"تمكين".. برنامج اقتصادي يعزز صمود المرأة التونسية ويخرجها من دائرة العنف

60 في المئة من النساء ضحايا العنف عاطلات أو ليس لهن عمل قار.
الخميس 2024/02/01
الهشاشة الاقتصادية السبب الرئيسي للعنف ضد النساء

تعي الحكومة التونسية أن الإدماج الاقتصادي، ومعالجة وضعية الفقر التي تمر بها النساء، من شأنه أن يقلص بشكل كبير من حجم العنف المسلط على المرأة بالمجتمع، لذلك عملت السلطات المختصة على استحداث برنامج “صامدة” للتمكين الاقتصادي للنساء من أجل مساعدة المعنفات منهن على بعث مشاريعهن الخاصة والاستقلال المادي ما يجنبهن الدخول في دائرة العنف.

تونس ـ تسعى السلطات التونسية لتطويق ظاهرة العنف ضد النساء، وذلك بإدماجهن في الدورة الاقتصادية حتى لا يبقين عاطلات عن العمل ما يزيد من تعرضهن للعنف والتهميش والتمييز.

وتشير البيانات الصادرة عن وزارة المرأة التونسية إلى أن جل النساء المعنفات كن في حالة بطالة وهشاشة اجتماعية.

وقالت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى إن “وجود نساء خارج الدورة الاقتصادية يعرضهن للعنف”، مشيرة إلى أن 60 في المئة من ضحايا العنف بين النساء في حالة بطالة أو ليس لهن عمل قار.

وأوجدت الوزارة برنامج “صامدة” من أجل التمكين الاقتصادي للنساء ضحايا العنف والمهدّدات به.

ويهدف البرنامج إلى تعزيز صمود المرأة التونسية وإخراجها من دائرة العنف.

آمال بلحاج موسى: الموافقة على التمويل والمساعدة بالتجهيزات تمت بعد بحث اجتماعي
آمال بلحاج موسى: الموافقة على التمويل والمساعدة بالتجهيزات تمت بعد بحث اجتماعي

وتسلمت 93 امرأة من ضحايا العنف، وهن أمهات لـ240 طفلا، إشعارات بالموافقة على منحهن تمويلات ومساعدة بالتجهيزات لإقامة مشاريع اقتصادية إنتاجية في إطار برنامج “صامدة”.

وأشارت الوزيرة إلى أن المنتفعات اللاتي تسلمن الإشعارات بالحصول على التمويل مسجلات على خط 1899 المخصص لتلقي الإشعارات بالتعرض للعنف.

وقالت الوزيرة، في كلمة ألقتها بمناسبة حضور العديد من المنتفعات، “إن تسليم مواطن الرزق لفائدة 93 منتفعة، هي دفعة أولى في إطار برنامج ‘صامدة’ الرامي إلى تعزيز صمود المرأة وجعلها أكثر قوة للخروج من دائرة العنف بمساعدات مالية وتقنية لإقامة مشاريع إنتاجية خاصة تمكنها في الإجمال من وضع حد لحالة الهشاشة الاجتماعية، بسبب البطالة أو العمل الموسمي، التي تعد سببا من أسباب تعرضهن للعنف، في إطار سياسة الحكومة المرتكزة على إيجاد الحلول الاقتصادية لهشاشة بعض الفئات الاجتماعية”.

وأشارت إلى أن الموافقة على التمويل والمساعدة بالتجهيزات تمت بعد بحث اجتماعي ودراسة لملفات المرشحات من قبل لجنة القيادة لبرنامج “صامدة” بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، ونتج عنها تأخير في موعد تسليم الإشعارات وقبول 93 ملفا من بين 500 لتوفر الشروط فيها وقابليتها للديمومة.

ومن جهتها، قالت المسؤولة عن برنامج مناهضة العنف ضد المرأة في الوزارة ومنسقة برنامج “صامدة” حنان البنزرتي إن المشاريع التي حصلت على تمويل الوزارة والمساعدة بالتجهيزات تغطي أغلب ولايات الجمهورية والعديد من القطاعات الخدماتية والسياحية والصناعية التقليدية والصناعية التكنولوجية والفلاحية.

وأضافت أن المنتفعات لهن شهادات تثبت تعرضهن للعنف ومضمنة في ملفات ترشحهن للتمويل والتجهيز.

وأفادت المسؤولة عن الإدارة العامة للمرأة والأسرة وجدان بن عياد بأن المنتفعات بالمساعدة لإقامة المشاريع الخاصة قدمن من 17 ولاية من الشمال والوسط والجنوب، وأن أعمارهن تتراوح بين 20 و60 سنة والمعدل العام للعمر هو 37 سنة والمستوى التعليمي يتراوح بين ما دون التحصيل الدراسي والمستوى الجامعي.

