السندات المصرية تدخل في متاهة اضطراب الاقتصاد

إقصاء جي.بي مورغان البلد من مؤشراته للأسواق الناشئة يسلط ضغوطا أكبر على الحكومة.
الجمعة 2024/01/12
ألو.. موقفنا لا نحسد عليه!

حذّر محللون من أن السندات المصرية الدولية، التي يجري بالفعل تداولها عند بعض أدنى مستويات السندات السيادية في العالم، قد تتكبد مزيدا من النزول رغم انتعاشها الطفيف إذا استمر الوضع دون استكمال تنفيذ إصلاحات إثر استبعادها من أبرز المؤشرات للأسواق الناشئة.

القاهرة - رجّح خبراء أن يٌفقد إقصاء مصر من مؤشر جي.بي مورغان للأسواق الصاعدة امتيازات أدواتها للديون أمام المستثمرين الراغبين في شراء السندات السيادية المقومة بالجنيه، ما قد يعمق أزمات البلد من حيث توفر السيولة.

وفي خطوة كانت متوقعة سلفا، أعلن بنك الاستثمار الأميركي جي.بي مورغان الأربعاء الماضي، أنه سيستبعد القاهرة من سلسلة مؤشراته للسندات الحكومية للأسواق الناشئة اعتبارا من نهاية يناير الحالي.

وقال مورغان في بيان إن "مصر خاضعة لمراقبة المؤشر منذ الحادي والعشرين من سبتمبر 2023، على خلفية مشكلات تتعلق بقابلية تحويل النقد الأجنبية الجوهرية التي أبلغ عنها مستثمرون يتم الرجوع إليهم".

وأضاف إن الحكومة في أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا “أبقيت حتى الـ29 من ديسمبر 2023 على وزن 0.61 في المئة في المؤشر العالمي المتنوع". ولدى البلد 13 من السندات مقومة بالجنيه المصري في مؤشرات جي.بي مورغان، بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.

وكانت قد وصلت إلى هذا المؤشر في فبراير 2022 بوزن نسبي قدره 1.85 في المئة، في خطوة راهنت عليها السلطات لجلب تدفقات أجنبية جديدة بعد غياب دام عقدا كاملا بدأ عقب ثورة يناير 2011.

وتظل مصر أحد البلدان النامية في المنطقة العربية مثل تونس ولبنان، التي يُنظر إليها على أنها معرضة لخطر الوقوع في براثن مآزق اقتصادية.

جيرجيلي أورموسي: التقييمات الرخيصة نسبيا للسندات قد تجذب المستثمرين
جيرجيلي أورموسي: التقييمات الرخيصة نسبيا للسندات قد تجذب المستثمرين

وفعليا، تمر البلاد بأزمة اقتصادية قاسية مع تضخم قياسي وديون حكومية ثقيلة وانخفاض في قيمة الجنيه، مما دفع المزيد من مواطنيها إلى البحث عن طرق محفوفة بالمخاطر للخروج من البلاد.

ويعاني أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان بالفعل من ارتفاع مستويات الدين الأجنبي، وتأثرت بشدة بالحرب في قطاع غزة التي تهدد بتعطيل حجوزات السياحة وواردات الغاز الطبيعي، وكذلك بالهجمات في الآونة الأخيرة على السفن في البحر الأحمر.

ولدى القاهرة نحو 100 مليار دولار من الديون بالعملة الصعبة، معظمها مقوم بالدولار، والتي يتعين على الدولة سدادها على مدى السنوات الخمس المقبلة، منها سندات ضخمة بقيمة 3.3 مليار دولار هذا العام.

ورغم قرار مورغان، لكن السندات المصرية المقومة بالدولار انتعشت بنحو 1.6 سنت بعد أن تعهدت وزيرة الخزانة الأميركية جانين يلين بتقديم الولايات المتحدة دعما للاقتصاد وللإصلاحات.

ووفقا لبيانات تريد ويب، ارتفعت جميع السندات الدولارية لمصر، وزاد سعر استحقاق مارس آذار 2024 إلى 98 سنتا للدولار.

وحققت أسعار الاستحقاق الأطول أجلا لعامي 2050 و2059 أكبر قدر من المكاسب، إذ ارتفعت بأكثر من 1.65 سنت مع اقتراب الأول من 62 سنتا في مقابل الدولار، لكنها لا تزال في نطاق مستويات التعثر.

