واشنطن تضرب 85 هدفا في سوريا والعراق ردا على هجوم الأردن

دمشق تقول إن الاحتلال الأميركي لا يمكن أن يستمر بعد الغارات التي قتلت عددا من المدنيين والعسكريين، فيما نفت بغداد التنسيق المسبق للضربات مؤكدة مقتل 16 بينهم مدنيون.
السبت 2024/02/03
العراق وسوريا ينددان بالضربات الأميركية

واشنطن - بدأت الولايات المتحدة تنفيذ ضربات انتقامية مساء الجمعة وفجر السبت في العراق وسوريا ضد منشآت مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني والفصائل التي يدعمها بعد هجوم في الأردن أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة نحو 40 آخرين.

ويُعتقد بأن الضربات ليست سوى موجة أولى من رد إدارة الرئيس جو بايدن على هجمات مطلع الأسبوع الماضي التي نفذها مسلحون مدعومون من إيران.

ولم تستهدف الضربات الأميركية أي مواقع داخل إيران، لكن يرجح أن تذكي مخاوف تصاعد التوتر في الشرق الأوسط نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بيانا لوزارة الدفاع أفاد بمقتل "عدد من المدنيين والعسكرين وإصابة آخرين بجروح وأضرار كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة".

وأضاف البيان أن "احتلال القوات الأميركية لأجزاء من الأراضي السورية لا يمكن أن يستمر"، مؤكداً استمرار القوات السورية في حربها "ضد الإرهاب حتى القضاء عليه" وتحرير كامل الأراضي "من كل إرهاب واحتلال".

ودانت دمشق السبت "الانتهاك الأميركي السافر"، وقالت إنها "ترفض رفضاً قاطعاً كل الذرائع والأكاذيب التي روجت لها الإدارة الأميركية لتبرير هذا الاعتداء".

ورأت وزارة الخارجية السورية في بيان أن " ما ارتكبته (واشنطن) يصبّ في تأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط على نحو خطير للغاية".

وأشارت إلى أن "هذا الانتهاك الجديد لسيادة البلاد يندرج ضمن سلسلة الانتهاكات التي دأبت الولايات المتحدة الأميركية على ارتكابها في سوريا".

وفي وقت سابق أعلن الجيش الأميركي في بيان أن الضربات قصفت أهدافا تشمل مراكز قيادة وتحكم ومنشآت لتخزين صواريخ وقذائف وطائرات مسيرة وكذلك منشآت لوجيستيات وسلاسل إمداد ذخيرة.

وأضاف الجيش أن الضربات استهدفت 85 هدفا في سبعة مواقع، أربعة في سوريا وثلاثة في العراق، وشملت استخدام قاذفات بي-1 طويلة المدى التي انطلقت من الولايات المتحدة.

واستهدفت الضربات فيلق القدس، الجناح المسؤول عن العمليات الخارجية والذراع شبه العسكرية للحرس الثوري الإيراني الذي له نفوذ قوي على الفصائل المتحالفة معه في الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان والعراق واليمن وسوريا.

وقال اللفتنانت جنرال دوغلاس سيمز، مدير العمليات بهيئة الأركان المشتركة الأميركية إن الضربات كانت ناجحة على ما يبدو وأدت إلى انفجارات ثانوية كبيرة عندما أصاب القصف أسلحة المسلحين، على الرغم من أنه لم يتضح ما إذا كان أي مسلحين قتلوا.

لكنه أضاف أن الضربات نُفذت مع العلم أنه من المحتمل أن يكون هناك قتلى بين الموجودين في المنشآت. وأوضح أن الطقس عامل أساسي في توقيت العملية.

وأفادت مصادر بأن معظم المواقع التي استهدفها القصف الأميركي في مدن حدودية بالعراق وسوريا أُخليت بالكامل قبل شنّ العدوان.

وقالت المصادر، لقناة "الميادين" اللبنانية المقربة من إيران نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم السبت، إنّ "العدوان طال مدن دير الزور والميادين والبوكمال، وبلدات تابعة لها، شرقي سوريا".

