الجزائر توسع منافذ تعظيم حصتها في سوق الغاز الأوروبية

سوناطراك تتطلع إلى ضمان تدعيم حضورها في أسواق أوروبا، مع توسيع أنشطتها في مجالات أخرى من الطاقة، بما في ذلك الهيدروجين.
السبت 2024/02/03
الأجواء مواتية لنقل الشحنة

يرى محللون أن مساعي الجزائر لتعزيز مبيعات الغاز في أسواق أوروبا عبر ذراعها سوناطراك مؤشر على إصرارها على تعظيم حصتها في القطاع، من خلال إبرام صفقات جديدة طويلة الأجل قد تغذي المنافسة على الحصص مع كبار المنتجين.

الجزائر - تبذل شركة سوناطراك الجزائرية جهودا كبيرة لتعزيز عملياتها التجارية من الغاز الطبيعي المسال لجني المزيد من الإيرادات وإثبات أن البلد مصدر موثوق للإمدادات.

وتتطلع الشركة المملوكة للدولة ضمن إستراتيجيتها التوسعية إلى ضمان تدعيم حضورها في أسواق أوروبا، مع توسيع أنشطتها في مجالات أخرى من الطاقة، بما في ذلك الهيدروجين.

وفي تحرك جديد لتنفيذ خططها، أبرمت سوناطراك الأربعاء الماضي اتفاقية مع شركة غرين أل.إن.جي البريطانية لتعزيز صادرات الغاز بآجال طويلة نحو سوق المملكة المتحدة.

وقالت في بيان نشرته على حسابها في فيسبوك إن الاتفاقية تهدف “لتوسيع قدرات تخزين وإعادة إمداد بالغاز على المدى الطويل، على مستوى المحطة التابعة للشركة البريطانية، وذلك اعتبارا من يناير 2029”.

ولم تذكر سوناطراك قيمة الصفقة، لكنها أشارت إلى أن الاتفاقية من شأنها رفع قدرة استيراد المحطة الواقعة بجزيرة غرينلاند شرق بريطانيا إلى حوالي 3 ملايين طن سنويا من الغاز.

وتعد الاتفاقية الأولى التي توقّع في إطار عملية المزاد التنافسي التي أطلقتها غرين أل.إن.جي في سبتمبر الماضي، حيث أن نجاح العملية “يضمن مستقبل أكبر محطة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في أوروبا خلال العقد المقبل”، وفق البيان.

معيوف بلقاسم: الاتفاقية مع غرين أل.إن.جي تعزز مكانتنا كمورد لبريطانيا
معيوف بلقاسم: الاتفاقية مع غرين أل.إن.جي تعزز مكانتنا كمورد لبريطانيا

وتشهد محطة غرين للغاز أعمالا توسعية بهدف تخزين وضمان الإمداد بالكميات اللازمة من الغاز، لتوفير ما يُقدر بـ33 في المئة من احتياجات المملكة المتحدة من الغاز المسال.

وقال نائب الرئيس التنفيذي المكلف بنشاط التسويق في سوناطراك معيوف بلقاسم، إن الشركة “تأمل في أن يواصل الغاز المسال لعب دور أساسي في الحفاظ على النشاط الاقتصادي وضمان إمدادات الطاقة عبر العالم”.

وأكد أنه من خلال التوقيع على الاتفاقية “نعرب عن رغبتنا في تعزيز مكانتنا كشريك طويل الأمد لشركة غرين أل.إن.جي وكمساهم مميز في ضمان أمن إمدادات الغاز للمملكة المتحدة”.

وأشار بلقاسم إلى أن الاتفاقية تقدم للشركة إمكانية وصول مضمون إلى أكبر محطة لاستيراد الغاز المسال في أوروبا، مما سيساهم في تعزيز إستراتيجية التسويق طويلة المدى، والتي تهدف إلى تنويع أسواقها.

