إسرائيل تدرس عدم تمديد اتفاقية المياه مع الأردن

تهديد تل أبيب بعدم تمديد اتفاقية المياه مع عمان يأتي على خلفية انتقاد مسؤولين أردنيين الحرب على قطاع غزة.
الجمعة 2024/01/26
عصب حساس

القدس - تدرس إسرائيل عدم تمديد اتفاقية المياه مع الأردن، ما يزيد، حسب مراقبين، الضغوط على عمان التي تعاني من إجهاد مائي كبير يؤثر سلبا على اقتصادها المترنح. وقالت هيئة البث الحكومية الإسرائيلية الخميس، إن تهديد تل أبيب بعدم تمديد اتفاقية المياه مع عمان يأتي على خلفية انتقاد مسؤولين أردنيين أبرزهم الملكة رانيا ووزير الخارجية أيمن الصفدي بشدة الحرب على قطاع غزة.

وبموجب اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين عام 1994، تزود إسرائيل الأردن بـ50 مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا، يتم نقلها عبر قناة الملك عبدالله إلى المملكة، مقابل سنت واحد (الدولار = 100 سنت) لكل متر مكعب. وبموجب اتفاقية المياه الحالية، تنقل إسرائيل 100 مليون متر مكعب من المياه إلى الأردن سنويا، بدلا من 50 مليون متر مكعب، كما نصت اتفاقية السلام بين البلدين، وذلك مقابل إنتاج الكهرباء في الأردن لإسرائيل.

وفي يوليو 2021، توصل الأردن وإسرائيل إلى اتفاق تزود بموجبه الأخيرة المملكة بـ50 مليون متر مكعب من المياه الإضافية المشتراة، بموجب اتفاقية موقعة بينهما عام 2010، انبثقت عن اتفاقية “وادي عربة” للسلام الموقعة عام 1994.

ووقَّع الأردن والإمارات وإسرائيل في 2021 “إعلان نوايا” للدخول في عملية تفاوضية لبحث جدوى مشروع مشترك لمقايضة الطاقة بالمياه، إلا أن الحرب المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، حالت دون توقيع اتفاقية أواخر العام 2023. وقررت عمّان في 16 نوفمبر، عدم توقيع الاتفاقية، بعد استهداف الجيش الإسرائيلي محيط المستشُفى الميداني الأردني في غزة وإصابة 7 من كوادره.

ووفقا لهيئة البث الإسرائيلية فإنه "لم يتم بعد اتخاذ القرار النهائي بعدم تمديد الاتفاقية، والأمر يعتمد على تطور العلاقات مع الأردن وكيف سيعبّر الأردنيون في المستقبل القريب عن موقفهم تجاه الحرب". وأفادت بأنه "إذا لم يتم تمديد الاتفاقية، فستنتهي صلاحيّتها هذا العام".

◙ الأردن يريد من مشروع الناقل الوطني للمياه أن يكون طريقا بديلا لتجاوز الابتزاز السياسي الإسرائيلي إلا أن تمويل المشروع يحتاج إلى مشاركة منظمات مالية دولية

ومنذ الحرب على غزة، أخذت العلاقات بين عمّان وتل أبيب منحى مختلفا غير مسبوق، وبالتزامن مع تظاهرات شعبية منددة بالحرب قرر الأردن في الأول من نوفمبر الماضي سحب سفيره من تل أبيب، ورفض عودة سفير إسرائيل إلى المملكة. وفشل الأردن طوال عقود مضت في إيجاد حلول طويلة الأمد لأزمة شح المياه في مختلف المحافظات، في وقت تصنف المملكة وفق المؤشر العالمي للمياه على أنها ثاني أفقر دولة بالمياه في العالم.

وخلال العامين الماضيين شهد الأردن جفافا للسدود في محافظات الجنوب، طاول سدود الوالة والموجب والتنور وشعيب وغيرها، ومع قدوم الصيف ارتفع الطلب على المياه، ووصل إلى معدل 3 ملايين متر مكعب يوميا، في حين لا تتجاوز الكميات الموجودة بالسدود الـ75 مليون متر مكعب من أصل 285 مليون متر مكعب (قدرتها التخزينية).

ويبلغ نصيب الفرد من استهلاك المياه في الأردن الذي يعاني من ندرة المياه أقل من 100 متر مكعب سنويا، وهو أقل من المعدل العالمي لفقر المياه. وأدى انخفاض مستويات المياه الجوفية وتغير المناخ وزيادة عدد السكان إلى زيادة الضغط على مواردها المائية المحدودة. ويحتاج الأردن سنويا إلى قرابة 1.3 مليار متر مكعب من المياه للاستخدامات المختلفة.

ويسعى الأردن للظفر بدعم مالي دولي لمشروع الناقل الوطني للمياه (العقبة - عمان لتحلية ونقل المياه)، ما قد يساهم في الحد من الآثار السلبية لفقر المياه الذي تعانيه المملكة ويخفف من أزمات الفلاحيين والمستهلكين على حد السواء. ويريد الأردن من مشروع الناقل الوطني للمياه أن يكون طريقا بديلا لتجاوز الابتزاز السياسي الإسرائيلي، إلا أن تمويل المشروع يحتاج إلى مشاركة منظمات وهيئات مالية دولية، وهو ما يمكن أن تعطله إسرائيل عبر حلفائها الدوليين.

وعقب الإعلان عن وقف توقيع الاتفاقية مع إسرائيل، اعتبر ملك الأردن عبدالله الثاني، خلال اجتماع مع مسؤولين، أن المضي قدما في مشروع الناقل الوطني، الذي يهدف إلى تحلية ونقل المياه من العقبة (جنوب) إلى عمان (وسط)، “أولوية وطنية”. وحديث الملك، وفق مراقبين، كان بمثابة رسالة إلى إسرائيل بأن البدائل عن الاتفاقية متوفرة، ولا يمكن ليّ ذراع المملكة واستغلال حاجتها للمياه.

ويهدف مشروع الناقل الوطني إلى تحلية مياه البحر الأحمر من مدينة العقبة، ونقلها إلى محافظات المملكة شمالا، بكميات تتراوح بين 250 و300 مليون متر مكعب، وبتكلفة تصل لمليار دولار في مرحلته الأولى. وتقدّر الكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 4.2 مليارات دولار، وسبق وأعلن الأردن توفير 1.7 مليار دولار منها، ضمن السعي لتوفير بدائل للحصول على المياه من إسرائيل.

ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر 2023، حربا على غزة، خلّفت حتى الأربعاء 25 ألفا و700 شهيد، و63 ألفا و740 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية. كما تسببت الحرب في دمار هائل وكارثة إنسانية ضخمة ونقص حاد في إمدادات الغذاء والماء والدواء، مع نزوح نحو 1.9 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة.

2