وقال جيرجيلي أورموسي الخبير الإستراتيجي في الأسواق الناشئة لدى سوسيتيه جنرال لرويترز إن “التقييمات الرخيصة نسبيا للسندات المقومة بعملات أجنبية قد تجذب المستثمرين".

واستند أورموسي في ترجيحاته على تصريحات يلين، ومع تقدم القاهرة في المحادثات مع صندوق النقد الدولي لزيادة برنامج قرض قيمته ثلاثة مليارات دولار.

وأضاف "شعوري هو أن برنامج القرض يجب أن يزيد ليصل إلى ما لا يقل عن ستة مليارات دولار حتى لا يخيب أمل السوق، ولكن إذا زاد إلى عشرة مليارات دولار أو أكثر، فمن المؤكد أن ذلك سيكون بمثابة حافز للأصول المصرية على الارتفاع".

والتقى مسؤولون مصريون مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجييفا الثلاثاء الماضي، التي قالت في نوفمبر الماضي إن الصندوق "يدرس بجدية" زيادة برنامج القرض المقدم إلى مصر نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس. وتعثر برنامج القرض في ديسمبر 2022 بعد تقاعس القاهرة عن تعويم عملتها بشكل حر أو إحراز تقدم في بيع أصول الدولة.

وأجّل صندوق النقد صرف 700 مليون دولار كانت متوقعة في 2023، لكنه أكد الشهر الماضي أنه يجري محادثات لتوسيع برنامج الثلاثة مليارات دولار، نظرا للمخاطر الاقتصادية الناجمة عن الحرب في الشرق الأوسط.

وخفضت السلطات قيمة عملتها إلى النصف خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي. ومع ذلك يرى الصندوق أن مصر ستواصل "استنزاف" احتياطاتها النقدية ما لم تخفض قيمة الجنيه مرة أخرى.

◙ مصر ستعمل على تسريع الإصلاحات بعد التأخير الذي سبق الانتخابات الرئاسية
◙ مصر ستعمل على تسريع الإصلاحات بعد التأخير الذي سبق الانتخابات الرئاسية

وأوضحت جورجييفا في مقابلة مع بلومبرغ في أكتوبر الماضي، أنه كانت هناك مناقشات بناءة مع مصر، مؤكدة أنها تتوقع المزيد من العمل بين فريق صندوق النقد والحكومة المصرية في غضون الأسابيع المقبلة، وهو ما حصل هذا الأسبوع.

لكن الضغط يقع على كاهل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي فاز بولاية ثالثة مدتها ست سنوات في ديسمبر الماضي، للتعامل مع العملة المبالغ في تقدير قيمتها والتضخم شبه القياسي والديون الأجنبية والمحلية الضخمة.

وأظهرت بيانات نشرها جهاز الإحصاء الأربعاء، أن معدل التضخم السنوي تراجع إلى 33.7 في المئة في ديسمبر من 34.6 في المئة في نوفمبر، لكنه جاء أعلى قليلا من متوسط توقعات 14 محللا استطلعت آرائهم رويترز عند 33.4 في المئة.

وخلال الشهر الماضي، بدا أن صندوق النقد قد حوّل تركيزه من سعر الصرف إلى السيطرة على التضخم.

ويتوقع محللون لدى شركة تيلمر أن تقوم مصر بتسريع الإصلاحات الاقتصادية خلال الأشهر المقبلة بعد التأخير الذي سبق الانتخابات الرئاسية. لكن آخرين يقولون إن أي ارتفاع يثيره اتفاق محدث مع صندوق النقد يمكن أن يكون عابرا حتى بدء الإصلاحات، خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف.

وقال أورموسي "إذا حدث مثل هذا الارتفاع، سيفقد مكاسبه مجددا إن لم تبدأ الحكومة في تنفيذ الإصلاحات، والتي من شأنها أيضا تحقيق النتائج المرجوة على صعيد الاقتصاد الكلي".

وخفضت وكالة موديز تصنيف مصر خلال الربع الأخير من 2023 درجة واحدة من بي 3 إلى سي.أي.أي 1، وعزت قرارها إلى تدهور قدرتها على سداد الديون.

11