مسار أستانة يستهدف الحفاظ على قدر من الاستقرار في سوريا دون تطلعات بأن يكون مفتاح الحل

هل يمكن الرهان على مسار أستانة لإنهاء الأزمة المندلعة في سوريا منذ العام 2011؟
السبت 2024/01/20
جولة جديدة من المحادثات

أستانة - أعلنت كازاخستان الجمعة عن عقد جولة جديدة من محادثات أستانة حول سوريا الأسبوع المقبل، بمشاركة ممثلين عن “الدول الضامنة” وهي روسيا وتركيا وإيران.

ويشكل مسار أستانة الأطول من ناحية المسارات السياسية المتعلقة بالأزمة السورية، ويقول متابعون إن الهدف من المسار الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار في سوريا، بناء على التفاهمات التي توصلت إليها الدول الضامنة.

ويشير المراقبون إلى أنه لا يمكن عمليا الرهان على مسار أستانة لإنهاء الأزمة المندلعة في سوريا منذ العام 2011، حيث أن الأمر يحتاج إلى التوصل إلى صفقة شاملة، تشارك فيها الدول الإقليمية والدولية المتدخلة في الساحة السورية، وهو ما ليس متاح حاليا.

أحمد طعمة: سنركز على استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية
أحمد طعمة: سنركز على استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية

وقالت وزارة الخارجية الكازاخية إن الجولة الحادية والعشرين من مسار أستانة ستنعقد يومي 24 و25 يناير الجاري.

وأوضحت الخارجية الكازاخية أن الأمم المتحدة والأردن ولبنان والعراق ستشارك في الاجتماع بصفة مراقب.

ومن المقرر أن تبحث الأطراف المشاركة “تطورات الوضع الإقليمي في محيط سوريا وآخر التطورات الميدانية، وجهود التوصل إلى حل شامل في سوريا، والأوضاع الإنسانية، وحشد جهود المجتمع الدولي لتسهيل إعادة إعمار سوريا”.

وتأتي الجولة الجديدة في خضم توترات في منطقة الشرق الأوسط على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس على المستوطنات الإسرائيلية، في السابع من أكتوبر الماضي.

وطال التصعيد في غزة سوريا التي تتعرض لغارات إسرائيلية بشكل مكثف تستهدف مواقع للحرس الثوري الإيراني والميليشيات الموالية لها، في مقابل استهداف الأخيرة لقواعد عسكرية أميركية في شرق البلاد.

وتوجد مخاوف جدية من إمكانية خروج التصعيد عن السيطرة، الأمر الذي قد يقود إلى مواجهة شاملة بين محور إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما من جهة ثانية.

ويرى متابعون أن التوترات في المنطقة وانعكاساتها المباشرة على الساحة السورية بالتأكيد ستشكل أحد محاور المباحثات في جولة أستانة الجديدة.

وركزت الجولات الأخيرة من مسار أستانة على عملية التطبيع بين النظام السوري وتركيا، وسط تباينات بين الجانبين حول انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية كما يطالب النظام، فيما ترفض أنقرة ذلك متذرعة بمحاربة التهديد الكردي القريب من حدودها، قبل أن يغيب الحديث عن التطبيع مع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.

وبحسب السفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف، فإن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أدى إلى تحويل الاهتمام الرئيسي إليه، لكنه أكد أنه بمجرد أن تصبح الفرصة سانحة بحسب الوضع هناك ستعود روسيا للعمل على استئناف العمل على مسار التقارب بين دمشق وأنقرة، معتبرا أن إعادة العلاقات بين الجانبين هي “أحد العوامل المهمة في التسوية السورية”.

وبإعلان الجولة الجديدة من مفاوضات أستانة برزت أصوات من داخل المعارضة السورية تدعو إلى مقاطعة الاستحقاق الذي لم يحقق منذ انطلاقه في مطلع العام 2017 أيّا من الأهداف المعلنة، وساهم بشكل ما في زيادة إضعاف موقف المعارضة.

الجولات الأخيرة من مسار أستانة ركزت على عملية التطبيع بين النظام السوري وتركيا، وسط تباينات بين الجانبين حول انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية كما يطالب النظام

لكن رئيس وفد المعارضة السورية أحمد طعمة، أكد لوكالة “نوفوستي” الروسية أنه يعتزم المشاركة. وقال طعمة “لقد تمت دعوتنا وسنشارك (…) وأهداف الوفد (المعارض) في الجولة الـ21 من المفاوضات سوف تركز على استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية، وحل مسألة إطلاق سراح المعتقلين، فضلاً عن توسيع إمدادات ومجالات دخول المساعدات الإنسانية بكميات كافية عبر حواجز حدودية عدة”.

وأوضح طعمة أن “من بين الملفات الرئيسية التي سوف نطرحها، مسألة تثبيت وقف إطلاق النار ووقف خروقاته، واستئناف عملية التسوية السياسية من خلال اللجنة الدستورية ودفع الملفات الإنسانية، وخصوصاً موضوع المعتقلين وإدخال المساعدات؛ الأمر الذي ينبغي أن يسهم في خلق بيئة آمنة ومحايدة للتسوية السياسية في سوريا”.

وانعقدت الجولة العشرين من مسار أستانة في يونيو الماضي، وشهدت جدلا واسعا بعد إعلان كازاخستان أنها ستكون الجولة الأخيرة في عاصمتها، ما أثار استغراب الدول المعنية.

واعتبر مسؤولون روس القرار “مفاجأة”، في وقت أكدوا فيه على أن الجولة المقبلة ستكون في النصف الثاني من العام الجاري، مع بحث مكان الانعقاد الجديد. لكن وبعد يوم واحد من القرار الكازاخي أعربت وزارة الخارجية الكازاخية عن استعدادها لإعادة النظر في استئناف مسار أستانة، كبادرة حسن نية.

وتتمسك إيران وروسيا وتركيا بهذا المسار السياسي حيث ترى الدول الثلاث أنه يبقي الملف السوري ضمن نطاق سيطرتها، في مقابل تراجع الاهتمام الدولي بالأزمة السورية.

2