز” قال دحلان إن المرحلة القادمة لا مكان فيها لعباس ولحماس، وإنما لأشخاص جدد يكونون مسؤولين في السلطة الفلسطينية. كما تحتاج السلطة إلى زعيم جديد يحل محل عباس البالغ من العمر 88 عاماً، والذي سيحتفظ بدور شرفي.

وقال دحلان إن الإدارة الفلسطينية الجديدة يمكن أن تدعو الدول العربية الصديقة إلى إرسال قوات للمساعدة على حفظ النظام في غزة، مشيرا إلى أن الدول العربية الرئيسية مستعدة للمساعدة وتمويل إعادة الإعمار، إذا وافقت إسرائيل على إنشاء دولة فلسطينية وإيجاد تسوية تامة للصراع.

وتقدم الخطة التي يعرضها دحلان من خلال هذا الحوار إجابة فلسطينية واضحة المعالم عن السؤال المتعلق بخطة “اليوم التالي للحرب”، وتنقل الضغط إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتجنب الإجابة عن هذا السؤال.

شخصية تحوز على ثقة الفلسطينيين
شخصية تحوز على ثقة الفلسطينيين

ومن الواضح أن خطة دحلان القائمة على تغيير شامل في السلطة الفلسطينية هي التي دفعت عباس إلى التحرك في هذا الوقت من أجل الظهور كجهة ضاغطة على حماس.

ونقلت وكالة وفا الفلسطينية عن عباس قوله “نطالب حركة حماس بسرعة إنجاز صفقة الأسرى، لتجنيب شعبنا الفلسطيني ويلات وقوع كارثة أخرى لا تُحمد عقباها، ولا تقل خطورة عن نكبة عام 1948، ولتجنب هجوم الاحتلال على مدينة رفح الأمر الذي سيؤدي إلى وقوع آلاف الضحايا والمعاناة والتشرد لأبناء شعبنا”.

وطالب عباس “الإدارة الأميركية والأشقاء العرب، بالعمل بجدية على إنجاز صفقة الأسرى بأقصى سرعة، وذلك لتجنيب أبناء الشعب الفلسطيني ويلات هذه الحرب المدمرة”.

وفي مصر اجتمع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز ورئيس الموساد ديفيد برينع ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الثلاثاء لإجراء محادثات بشأن هدنة تشمل إطلاق سراح رهائن جدد. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية الأربعاء أنّ الوفد الإسرائيلي غادر القاهرة بعد ذلك.

وجرت المناقشات “في أجواء إيجابية”، وفق ما نقلته قناة “القاهرة الإخبارية” عن “مسؤول مصري رفيع المستوى”. وقال المسؤول نفسه في نهاية الاجتماع “ستستمر المفاوضات خلال الأيام الثلاثة المقبلة”.

ويرأس مسؤول المكتب السياسي لحماس خليل الحية وفد الحركة إلى القاهرة حيث ينتظر أن يلتقي رئيسيْ الاستخبارات المصرية ونظيرتها القطرية.

وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة مازالوا محتجزين في غزة، من بينهم 29 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في 7 أكتوبر الماضي. وسمحت الهدنة التي استمرت أسبوعا في نوفمبر الماضي بإطلاق سراح 105 رهائن في مقابل 240 معتقلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.

pp

وتوجه نحو مئة من أقارب الرهائن الذين مازالوا محتجزين في قطاع غزة إلى لاهاي الأربعاء لتقديم شكوى ضد حركة حماس أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”، حسب ما أعلنه ممثلون عنهم.

اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28473 شخصا في قطاع غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

وسبق أن أمر نتنياهو الجيش الإسرائيلي بـ”التحضير” لهجوم على مدينة رفح الواقعة عند الحدود مع مصر، والتي تعدّ “آخر معقل لحركة حماس”، على حدّ تعبيره.

ويتكدّس في هذه المدينة نحو 1.4 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكان غزة، وسط ظروف إنسانية ومعيشية بائسة، بحسب الأمم المتحدة. وفي رفح بدأ الكثير من الفلسطينيين مغادرة الخيام، فيما اتجه آخرون إلى شمال القطاع مع أمتعتهم التي تكدّست على أسطح سياراتهم.

 

اقرأ أيضا:

      • نتنياهو يشترط تغيير حماس لمواقفها للمضي في المفاوضات

      • آمال الفلسطينيين في رفح تتبدد بعد محادثات غير حاسمة حول الهدنة

1