الدبيبة يغضب الليبيين برفع الدعم عن المحروقات

حكومة شرق ليبيا تحذر منافستها في الغرب من تبعات القرار الذي وصفته بالمتسرع والذي من شأنه أن يضر بالمواطنين ويؤثر على استقرار البلاد اقتصاديا وماليا.
الخميس 2024/01/11
الدبيبة يبرر قراره بالحد من أنشطة التهريب

طرابلس - قرّر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، رفع الدعم عن المحروقات، في قرار يهدف للحدّ من أنشطة التهريب واستنزاف المالية العامة، لكنّه يهدّد بإشعال احتجاجات بسبب الرفض الشعبي لهذه الخطوة.

وقال الدبيبة خلال اجتماع لجنة المحروقات الدبيبة الثلاثاء إن "قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات اتخذ، ولا رجعة فيه". دون أن يوضح تاريخ بدء تنفيذ هذا القرار والإجراء البديل عن ذلك.

وأضاف الدبيبة، أن المؤسسات الدولية ومصرف ليبيا المركزي والأجهزة الرقابية حذرت من الاستمرار في الوضع الحالي، مشيرا إلى أن قيمة الدعم وصلت إلى 50 بالمئة من دخل البلاد.

وكان الدبيبة قد طالب الإثنين، لجنة دراسة بدائل المحروقات بتقديم بدائل الدعم للمواطنين، مؤكدا أنّ التأخر في معالجة هذا الملف الذي أصبح يشكل استنزافا لميزانية الدولة، ولا يستفيد منها المواطن أمر غير مقبول.

كما أكد ضرورة "تقديم بدائل الدعم للمواطنين، وتقديم أفكار مجتمعية، ليكون دوره مهما في اتخاذ القرار، والعمل على توضيح المشروع للمواطن من حيث إيجابياته وسلبياته، والمعوقات التي تقف دون تنفيذه، ودراسة الأثر المباشر وغير المباشر في هذا الملف".

وفي تقريره السنوي للعام 2022، طرح ديوان المحاسبة رؤيته بشأن معالجة مشكلة إهدار دعم المحروقات، معتبرا أن الحل المستدام لا يخرج عن خيارين: إما استبدال الدعم النقدي بالعيني أو تنظيم عمليات توزيع المحروقات.

وتخسر ليبيا ما لا يقل عن 750 مليون دولار سنويا نتيجة أنشطة تهريب الوقود غير الشرعية، كما زادت مخصصات دعم الوقود في ليبيا لتتجاوز 12 مليار دولار في العام 2022، بزيادة قدرها 5 مليارات دولار مقارنة بالعام 2021، وهو أمر يثير قلق السلطات ويطرح تساؤلات بشأن الإصلاح المطلوب لتفادي ذلك.

وأدّى هذا الوضع إلى أزمة وقود خاصة بمدن الجنوب الليبي التي تعاني شحّا في مادتي البنزين والغاز، رغم الكميات الكبيرة التي تخصصها الحكومة لتغطية استهلاك المنطقة، وذلك نتيجة عدم وصولها إلى مستحقيها وتهريبها إلى دول الجوار أو بيعها بالسوق السوداء بأسعار مضاعفة.

لكن قرار رفع الدعم عن المحروقات، من شأنه أن يشعل الشارع الليبي، الذي يعارض هذه الخطوة بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، ويطالب بإيجاد خطط وإجراءات بديلة عن إلغاء الدعم.

وحذرت الحكومة المكلفة من مجلس النواب في بيان أصدرته اليوم الخميس من تبعات رفع الدعم عن المحروقات، قائلة "نحن على عتبة شهر الخير والبركة، وما يمثله لليبيين من قدسية وما يتطلبه من احتياجات أساسية، تستدعي منا التركيز والحرص على توفيرها وتخفيف العبء عنهم، وليس إصدار قرارات تتفاقم معها معاناة المواطنين، وستؤثر على مناحي الحياة وقطاعات الدولة التعليمية والصحية والصناعية والتجارية كافة".

وقالت الحكومة إنه لا يمكن اتخاذ "قرارات كهذه من أي جهة بهذا الشكل المتسرع دون دراسة تبعاتها والأبعاد والأضرار الناتجة عنها، ودون خلق آليات تضمن نجاحها ولا تتأثر حاجات المواطن، وبما لا يؤثر على استقرار البلاد اقتصاديا وماليا".