وأفادت المصادر بأنّ "العدوان الأميركي تركز على محافظة دير الزور شرقي سوريا، وطال مواقع في شارع بور سعيد في مدينة دير الزور، إضافةً إلى حويجة صكر وعيّاش وهرابش والجفرة في ريف المدينة".

وطبقا للمصادر، "شمل العدوان الأميركي مواقع في بلدة الهري ومعبر السكك والهجانة في مجينة البوكمال قرب الحدود السورية مع العراق، وطاولت الاستهدافات حي الحمدانية وصوامع الحبوب ومحيط مزار عين علي في مدينة الميادين".

إلى ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة، بمقتل 18 مقاتلاً موالين لإيران على الأقل في ضربات أميركية شرق سوريا.

وأوضح أن "18 مقاتلاً موالين لإيران على الأقل قتلوا" في ضربات جوية شرق سوريا، 5 منهم في دير الزور.

قاذفات بي-1 والطقس الجيد تحضيرات أميركية قبل الضربات
قاذفات بي-1 والطقس الجيد تحضيرات أميركية قبل الضربات

أما في العراق، فقد استهدفت ضربات مواقع فصائل مسلحة موالية لإيران في غرب البلاد، خصوصاً منطقتي عكاشات والقائم الواقعة عند الحدود مع سوريا،  فيما قال مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم السبت إن 16 شخصا، بينهم مدنيون، قتلوا وأصيب 25 آخرون في الغارات.

وأدان المكتب في بيان الغارات ووصفها بأنها "عدوان جديد على سيادة العراق" ونفى وجود تنسيق مسبق بين واشنطن وحكومة بغداد واصفا هذه التأكيدات بأنها "ادعاء كاذب يستهدف تضليل الرأي العام الدولي".

وأضاف البيان أن وجود التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في المنطقة "صار سببا لتهديد الأمن والاستقرار في العراق ومبررا لإقحام العراق في الصراعات الإقليمية والدولية".

ومن جانبه، قال المتحدث باسم الجيش العراقي يحيى رسول في بيان "هذه الضربات تعد خرقا للسيادة العراقية وتقويضا لجهود الحكومة العراقية وتهديدا يجر العراق والمنطقة إلى ما لا يحمد عقباه ونتائجه ستكون وخيمة على الامن والاستقرار في العراق والمنطقة".

وأعلنت وزارة الخارجية العراقية السبت انها سوف تستدعي القائم باعمال السفارة الأميركية في بغداد احتجاجاً على الضربات التي نفذتها واشنطن ليل الجمعة السبت على مواقع لجماعات مسلحة موالية لإيران بغرب البلاد.

وقالت الوزارة في بيان إن الخارجية "ستقوم باستدعاء القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد ديفيد بيركر لعدم تواجد السفيرة الأميركية، لتسليمه مذكرة احتجاج رسمية بشأن الاعتداء الأميركي الذي طال مواقع عسكرية ومدنية في منطقتي عكاشات والقائم".

وشددت الرئاسة العراقية السبت على "أهمية عقد اجتماع طارئ للرئاسات (الثلاث) والكتل السياسية لبحث العدوان الأميركي على البلاد".
وقالت "نؤكد أهمية عقد اجتماع طارئ للرئاسات والكتل السياسية لبحث العدوان الذي تعرضت له مدينة القائم في محافظة الأنبار ومناطق حدودية عراقية أخرى غربي البلاد من قبل الولايات المتحدة" مضيفة في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "واع"، أن الهجوم الأميركي "مثل انتهاكا صارخا للسيادة العراقية".
وتابعت أن "العدوان يأتي رغم إعلان الحكومة العراقية غير مرة رفضها لمثل هذه الأعمال، كما أن هذه الهجمات تعمل على تصعيد التوتر وتهدد أمن واستقرار المنطقة".
وذكرت أن "العراق أبدى رغبة واضحة في تنظيم عمل التحالف الدولي من خلال جولة من المحادثات، إلا أن هجمات الأمس ستقوّض فرص نجاح المفاوضات الجارية، حيث إن العنف لا يولّد إلا العنف والتأزيم" داعية جميع الأطراف إلى "تحمّل مسؤولياتها الوطنية تجاه ما يتعرض له البلد من مخاطر وتهديدات منذ أشهر قد يؤدي استمرارها إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتُعرض حياة المواطنين وسلامتهم إلى الخطر".
وجددت تأكيد "أهمية عقد اجتماع طارئ للرئاسات والكتل السياسية لبحث هذه التطورات والتداعيات واتخاذ مواقف واضحة وموحدة تحفظ كرامة البلد وسيادته وأمن
المواطنين".

