الروائي فيصل الشريف: عصر القراءة لوحده لم يعد يجدي كثيرا

"الكوفية" رواية واقعية عن القضية الفلسطينية ومعاناة أهالي غزة.
السبت 2024/02/10
الكوفية جزء لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية

انطلاقا من سردية القضية الفلسطينية الممتدة عبر عقود، ومن قصص خاصة وقعت أحداثها في قطاع غزة، جاءت فكرة رواية “الكوفية” للكاتب الليبي فيصل الشريف، التي تبدو شديدة التعبير عن الواقع الراهن، لكنه يرى أن الورق لوحده غير كاف لإيصال رسالته بل هو يسعى لتصويرها في عمل درامي أو سينمائي انطلاقا من إيمانه بأن الصورة والصوت قادران أكثر على التأثير في المتلقي.

طرابلس - يسعى الروائي الليبي فيصل الشريف إلى إنتاج روايته “الكوفية” على شكل عمل سينمائي، دعما للقضية الفلسطينية، ولإيصال الرسالة التي تحملها الرواية التي تتخذ من الكوفية الفلسطينية رمزًا لها وللمقاومة.

ويقول الروائي الليبي إنه يدرك أن عصر القراءة لوحده لم يعد يجدي كثيرًا، وأن الإخراج السينمائي هو الذي سيوصل الرسالة التي تحملها الرواية التي كتبها، ما دفعه للتفكير في تصوير فيلم سينمائي من الرواية.

وكان منطلق فكرة كتابة رواية “الكوفية” عام 2020، أن تكون “شكلا من أشكال الدفاع عن قضية فلسطين والمسجد الأقصى والمقاومة في غزة”، وفق الشريف.

ويواصل الكاتب قائلا إن ما حدث في غزة طوال عقود من الزمن من “محاولات لفك الحصار عنها، وعلى رأسها ما حدث مع سفينة مرمرة وما نتج عنه من مأساة تسبب فيها الاحتلال الإسرائيلي الغاصب الذي عُرف بجرائمه ومذابحه”، كانت أيضا من الأمور التي ألهمته لكتابة الرواية.

ي

وفي 31 مايو 2010، شن سلاح البحرية الإسرائيلي هجومًا على سفينة “مافي مرمرة”، في المياه الدولية قرب شواطئ قطاع غزة، وأسفر الهجوم عن استشهاد 10 متضامنين أتراك.

وكانت “مافي مرمرة” ضمن “أسطول الحرية”، وهو مجموعة من 6 سفن حملت على متنها نحو 10 آلاف طن من مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية، إضافة إلى نحو 750 ناشطا حقوقيا وسياسيا، بينهم صحافيون يمثلون وسائل إعلام دولية.

وتابع الشريف في حديثه “لهذا كانت الرواية تراودني، وجمعت التأثر بالمقاومة وكذلك ما حدث مع ناشطة السلام الأميركية راشيل كوري التي قتلها الاحتلال بمجزرة عندما كانت تتصدى لمحاولة منع جرف منزل عائلة فلسطينية في مدينة رفح”.

ولقت كوري حتفها عام 2003، بعد أن دهستها جرافة إسرائيلية كانت تقوم بأعمال هدم لمنازل فلسطينيين بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وكانت الحقوقية الأميركية كوري ترتدي آنذاك بزّتها البرتقالية، للتعريف عن نفسها بأنها ناشطة حقوقية أجنبية، وحاولت رفقة ثمانية من زملائها في حركة التضامن الدولية، وهم وفق تقرير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، خمسة أميركيين وثلاثة بريطانيين، منع جرافة عسكرية تابعة لقوات الاحتلال من هدم المنازل في مدينة رفح.

وأوضح الشريف “بمجرد الاطلاع على الرواية تجد أنها أعدت بطريقة السيناريو والحوار بين شخصياتها، فهي جاهزة من حيث الأدوار لتصويرها فيلما سينمائيا”.

وعن التحضير لإنتاج الفيلم قال إنه ينتظر أن تتولاه جهة تتبنى الفكرة، وإنه يبحث عن منتج للعمل لإخراجه بشكل فيلم أو عمل درامي.

