المستهلكون يدفعون ثمن المبالغة في إنتاج طاقة الرياح

لندن - بالغت العشرات من مزارع الرياح البريطانية التي تديرها بعض أكبر شركات الطاقة في أوروبا بشكل روتيني في تقدير كمية الطاقة التي ستنتجها، مما أضاف الملايين من الجنيهات الإسترلينية سنويا إلى فواتير الكهرباء للمستهلكين.
وجاءت هذه التقييمات التي خلصت إليها مجموعة من محللي وكالة بلومبرغ استنادا إلى سجلات السوق والمقابلات مع تجار الطاقة. وترتبط هذه التكاليف الإضافية بمشكلة متنامية تتعلق بشبكة الكهرباء القديمة في بريطانيا، ففي الأيام العاصفة، قد تؤدي زيادة طاقة الرياح إلى زيادة العبء على النظام، ويتعين على مشغلي الشبكة أن يستجيبوا من خلال الدفع لبعض الشركات حتى لا تقوم بالتوليد.
وقال الخبراء إن هذا “التقليص” يكلف المستهلكين مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية كل عام. وبالإضافة إلى هذه النفقات، يبالغ بعض مشغلي محطات الرياح في مقدار الكهرباء، التي يعتزمون إنتاجها، ما يعزز المدفوعات التي يتلقونها مقابل إيقاف التشغيل، وفقا لتجار وأكاديميين وخبراء في السوق اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم.
وفي الواقع، قالوا إن الشبكة دفعت لبعض مزارع الرياح مقابل عدم توليد الطاقة التي لم تكن لتنتجها على أي حال. وقامت بلومبرغ بتحليل 30 مليون سجل منذ عام 2018 حتى يونيو 2023 لمقارنة التوقعات اليومية لمشغلي طاقة الرياح للطاقة، التي خططوا لتوليدها مع إنتاجهم الفعلي عندما لم يتم تقليصها.
ومن بين 121 مزرعة رياح شملها التحليل، بالغت 40 مزرعة في تقدير إنتاجها بنسبة عشرة في المئة أو أكثر في المتوسط، و27 منها بالغت في تقدير إنتاجها بنسبة 20 في المئة على الأقل.
وادعت مزرعة الرياح فالاغو ريغ التابعة لشركة الكهرباء الفرنسية بالقرب من الحدود الأسكتلندية أنها ستولد طاقة أكثر بنسبة 27.1 في المئة مما فعلته خلال فترة تمتد خمس سنوات ونصف السنة.
وعلى بعد بضعة أميال فقط، أكد مسؤولو مزرعة الرياح كريستال ريغ 2 التابعة لشركة أولسن رينيوابلس أنها ستنتج طاقة أكثر بنسبة 35.5 في المئة مما توفره.
كما بالغت شركة فوتينت أنيرجي، المدعومة من قبل ذراع إدارة الأصول في بنك جي.بي مورغان، في تقدير الإنتاج في مزرعة فار للرياح بنسبة 28.7 في المئة.
وتقول أولسن إن الشركات تأخذ الامتثال للوائح السوق على محمل الجد وتعمل مع شركات خارجية لتقديم التوقعات. وذكرت ناتورال باور، وهي شركة استشارية تقدم خدمات التنبؤ لأولسن وشركة الكهرباء الفرنسية، إنها تتبع دائما “منهجية أفضل الممارسات في الصناعة”.
ومن المستحيل تحديد المبلغ الذي أنفقه دافعو الفواتير بدقة بسبب هذه المبالغة. ولكن بافتراض وجود معدل مماثل من المبالغة في التقدير خلال الأوقات التي تم فيها الدفع لتلك المزارع الأربعين مقابل التوقف عن الإنتاج، فإن المستهلكين سيدفعون مبالغ زائدة.
وقال غيثرو باول، وهو محاضر كبير في جامعة غلاسكو وخبير في التنبؤ بالطاقة، “إذا كنت تبالغ في التنبؤ بشكل منهجي بهامش كبير، فهذا أمر مثير للريبة”. وشدد على أنه يجب أن يكون متوسط الخطأ قريبا من الصفر، ويجب أن يكونوا أقل من المتوقع، كما هو الحال في الكثير من الأحيان، مثل المبالغة في التنبؤ.
وتحقق هيئة تنظيم الطاقة أوفجيم في الادعاءات القائلة بأن مزارع الرياح ربما أضافت بشكل غير صحيح ما يقرب من 51 مليون جنيه إسترليني إلى فواتير دافعي الضرائب منذ عام 2018. وطلبت من مشغل نظام الطاقة (إي.أس.أو) النظر في الأمر.
◙ بعض مشغلي محطات الرياح يبالغون في مقدار الكهرباء، التي يعتزمون إنتاجها، ما يعزز المدفوعات التي يتلقونها مقابل إيقاف التشغيل
وقال متحدث باسم شركة سيتي أي.أم إن “أوفجيم ستعمل بشكل وثيق مع إي.أس.أو للنظر في جميع الحقائق، وإذا وجدت دليلا على عمل فاضح أو إساءة استخدام السوق، فسوف تتبع إجراءات التنفيذ”.
وأضاف “سنواصل العمل لحماية سلامة السوق والمصالح الفضلى للمستهلكين، كما يتضح من القضايا الأخيرة التي خلصنا إليها ضد المولدات التي فرضت أسعارا باهظة وراء قيود النقل”.
ووصل تقرير بلومبرغ إلى آذان المسؤولين. وقال وكيل وزارة الخارجية البرلماني للشؤون النووية والشبكات أندرو باوي، ردا على النتائج التي توصل إليها، "من غير المقبول تماما المبالغة في فرض رسوم على فواتير الناس". وأضاف "يجب أن تعمل مولدات الطاقة البريطانية بأعلى المعايير".
وتبلغ القدرة التشغيلية للمملكة المتحدة الآن 13.7 غيغاواط، أي نحو 45 في المئة من إجمالي طاقة الرياح البحرية الأوروبية، و24 في المئة من إجمالي طاقة الرياح البحرية العالمية.
كما أن البلد الذي يواجه تداعيات بريكست حتى الآن، يفتخر بأكبر مزارع الرياح البحرية الحالية والمستقبلية في العالم، الأولى هي دوغر بنك قبالة ساحل يوركشاير، والأخيرة هي هورنسي 3، التي من المقرر أن تقوم شركة الطاقة الدنماركية العملاقة أورستد ببنائها.