وكانت قيادة عمليات الأنبار للحشد الشعبي قد أفادت، في وقت سابق من صباح السبت، بسقوط أكثر من 40 عنصرا من الحشد بين ضحية وجريح حصيلة القصف الأميركي الذي استهدف مواقع لهم في المحافظة التي تقع غربي العراق.

وقالت القيادة في بيان نشرته، إنها "ولواء 13 الطفوف تزف 16 شهيدا و25 جريحا اثر العدوان الأميركي الجبان على قاطع عمليات الانبار للحشد".

واتفقت بغداد وواشنطن على تشكيل لجنة لبدء محادثات بخصوص مستقبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق بهدف وضع إطار زمني لانسحاب على مراحل للقوات وإنهاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.

قد تزيد هذه الضربات من تعقيدات وجود القوات الأميركية في العراق.

وأكّد البيت الأبيض من جهته أنّ الولايات المتحدة أبلغت الحكومة العراقيّة قبل تنفيذ الضربات الانتقاميّة الجمعة. وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي "لقد أبلغنا الحكومة العراقيّة" بذلك مسبقا.

وتحدّث مسؤول في وزارة الداخليّة العراقيّة لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم كشف هويّته عن "استهداف أحد مقارّ الفصائل المسلّحة ضمن منطقة القائم"، لافتا إلى أنّ المُستهدف في الضربة هو "مخزن للسلاح الخفيف بحسب معلومات أوليّة". وأفاد المسؤول بإصابة "ثمانية مدنيّين" في هذه المنطقة.

واستهدفت ضربة ثانية مركز قيادة للعمليّات تابعا للحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلّحة باتت منضوية في القوّات الرسميّة العراقيّة، في منطقة العكاشات الواقعة إلى الجنوب والقريبة من الحدود.

وأكّد مسؤول في الحشد الشعبي لوكالة الصحافة الفرنسية، تحدّث أيضا شريطة عدم كشف هويته، حصول الضربتين، الأولى في منطقة القائم واستهدفت بحسب قوله موقعا لكتائب حزب الله، في حين أنّ الضربة الثانية في العكاشات قد أسفرت عن "سقوط جرحى".

ونددت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم السبت بالضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة الليلة الماضية في العراق وسوريا ووصفتها بأنها "انتهاكات لسيادة ووحدة أراضي" البلدين.

وقال المتحدث باسم الوزارة ناصر كنعاني في بيان إن الهجمات تمثل "خطأ خطيرا واستراتيجيا للولايات المتحدة سيؤدي فقط لزيادة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة".

ودعا منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل السبت جميع الأطراف إلى تجنب مزيد من التصعيد في الشرق الأوسط بعد ضربات الأميركية.

وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل إن "على الجميع أن يحاولوا تجنب أن يصبح الوضع متفجرا".

ولم يذكر بوريل الضربات الأميركية بشكل مباشر لكنه حذر مجددا من أن الشرق الأوسط "مرجل يمكن أن ينفجر".

وأشار إلى الحرب في غزة والمواجهات على الحدود اللبنانية والقصف في العراق وسوريا والهجمات على سفن في البحر الأحمر. وقال "لهذا السبب ندعو الجميع لمحاولة تجنب التصعيد".

وفي المقابل، وصفت بريطانيا السبت الولايات المتحدة بأنها حليف "راسخ" وقالت إنها تدعم حق واشنطن في الرد على الهجمات.

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية في بيان "المملكة المتحدة والولايات المتحدة حليفتان راسختان. لن نعلق على عملياتهم، لكننا ندعم حقهم في الرد على الهجمات".