الرواية شكل من أشكال الدفاع عن قضية فلسطين والمسجد الأقصى والمقاومة في غزة وجمعت بين زمنين مختلفين

وأوضح الشريف أن “الرواية جمعت بين زمنين مختلفين؛ هما زمن حادثة سفينة مرمرة وزمن حادثة مقتل كوري، وتم استحضار الزمنين لزمن واحد لأقوم بنسج سيناريو وحوار داخل رواية أطلقت عليها اسم الكوفية”.

والشخصية الرئيسية البطلة في الرواية هي راشيل كوري، إضافة إلى شخصية تخيلية لطبيب تركي يعمل بالهلال الأحمر، وشخصية تخيلية لطفل غزاوي فقد ساقه واستمر في مقاومة الاحتلال.

وقال الشريف “نحن في عصر الصوت والصورة والأفلام والمسلسلات والدراما، وهي ذات أثر بالغ وتأثير عميق في نفوس المتلقين. كما أن الدراما  تعيد غرس القيم وتجددها في الأجيال لترسخ أكثر من خلال إنتاج ما يمس قضايانا”.

ويأمل الكاتب الليبي أن يجد فرصة لتحويل روايته إلى فيلم أو مسلسل بدعم تركي، فهو يرى أن تركيا “تحتل مراتب متقدمة بإنتاج المسلسلات التاريخية ذات القيمة والهوية والتي جذبت عشرات الملايين من الناس في العالم العربي والإسلامي وحتى من العالم الغربي. وهذا يعود للتطور اللافت في مسيرة الإنتاج التركي الإبداعي في عالم السينما والدراما والمسلسلات التي استطاعت أن تحتل المكانة الأبرز عالميًّا، وبالتالي إذا تبنت تركيا هكذا رواية لإنتاجها على هيئة فيلم سينمائي سيسهم في تقديم رسائل الرواية للعالم بشكل منفرد ومؤثر”.

الكوفية لا تعترف بالحدود، ويرتديها الفلسطينيون في الشتات والمنافي البعيدة، كما يرتديها المناصرون للقضية الفلسطينية في أنحاء العالم

وأردف “إنتاج هذه الرواية سينمائيا ستكون له قيمة وسوف تصل رسالتها إلى كل بيت ليدرك العالم قيمة مقاومة الشعب الفلسطيني وتضحياته، كذلك فإن الإنسانية حاضرة بكل معانيها من خلال الناشطة الأميركية التي جسدت شخصية البطولة في الرواية”.

وأعرب الشريف عن تمنياته بأن “تساهم رواية الكوفية في إيصال رسائلها التي تمنح الأمل من عمق الألم، وأن المقاومة التي ترتبط بحق شعب محاصر يضحي لأجل أرضه ومقدساته لا بد لها من أن تنتصر يومًا”.

وتابع الشريف قائلا “راية المقاومة الفلسطينية ستنتقل من جيل إلى جيل حتى يتحقق انتصار هذا الشعب وتُتوج تضحياته وصبره بدولته المستقلة المنشودة”.

وتعدّ الكوفية الفلسطينية بلونها الأبيض ونقوشها السوداء رمزا للقضية الفلسطينية، ويتم ارتداؤها عادة حول الرقبة أو فوق الرأس، وهي شكل من أشكال الحفاظ على الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني، ولا تزال حاضرةً منذ نحو قرنٍ من الزمن شاهدةٍ على تجذّر الشعب في أرضه واحتفاظه بعاداته وتقاليده.

والكوفية لا تعترف بالحدود، ويرتديها الفلسطينيون في الشتات والمنافي البعيدة، كما يرتديها المناصرون للقضية الفلسطينية في أنحاء العالم كافة وبات حضور الكوفية والشماغ أمرا أساسيا، ويشكل ارتداؤهما مظهراً من مظاهر التأييد للقضية الفلسطينية.

والروائي الشريف بدأ مسيرة كتابة الروايات عام 2008، وأبرز ما كتب روايات “ذكريات” و”الوفاء الأبدي” و”كذبة السرب”، و”الكوفية”، إلى جانب أعمال كثيرة في مجال الشعر ومنها ما ترجم للإنجليزية والتركية والفرنسية.

13