شخصيات وتحولات على رف الكتب

صدرت عن مؤسسة الانتشار العربي في بيروت حديثا رواية “لعبة مصائر” للكاتب العماني هلال البادي، والتي تعد العمل الروائي الأول له، بعد سلسلة من الإصدارات الإبداعية في مجال القصة القصيرة والمسرح والمقالات الصحفية، آخرها في العام الماضي والتي حملت عنوان “هل تسمي هذه مسرحيّة؟” الصادرة عن مؤسسة اللبان للنشر بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح.
وحوى إصدار “هل تسمي هذه مسرحيّة؟” نصين مسرحيين ضمن مشروع الهيئة العربية للمسرح الرامي إلى نشر الأعمال المسرحية العربية، وتعريف القراء بالتجارب الكتابية المسرحية المختلفة في البلدان العربية.
ويقدم هلال البادي في روايته “لعبة مصائر” شخصيات تبحث عن نفسها في خضم تحولات عديدة مرّت بها، وذلك عبر خط زمني يمتد منذ تسعينات القرن الماضي وإلى غاية العقد الثاني من الألفية الثانية.
وتتقابل تلك الشخصيات وتتباعد ضمن لعبة سردية تتشظى فيها بؤرة الحدث السردي، كما يتشظى السارد فيها ويتنوع، مشكلا طبقات متغيرة بحسب الفصول والأحداث.
القبو فضاء سردي
“القبو” في الكتاب القصصي “قبو إدغار ألان بو” للكاتب المغربي سعيد منتسب، الصادر عن دار خطوط وظلال، مجرد حافز (موتيف) سردي. إنه تمظهر موضوعي متكرر في جميع النصوص، يحضر فيها كاختيار جمالي، نظرا إلى توفره على طاقة تخييل قوية لتوليد المواقف السردية المتعددة واختبارها وتوسيعها وتجديدها. كما أنه، بمعنى من المعاني، حافز بنائي يخدم التدرج المتنوع للمادة الحكائية التي يستدعيها عنصر “القبو”.
إن عملية الكتابة حول هذا الموضوع لم تكن شبيهة بإخراج ثوب تلو آخر من الدولاب. كما أن “القبو” بوصفه فضاء غامضا لا يجعلك تتوقع ما سيحدث أو تصحيحه على الأقل، بل يتطلب الكثير من الخبرة والحنكة والدراية للدخول إليه. ثمة لُقى نصية قديمة، وثمة جرار سردية تعود إلى ما قبل “إدغار ألان بو”.
وثمة أشباح كتاب وكتب، وثمة ترسبات حكائية لا بد من فحص أثري دقيق لمعرفة عناصرها المورفولوجية. ولذلك، فإن “القبو”، إذا شئنا الدقة، ليس مجرد حافز سردي تكراري لاستحضار الأرواح، كما يمكن أن يلاحظ “القارئ اللئيم”، بل ورشة مفتوحة لترميم المتلاشيات خارج أي تفسير مجازي.
الانتماء للوطن
رواية “سلحفاة ميتشغان” للروائية وكاتبة أدب الصبية والفتيان الأميركية نعومي شهاب ناي، تتمة لكتاب سابق لها. وتقع الترجمة، التي أنجزتها فاطمة خميس والصادرة عن دار نثر، في 240 صفحة من القطع المتوسط، وفيها تتمُّ الكاتبة روايتها السابقة “سلحفاة عُمان” الصادرة ترجمتها العربية عام 2023 عن دار نثر، ولاقت نجاحا محليا وانتشارا في المعارض العربية.
وفي حين كانت “سلحفاة عُمان” معنيّة بالمكان والزمان العُمانيين، فإن رواية سلحفاة ميتشغان تستأنف أحداث ورحلة حياة الصبي العُماني “عارف العامري” وهو في بلاد الغربة يواجه ثقافة جديدة بدءا من مطار مسقط الدولي، مرورا بدول عديدة قبل أن يصل إلى أميركا ويستقر وأمه مع والده في مدينة ميتشغان ويتعامل مع تحدِّيات عديدة تمكّنه من إثارة تساؤلات عن الوطن والغربة والعلاقة المتشابكة بينهما.
وتعين “سلحفاة ميتشغان” الصبية على فهم معاني الانتماء للوطن، وتؤصل مزية التأقلم مع المكان بظروفه ومتغيراته والتعامل معه، وإيجاد تجربة ثرية ومفيدة.