وأضاف "نندد منذ فترة طويلة بنشاط إيران المزعزع للاستقرار في أنحاء المنطقة، بما في ذلك دعمها السياسي والمالي والعسكري لعدد من الجماعات المسلحة".

وأعلنت كتائب حزب الله العراقية، التي تتهمها الولايات المتحدة بالمسؤولية عن هجوم الأردن، الثلاثاء أنها ستعلق هجماتها على القوات الأميركية.

لكن جماعة أخرى مدعومة من إيران هي حركة النجباء ذكرت أنها ستواصل شن الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة لحين انتهاء الحرب في غزة وخروج القوات الأميركية من العراق.

وكانت واشنطن توعّدت بشن ضربات انتقاميّة، ردا على هجوم بمسيّرة على قاعدة في الأردن قرب الحدود السوريّة أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيّين.

ومنذ تفجر الحرب بين إسرائيل وحركة حماس بقطاع غزة، تصاعد التوتر بشكل عام في المنطقة وعلى عدة جبهات من العراق إلى سوريا فاليمن ولبنان، حيث تتواجد فصائل مسلحة موالية لإيران ومدعومة منها.

وتعرّضت القوّات الأميركيّة وقوّات التحالف الدولي في العراق وسوريا لأكثر من 165 هجوما منذ منتصف أكتوبر، تبنّت العديد منها "المقاومة الإسلاميّة في العراق"، وهي تحالف فصائل مسلّحة مدعومة من إيران يُعارض الدعم الأميركي لإسرائيل في الحرب بغزّة ووجود القوّات الأميركيّة في المنطقة.

في المقابل، نفذت القوات الأميركية أكثر من ضربة في البلدين على مقرات تلك المجموعات المسلحة، متوعدة بالمزيد إذا استمرت الهجمات.

وكان هجوم الأردن هو أول هجوم يسقط فيه قتلى في القوات الأميركية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر تشرين الأول وشكل تصعيدا كبيرا في التوتر.

وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة قدرت أن الطائرة المسيرة التي قتلت الجنود الثلاثة إيرانية الصنع.

وقال بايدن في بيان "ردنا بدأ اليوم وسيستمر في الأوقات والأماكن التي نحددها". وفي وقت سابق الجمعة حضر بايدن وقادة في وزارة الدفاع مراسم وصول رفات الجنود الأميركيين الثلاثة إلى قاعدة دوفر للقوات الجوية في ديلاوير.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن بايدن أصدر تعليمات بالمزيد من التحرك ضد الحرس الثوري الإيراني والجماعات المرتبطة به. وأضاف "هذه بداية ردنا".

لكن وزارة الدفاع قالت إنها لا تريد حربا مع إيران ولا تعتقد أن طهران تريد حربا كذلك، على الرغم من تزايد ضغوط الجمهوريين على بايدن لتنفيذ ضربة مباشرة على إيران.

وقال أوستن "لا نريد صراعا في الشرق الأوسط أو أي مكان آخر لكن الرئيس وأنا لن نتهاون مع أي هجمات على القوات الأميركية".

وانتقد روغر ويكر كبير الجمهوريين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بايدن لتقاعسه في تكبيد إيران خسائر كبيرة بما يكفي والتأخر كثيرا في الرد.

وأضاف "أمضت إدارة بايدن ما يقرب من أسبوع في إبلاغ خصومنا بنوايا الولايات المتحدة بحماقة، مما منحهم الوقت للانتقال والاختباء".

وقبل الضربات الانتقامية قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الجمعة إن إيران لن تبدأ حربا لكنها "سترد بقوة" على كل من يستأسد عليها.

ومن جانبه، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن إدارة بايدن لم تتواصل مع إيران منذ هجوم الأردن.

ويساعد المستشارون الإيرانيون الجماعات المسلحة في كل من العراق، حيث تنشر الولايات المتحدة نحو 2500 جندي، وفي سوريا، حيث يوجد 900 جندي أميركي.

وفي الآونة الأخيرة بدأ الحرس الثوري الإيراني في سحب كبار ضباطه من سوريا بسبب موجة من الهجمات الإسرائيلية التي أسفرت عن سقوط قتلى.