الجيش الجزائري يضطلع بمهمة تأمين منشآت الطاقة

دفعت المخاطر الأمنية المتزايدة في دول الساحل الأفريقي الجزائر إلى زيادة إمكاناتها اللوجستية وتأمين الجيش لمنشآت الطاقة من النفط والغاز، تحسبا لأي مفاجآت، وسط تأكيد على استعداد المؤسسة العسكرية التام لإحباط أي محاولة يراد بها المساس بأمن البلاد وسيادتها.
الجزائر - أفادت مجلة “الجيش” الجزائرية باضطلاع المؤسسة العسكرية بمهام تأمين منشآت الطاقة في البلاد، وأن المسألة تندرج في إطار الأمن الإستراتيجي للدولة، وهي رسالة مبطنة عن حشد وتعبئة الإمكانيات البشرية واللوجستية لتحصين مواقع الطاقة، تفاديا لأيّ سيناريو مشابه لما حدث في قاعدة تيقنتورين العام 2013، خاصة في ظل توتر الأوضاع الأمنية لدى دول الجوار الجنوبي.
وأكدت مجلة “الجيش”، وهي لسان حال المؤسسة العسكرية الجزائرية، على أن مبدأ السيادة الوطنية سيظل بالنسبة إلى الجزائر أحد المقومات الأساسية للدولة، وسيبقى خطا أحمر لا يسمح بتجاوزه بأيّ حال من الأحوال، وأن الجيش مستعد لإحباط أيّ محاولة يراد بها المساس بأمن الجزائر وحرمة أراضيها.
وحملت افتتاحية المجلة رسائل للداخل والخارج حول اضطلاع المؤسسة بأداء دورها الدستوري، في ظل ما يتردد عن مخاطر أمنية وعسكرية تواجهها البلاد، مع التحولات التي تشهدها منطقة الساحل، والأزمة المتصاعدة مع المجلس العسكري الحاكم في مالي، خاصة وأن نشاط وحداته وصل إلى مشارف الحدود الجزائرية.
واستغلت قيادة الجيش الجزائري، ذكرى الرابع والعشرين من فبراير لتأميم البلاد لثرواتها من الطاقة، لتؤكد في افتتاحية لها بأنه “مسايرة لحرص السلطات العليا على تطوير قطاع الطاقة، يواصل الجيش الوطني الشعبي بكل اقتدار من خلال وحداته الاضطلاع بدور حيوي في مجال التأمين الشامل للمنشآت المختلفة للطاقة، واستعدادها التام لإحباط أيّ محاولة يراد بها المساس بأمن بلادنا وسيادتنا الوطنية وحرمة أراضينا”.
الجزائر تشترك شريطا حدوديا يقدر بـ2400 كيلومتر مع مالي والنيجر، وهو ما يمثل تحديا حقيقيا لقواتها من أجل التحكم في الوضع
وتأتي هذه التلميحات في ظل تصاعد مخاوف لدى دوائر مختلفة، من إمكانية وقوع مصالح إستراتيجية تحت مرمى أهداف القوى التي تحرك الأوضاع في منطقة الساحل، فإلى جانب السيادة الإقليمية، تتواجد العديد من منشآت النفط والغاز في المناطق الجنوبية للبلاد، وعدد من الشركات الأجنبية العاملة هناك.
ويبدو أن الرسالة تتضمن تطمينات للشركاء الدوليين وللرأي العام الداخلي والإقليمي حول عزم المؤسسة على عدم تكرار تجربة حادثة تيقنتورين العام 2013، بالقرب من الحدود الليبية الجنوبية، لما أقدم حينها تنظيم مقرب من القاعدة باقتحام وتوقيف الكوادر والعمال المحليين والأجانب، من أجل التفاوض مع السلطات العليا للبلاد على قادته المسجونين، غير أن الجيش الجزائري تدخل بشكل قوي وشامل، مما أسفر عن مقتل أفراد الجماعة الإرهابية والرهائن الذين كانوا بحوزتهم.
ومنذ ذلك الحين فرضت الجزائر على الشركات والورشات العاملة في منشآت الطاقة الخضوع لخطة المؤسسة العسكرية لتأمين محيط المنطقة، على أن يبقى الأمن الداخلي من اختصاص الشركات المذكورة، وهو ما لم يكن معمولا به قبل حادثة تيقنتورين.
ويبدو أن الجيش الجزائري، الذي يعد من القوى العسكرية القوية في المنطقة، بصدد الطمأنة والتأكيد على اضطلاعه بمهامه الدستورية في حماية الحدود الجغرافية، والاستعداد لأيّ مخطط أو سيناريو يستهدف ضرب المصالح الإستراتيجية، ولذلك يجري حشد إمكانيات بشرية ولوجستية ضخمة على الشريط الحدودي، خاصة في الآونة الأخيرة. وتشترك الجزائر شريطا حدوديا يقدر بـ2400 كيلومتر مع مالي والنيجر، وهو ما يمثل تحديا حقيقيا لقواتها العسكرية والأمنية من أجل التحكم في الوضع، ومواجهة الاختراقات المحتملة لشبكات الهجرة السرية والجماعات المسلحة والاتجار في المخدرات والسلاح.
وتحدثت تقارير محلية عن ضبط وتوقيف كميات معتبرة من الكوكايين والحبوب المهلوسة في الآونة الأخيرة، قدرت بنحو 60 كيلوغراما من الكوكايين، وثلاثة ملايين حبة مهلوسة، وهو ما اعتبره مختصون محاولة لإغراق البلاد والمساس بالتماسك الاجتماعي، ولم يستبعد هؤلاء وجود جهات معينة تقف وراء ذلك.
ولأول مرة منذ عقود يصل عمل الجيش المالي إلى مناطق الشمال وغير بعيد عن الشريط الحدودي، حيث نفذ عمليات برية وأخرى جوية بالطائرات المسيرة ضد معاقل الحركات الأزوادية، وهو ما يعتبر تهديدا مبطنا في ظل غياب التنسيق بين الطرفين، وتداعيات ذلك على حياة السكان المحليين الذين يضطرون للنزوح إلى التراب الجزائري.