واتهمت الحكومة المكلفة من مجلس النواب حكومة الدبيبة بإهدار مئات المليارات «دون أن تشيد مرفقا حيويا واحدا يجعل ليبيا تستغني عن استيراد المحروقات، وتنتقل من خانة المستوردين الاستهلاكيين إلى صف المصدرين المستثمرين، فلم تنشئ مصفاة، ولم تجدد أو تطور القائم منها ، بل إنها لم تقم بالصيانات الأساسية لها، ونستغرب تصرفاتها تجاه النفط والغاز الليبي".

وشددت على أن تقرير أوجه الصرف والتصرف بمقدرات الشعب لا تجرى إلا عبر السلطة التشريعية المنتخبة،  مضيفة "لا يمكن أن تمس الحقوق المكتسبة للشعب الليبي إلا بقوانين وتشريعات تصدر من السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد".

وأكدت حكومة شرق ليبيا مضيها قدما في تنفيذ الأحكام القضائية ذات الصلة، بتعيين حراس قضائيين على أموال النفط الليبي، وطالبتهم بممارسة مهامهم واتخاذ كل ما يفرضه القانون عليهم.

وانتقد الكاتب محمد علي مبروك في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك قرار الدبيبة معتبرا أنه يتجه لظلم الشعب الليبي وليس إلى الظالمين أي المهربين.

وقال مبروك إن جميع الأسر الليبية تعتمد في شؤونها على السيارات التي تسير بالوقود المدعوم أكلا وعلاجا ودراسة وغيرها ورفع الدعم، يعني اخلالا لحياة الأسر الليبية. مضيفا "لا يوجد في ليبيا بديل لا نقل عام منتظم ولا قطارات ولا وسائل نقل عمومية منتظمة".

وأوضح أن القرار "بدل ان يذهب للظالمين الذين يهربون الوقود مما زاد من كميات توريدها وزاد الصرف عليه وبدل أن يحد من الشعوب الأخرى التي تستهلك في الوقود على الطرقات الليبية أتى على الشعب الليبي".

وتابع "أدرك أن نصف دخل النفط يذهب دعما للوقود ولكن أصل الكارثة ليس استهلاك الليبيين للوقود بل تهريبه المفرط عبر الحدود مع اهدارات أخرى.. وعليك ان تحرك عصاباتك الخاملة البليدة بغرب ليبيا لضرب مهربي الوقود وليس ضرب الشعب الليبي في معيشته".

وتمكنت ليبيا من تحقيق إيرادات نفطية أقل بنهاية 2023 في ظل تراجع الأسعار والاضطرابات التي شهدها القطاع سواء تعلقت بشلل الإنتاج أو تلك المتعلقة بالتصدير إلى الأسواق العالمية بسبب الخلافات وإغلاق الحقول.

وكشفت بيانات نشرها مصرف ليبيا المركزي في وقت متأخر الأحد الماضي على حسابه في فيسبوك أن إيرادات البلاد من مبيعات النفط الخام بلغت 99.1 مليار دينار (20.7 مليار دولار) خلال العام الماضي.

ويقل هذا المبلغ عن 22.1 مليار دولار تم تسجيلها في 2022، الذي شهد ارتفاعات هي الأعلى على أسعار الخام منذ 2008، عند متوسط 98 دولارا للبرميل، مقارنة مع 81 دولارا في 2023.

وكانت الإيرادات النفطية التي حققها البلد العضو في منظمة أوبك، ويتمتع بإعفاء تخفيضات الإنتاج ضمن تحالف أوبك+ في العام 2022 هي الأعلى في ست سنوات.

وبحسب بيانات الإيرادات والمصروفات الصادرة عن البنك المركزي، شكلت عائدات النفط الخام ما نسبته 79 في المئة من إجمالي الإيرادات البالغة 26.4 مليار دولار.

وتنتج ليبيا بالمتوسط 1.3 مليون برميل يوميا، ولديها خطة متوسطة المدى لزيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا.

وتعاني شبكة أنابيب النفط من مشاكل فنية مرتبطة بتقادم الخطوط، إلى جانب تعرض جزء منها لعمليات تخريب من جانب جماعات مسلحة خلال النزاع العسكري.

ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96 في المئة من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98 في المئة من إيرادات خزينة الدولة.