وأكدت وزارة الأسرة في بلاغ لها أن الاعتمادات المخصصة لهذه الدفعة تفوق 1 مليون دينار. وأشارت الوزيرة إلى أنها تلقت 344 مطلبا جديدا لتمويل مشاريع في إطار برنامج “صامدة”.

المنتفعات بالمساعدة لإقامة المشاريع الخاصة قدمن من 17 ولاية من الشمال والوسط والجنوب وأعمارهن تتراوح بين 20 و60 سنة

وكانت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن قد أعلنت عن برنامج “صامدة” في مارس 2023 ضمن عدة برامج أخرى لرعاية المرأة والأسرة من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية.

وكانت الإحصائيات والمؤشرات المتعلقة برصد حالات العنف ضد المرأة والطفل في تونس قد أشارت إلى أن الخط الأخضر 1899 للتبليغ عن حالات العنف ضد المرأة، قد تلقّى خلال الفترة الممتدّة بين الخامس والعشرين من يونيو والخامس والعشرين من يوليو من العام المنقضي 733 مكالمة، منها 216 مكالمة تتعلّق بإشعارات حول العنف ضد المرأة و517 مكالمة في الإرشاد القانوني.

وبينت ذات الإحصائيات أن نسبة النساء ضحايا العنف المتصلات بالخط خلال ذات الفترة وهنّ عاطلات عن العمل وفي وضعيّة هشاشة بلغت 46 في المئة، أي 100 حالة، وتم توجيههن وإرشادهن إلى الانتفاع ببرنامج “صامدة” للتمكين الاقتصادي للنساء ضحايا العنف، وفق ما أعلنته وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ في بلاغ لها.

وقالت آمال بلحاج موسى، وزيرة المرأة والأسرة، إن إحداث مراكز الإيواء لا يكفي للتصدي للعنف المسلط على النساء، بل يجب الانخراط أكثر في التمكين الاقتصادي لضحايا العنف، موضّحة أن الوزارة تراهن على التمكين الاقتصادي للمرأة باعتبار أن النساء الأكثر هشاشة هنّ الأكثر عرضة للعنف.

وقالت رئيسة منظمة المرأة والريادة بتونس سناء فتح الله غنيمة إن “الهشاشة الاجتماعية تساهم بشكل كبير في ارتفاع نسب العنف”، مشيرة إلى أن النساء ذوات الدخل الضعيف أو في وضعية اجتماعية صعبة أكثر عرضة للعنف.

وتربط الناشطة الحقوقية التونسية بين الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد وتزايد حالات العنف ضد المرأة، مشيرة إلى أن “وضعا مماثلا تكرر أيضا خلال فترة انتشار جائحة كورونا”.

Thumbnail

وقالت غنيمة إن الأرقام المسجلة خلال الأشهر الأخيرة “مفزعة”، خاصة مع تصاعد العنف وعدد عمليات القتل، إذ لا يمر أسبوع واحد دون تسجيل جريمة قتل ضد النساء.

وشددت المتحدثة ذاتها على أن الإدماج الاقتصادي، ومعالجة وضعية الفقر التي تمر بها النساء والرجال على حد سواء، من شأنه أن يقلص بشكل كبير من حجم العنف المسلط على المرأة بالمجتمع.

وفي عام 2021، كشف تقرير صادر عن وزارة المرأة والأسرة في تونس عن تسجيل أكثر من 3 آلاف بلاغ عن حالات عنف تعرضت لها النساء منذ بداية العام، وتتعلق باعتداءات جسدية ومعنوية واقتصادية.

وجاء في التقرير أيضا أن حالات العنف المرصودة ضد النساء لعام 2021 تراجعت مقارنة بعام 2020، غير أنها بقيت مرتفعة حيث تعاني النساء من أشكال مختلفة للعنف داخل الأسرة التي أصبحت تصنف فضاء غير آمن للنساء إلى جانب الشارع والوسط المدرسي وفضاءات العمل.

وشكّل العنف المعنوي أكثر أنواع الاعتداءات التي تواجهه النساء بنسبة 84 في المئة، يليه العنف المادي بنسبة 72 في المئة، ثم العنف الاقتصادي بـ42 في المئة.

وتعمل السلطات التونسية على دعم مراكز الإصغاء الخاصة بالنساء المعنّفات، سواء أكانت حكومية أو تابعة لمنظمات وجمعيات تهتمّ بشؤون المرأة، لاسيما من تتعرّض إلى عنف ما. وثمّة ستّة مراكز تابعة لوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ، منها مركز الرعاية الاجتماعية “الأمان” في تونس العاصمة ومركز “تمكين” ومركز “هنّ” الذي فتح أبوابه أخيرا في معتمدية الرقاب بولاية سيدي بوزيد (وسط)، في حين يعمل الاتحاد الوطني للمرأة على استحداث مراكز جديدة تابعة له في مختلف الولايات التونسية.

15