أمن الحدود واتفاقية سنجار يتصدران مباحثات أربيل وأنقرة

رئيس حكومة كردستان العراق يجدد تأكيده لوزير الدفاع التركي بأنه لن يسمح بأن يشكّل أو أن يكون الإقليم مصدر تهديد للدول المجاورة.
الأربعاء 2024/02/07
تحالف الأضداد

أربيل - شملت التحرّكات المكثفة التي بدأها وزير الدفاع التركي يشار غولر في العراق إقليم كردستان، حيث التقى اليوم الأربعاء برئيس حكومة الإقليم مسرور برزاني، وتبادل معه وجهات النظر في ملفات مختلفة أبرزها الوضع الأمني على الحدود واتفاقية سنجار.

وبدأ غولر منذ الثلاثاء بعقد سلسلة من الاجتماعات مع عدد من المسؤولين العراقيين شملت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الرئيس العراقي عبداللطيف ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، قبل أن يتوجه مساء إلى أربيل حيث أجرى اليوم الأربعاء مباحثات مع رئيس إقليم كردستان نيجرفان برزاني ومن المنتظر أن يجتمع برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني.

وتأتي زيارة غولر بعد نحو أسبوعين من زيارتين متتاليتين قام بهما رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن إلى بغداد وأربيل، وأيضا بعد نحو ثلاثة أشهر من زيارته الأخيرة حيث أجرى زيارة تفقدية للقوات التركية على الحدود الشرقية المجاورة للعراق.

كما تأتي في وقت صعّدت فيه القوات التركية من عملياتها العسكرية ضدّ مقاتلي حزب العمّال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، بالتوازي مع تركيز لافت للخطاب السياسي التركي على المشروع الاقتصادي المشترك مع العراق المتمثّل في ربط منطقة الحدود التركية بمياه الخليج في جنوب العراق بطريق سريعة من عدّة مسارات وبخط سكك حديدية تحت مسمى "طريق التنمية".

ويتوقع أن يكون غولر بصدد طرح خطّة أمنية كبيرة على العراقيين تقوم على التعاون بين أنقرة وبغداد وأربيل لإنهاء وجود مقاتلي حزب العمّال الكردستاني على الأراضي العراقية بشكل كامل وإزالة أي تهديد محتمل من قبل الحزب للمشروع الذي تعبر أجزاء منه بمناطق يتواجد فيها مسلّحوه.

ورغم اتساع العمليات العسكرية التركية وتوسّعها بشكل كبير داخل الأراضي العراقية وشمولها إقامة قواعد ثابتة ومدّ طرقات تربط بينها وبين الأراضي التركية، إلاّ أنّ السلطات العراقية لم تبد اعتراضا جدّيا على تلك العمليات يتجاوز مجرّد إطلاق احتجاجات لفظية باهتة أوحت بوجود ضوء أخضر عراقي غير معلن للقوات التركية لمواصلة عملياتها ضد الحزب في مناطق شمال العراق.

وتعوّل تركيا في حربها ضدّ حزب العمال الكردستاني أيضا على تحالفها مع قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني، في ظل خلافاتها بشأن الملف نفسه مع قيادات الاتّحاد الوطني الكردستاني المتّهمة من قبل أنقرة بالتواطؤ مع حزب العمال وفتح مناطق نفوذ الاتّحاد في محافظة السليمانية لعناصره.

وذكر بيان صادر عن رئاسة حكومة إقليم كردستان، أنه جرى في الاجتماع، التباحث بشأن الوضع العام في العراق، بالإضافة إلى مناقشة سبل تعزيز العلاقات الثنائية، مع التأكيد على أهمية مواصلة التنسيق والتعاون المشترك من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في إقليم كوردستان والعراق والمنطقة.

وأعرب وزير الدفاع التركي عن تعازيه ومواساته وتضامنه مع الضحايا التي اُزهقت أرواحهم في الهجوم الصاروخي غير المبرر على أربيل.

وشن الحرس الثوري الإيراني منتصف الشهر الماضي هجوما بصواريخ بالستية على أربيل الذي أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين في مناطق سكنية من بينهم رجل الأعمال الكردي الكبير بيشرو دزيي وعددا من أفراد أسرته.

ومن جانبه، عبّر رئيس الحكومة عن رغبة إقليم كردستان في توطيد العلاقات الثنائية على أساس حسن الجوار والمصالح المشتركة.

وأضاف أن إقليم كردستان سيظل دائماً عاملاً للأمن والاستقرار، ولن يسمح بأن يشكّل أو أن يكون مصدر تهديد للدول المجاورة.

وفي سياق آخر من الاجتماع، تناول الجانبان أهمية تنفيذ اتفاقية سنجار بما يشمل تطبيع الأوضاع في المنطقة، ويضمن عودة النازحين إلى ديارهم.

وتواجه الحكومة العراقية ضغوطا متزايدة لتطبيق اتفاق سنجار وفسح المجال أمام الآلاف من الإيزيديين للعودة إلى ديارهم، لكن مراقبين يستبعدون أن تستجيب حكومة محمد شياع السوداني لمثل هذه الضغوط في ظل تحفظات القوى الموالية لإيران.

ولا يزال نحو مئتي ألف نازح عراقي من الطائفة الإيزيدية، موزعين على مخيمات متفرقة في إقليم كردستان ضمن محافظات دهوك وأربيل، رغم مرور تسع سنوات على اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية لمنطقة سنجار التابعة لمحافظة نينوى.

وكان جرى طرد عناصر التنظيم الجهادي على يد البيشمركة الكردية في العام 2015، قبل أن تضطر الأخيرة إلى الانسحاب هي الأخرى من المنطقة في العام 2017 لتفسح المجال بذلك لسيطرة الميليشيات الشيعية.

وأبرمت الحكومة الاتحادية في العراق في التاسع من أكتوبر 2020، اتفاقا مع السلطات المحلية في إقليم كردستان، برعاية الأمم المتحدة والتحالف الدولي ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة، يقضي بتطبيع الأوضاع في سنجار.

وينص الاتفاق على إخراج الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المنطقة، تمهيدا لعودة نازحيها الذين لا يزال نحو ثمانين في المئة منهم يرفضون الرجوع بسبب توتر الأوضاع الأمنية في المدينة وسيطرة تلك الميليشيات عليها، إلى جانب وجود عناصر من حزب العمال الكردستاني، الذي حول سنجار إلى منطقة عمليات تركية أيضا.

وترفض الميليشيات على غرار "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"عصائب أهل الحق"، الانسحاب من المنطقة، وهو ما يجعل من تنفيذ الاتفاق أمرا صعبا على الرغم من وعود الحكومات المتعاقبة.

وتقع سنجار ضمن مثلث جغرافي يربط العراق بسوريا، وتقابلها مدينة الحسكة بالطرف السوري، وتخضع مساحات واسعة منها لنفوذ مسلحي حزب "العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة، الذي شكّل أجنحة وأذرعاً مسلحة محلية، إلى جانب تكثيف مقراته وتشييد أنفاق تحت المناطق الجبلية لتأمين الحماية من الغارات الجوية التركية، فضلاً عن وجود فصائل مسلحة أخرى فيها.