وخلال تخلي أوروبا عن الغاز الروسي تحت ضغط العقوبات الأميركية بسبب الحرب في أوكرانيا، سعت الجزائر لتقديم نفسها بديلا موثوقا به وتوصلت إلى تفاهمات مع فرنسا وإيطاليا.

ووقعت سوناطراك سابقا عقودا لتوريد كميات إضافية من الغاز إلى إيطاليا، تصل إلى 9 مليارات متر مكعب سنويا، إضافة إلى تزويد سلوفينيا بالغاز لأول مرة منذ 2012، بكميات سنوية تفوق 300 مليون متر مكعب.

لكن الأوروبيين يتشككون في أن تكون الجزائر شريكا موثوقا به وقادرا على تأمين الإمدادات بشكل دائم، بسبب اختلاط الاتفاقيات الاقتصادية بالموقف السياسي لدى السلطات الجزائرية، مثل ما جرى مع إسبانيا والمغرب.

ومع ذلك، تدفع مؤشرات زيادة مستوى صادرات الغاز الجزائري في ظل الأسعار المرتفعة المتابعين لطرح توقعات متفائلة بجني البلد المزيد من الإيرادات شريطة أن تُحسن السلطات إنفاقها على التنمية والحماية الاجتماعية.

ويقود تنامي الطلب كبار اللاعبين لإعادة ترتيب تسويق حصصهم ولتحقيق أكبر ما يمكن من الإيرادات خاصة في ظل تراجع الاستثمارات في القطاع والتوترات الجيوسياسية، وهو جعل الأسعار في مستويات مرتفعة.

وتلبي الإمدادات الجزائرية أكثر من ربع الطلب على الغاز في إسبانيا وإيطاليا، وجاءت سوناطراك بعد إكيونور النرويجية، كأكبر مصدر لأوروبا.

وتأتي خطط زيادة الامدادات كذلك وسط منافسة من قبل موردين آخرين باتوا يفكرون في دخول السوق الأوروبية مثل شركة أدنوك الإماراتية.

◙ 19 في المئة حصة سوناطراك في 2023 بعد إكيونور وفق منتدى الدول المصدرة للغاز

وكشف تقرير حديث لمنتدى الدول المصدرة للغاز (جي.إي.سي.أف) أن الجزائر كانت في طليعة الدول التي ضخت الإمدادات عن طريق الأنابيب نحو الاتحاد الأوروبي عام 2023، وأنها حققت ارتفاعا هاما وكبيرا في صادراتها.

واستحوذ البلد العضو في منظمة أوبك العام الماضي على حصة 19 في المئة من الغاز الطبيعي واحتل المرتبة الثانية بعد النرويج بحصة 54 في المئة، فيما حلت روسيا في المرتبة الثالثة بحصة 17 في المئة.

وأظهر التقرير، وفقا لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن المعدل الشهري لصادرات الجزائر نحو أوروبا بلغ 2.41 مليار متر مكعب، مقابل متوسط بنحو 7 مليار متر مكعب للنرويج و2.3 مليار متر مكعب لروسيا.

واستورد الأوروبيون 155 مليار متر مكعب من الغاز في 2023، ما يمثل عجزا بحوالي 23 في المئة مقارنة بما تم استيراده قبل عام.

وأشار المنتدى في تقريره إلى أن العدد الإجمالي لشحنات الغاز المسال على مستوى العالم بلغ أكثر من 6266 شحنة عام 2023، حيث احتلت الولايات المتحدة الصدارة بنحو 123 شحنة، ثم الجزائر في المرتبة الثانية بحوالي 54 شحنة.

ولفت إلى أن النرويج سجلت أكبر نسبة ارتفاع في صادرات الغاز المسال بنسبة 59 في المئة، تلتها الجزائر بنسبة 25 في المئة ثم البيرو بنسبة 22 في المئة.

وتنتج الجزائر نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، تصدر منها 56 مليار متر مكعب، وتستهلك نحو 50 أخرى في السوق المحلية، والبقية يعاد ضخها في الآبار النفطية والغازية بهدف زيادة مردوديتها.

10