السعوديون يستأنفون المحادثات الدفاعية مع واشنطن بعد تعليقها جراء حرب غزة

واشنطن - استأنفت المملكة العربية السعودية المحادثات مع الولايات المتحدة حول إقامة علاقات دفاعية أوثق بعد تعليقها مؤقتا جراء الحرب بين إسرائيل وحماس التي اندلعت في السابع من أكتوبر، بحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية نقلا عن مصادر مطلعة على المناقشات.
ونقلت الوكالة عن المصادر –التي طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية الأمر- قولها إن مناقشات جرت في مدينة العلا شمال غرب السعودية بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في وقت سابق من هذا الشهر.
وأشاروا إلى أن جدول الأعمال كان يتضمن إحياء المفاوضات السابقة حول اتفاقية دفاعية كانت ستشمل أيضًا شراكة تاريخية بين السعودية وإسرائيل.
وقال أشخاص مطلعون على تفكير الأمير محمد بن سلمان، الزعيم البالغ من العمر 38 عامًا، إنه لا يزال يرى فرصا لمزيد من التعاون الأميركي على الرغم من الغضب في جميع أنحاء العالم العربي بسبب الهجمات المستمرة التي تشنها إسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، على حماس، ومقتل الفلسطينيين في غزة.
كما أن الولايات المتحدة أيضًا في قلب التوترات الإقليمية المتصاعدة في أعقاب مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم بطائرة مسيرة بالقرب من الحدود الأردنية السورية، إلى جانب الضربات الجوية الأخرى.
ومن العوائق الرئيسية أمام المحادثات أن السعودية تقول منذ فترة طويلة إن أي اتفاق مع إسرائيل سيكون مشروطا بإنشاء دولة مستقلة للفلسطينيين، وهي قضية تعارضها بشدة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقد تعزز هذا التصميم منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، التي تعهدت القيادة الإسرائيلية بالقضاء عليها بالكامل لضمان أمنها واستقرارها.
ونظراً لرد الفعل العكسي المحتمل بين العرب والمسلمين تجاه أي صفقة مع إسرائيل، يجب على المملكة العربية السعودية أن تتحرك بحذر.
وترسل المملكة ما تأمل أن تكون الإشارات الصحيحة إلى جميع الأطراف المعنية: ضمان أن أي اتفاق أصبح الآن مشروطاً بدولة للفلسطينيين، والضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة مع إشراك الولايات المتحدة في سيناريوهات ما بعد الحرب.
وذكرت بلومبيرغ أن وزارة الدفاع السعودية أحالت الأسئلة إلى الحكومة الأميركية، التي لم يرد مركز الاتصالات الدولية التابع لها على الفور على طلب للتعليق. كما رفض مجلس الأمن القومي الأميركي التعليق.
من الاهتمامات المشتركة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة كيفية مواجهة جماعة الحوثي في اليمن، التي يحاول الأمير محمد بن سلمان التوصل إلى اتفاق سلام معها بعد عقد من القتال.
وتنفذ الولايات المتحدة حاليًا غارات جوية ضد الحوثيين ردًا على الهجمات المستمرة التي تشنها الجماعة المدعومة من إيران على ناقلات الشحن في البحر الأحمر، مما يعطل التجارة العالمية.
وتدرس الولايات المتحدة أيضًا الرد على الهجوم في الأردن، والذي ألقى الرئيس جو بايدن باللوم فيه على الميليشيات المدعومة من طهران. وحثت إيران الولايات المتحدة على استخدام الدبلوماسية لتخفيف التوترات، بينما نفت تورطها في الهجوم.
وقبل السابع من أكتوبر، عندما أشعلت حماس الحرب مع إسرائيل من خلال تسللها إلى غلاف غزة، كان اتفاق الدفاع الأميركي السعودي والمساعدة الأميركية في إطلاق برنامج نووي مدني من بين الشروط المسبقة الرئيسية للمملكة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وكان هناك حديث عن دمج كل شيء في صفقة واحدة من شأنها تسهيل موافقة الكونغرس ومساعدة بايدن على تحقيق مكاسب كبيرة في السياسة الخارجية في عام الانتخابات.
لكن تغير كل شيء بعد ذلك التاريخ، حيث أصبح احتمال ترك مسألة الدولة الفلسطينية جانباً أقل من أي وقت مضى. فقد كانت الطريقة التي تمكنت بها إيران من حشد ميليشيات ما يسمى بمحور المقاومة، بما في ذلك حماس والحوثيين، بهذه الطريقة المنسقة، بمثابة تذكير صارخ للقادة السعوديين بالتهديدات الخطيرة التي تشكلها الجمهورية الإسلامية.
ويأتي هذا على الرغم من التقارب الذي توسطت فيه الصين مع طهران العام الماضي وجهود الرياض لإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية أوثق مع منافستها منذ فترة طويلة.
وقال مارك كيلي، السيناتور الديمقراطي عن ولاية أريزونا والضابط السابق في البحرية الأميركية والذي كان من بين الذين التقوا مع الأمير محمد بن سلمان هذا الشهر، في بيان إنه تحدث إلى ولي العهد السعودي حول الفترة التي قضاها في المنطقة خلال حرب الخليج من عام 1990 إلى عام 1990. 1991. وأشار إلى "فرص تعزيز العلاقات العسكرية الطويلة الأمد بين البلدين لمواجهة التهديدات المشتركة مثل إيران".
وقال الأشخاص المطلعون على تفكير الأمير محمد بن سلمان إن ولي العهد نفسه يركز في المقام الأول على إصلاح وتعزيز العلاقات الدفاعية مع واشنطن.
وبحسب الوكالة الإخبارية الأميركية أصبح إثبات أن المملكة العربية السعودية دولة آمنة على الرغم من الصراعات المحيطة بها أكثر إلحاحًا حيث تحاول البلاد جذب بعض أكبر الشركات والمستثمرين والسياح في العالم إلى البلاد، كل ذلك في إطار خطة طموحة لتحويل الاقتصاد السعودي.
وقال بلال صعب مدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط في واشنطن إن إحدى الأولويات العاجلة للأمير محمد والقيادة السعودية هي إقناع بايدن بتخفيف أو رفع التجميد المفروض على بيع الأسلحة الهجومية المفروض على المملكة قبل ثلاث سنوات، لتجديد مخزونات الصواريخ والقنابل والذخائر الموجهة بدقة.
وأضاف صعب أنهم "مرتبطون بالفعل بالولايات المتحدة"، في إشارة إلى دور واشنطن كأكبر مورد للأسلحة للسعودية، وأن معظم أنظمة الأسلحة في المملكة أميركية.
ومن جانبه، قال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية، إن المملكة العربية السعودية تعتقد بقوة أنه لا توجد بدائل قابلة للتطبيق لعلاقتها الدفاعية والأمنية مع واشنطن.
وأضاف دوبويتز، المقرب من المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين والأميركيين المشاركين في محادثات التطبيع، إنه بالنظر إلى التعقيدات التي تأتي مع الحاجة إلى حكومة في إسرائيل ترغب في قبول حل الدولتين مع الفلسطينيين، فإن تعزيز العلاقة الدفاعية الأميركية السعودية قد يكون أمرًا ضروريًا. والقطعة الوحيدة القابلة للتنفيذ على المدى القصير.
وقال إن الرسالة السعودية الآن لجميع المسؤولين الأميركيين هي "نحن بحاجة إلى أميركا وأميركا تحتاج إلينا".