أرقام صادمة عن ارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء بتونس

التسرب المدرسي والهشاشة الاجتماعية وراء احتدام المشكلة.
الخميس 2024/01/11
نسبة الأمية في صفوف النساء بتونس تقدر بـ25 في المئة

كشف وزير الشؤون الاجتماعية في تونس عن أرقام صادمة بخصوص نسب الأمية لدى النساء، مشيرا إلى أن ربع التونسيات أميات. ويرجع خبراء علم الاجتماع تزايد نسب الأمية في صفوف النساء إلى التسرب المدرسي والهشاشة الاجتماعية لبعض الأسر التونسية. وتستدعي الظاهرة تضافر الجهود للحد منها لأن من المفارقات أن تصدر هذه النسب في بلد كان رائدا في التعليم وفي تعليم النساء بشكل خاص.

تونس - رغم ما راكمته تونس من تشريعات وما حقّقته من سبق في منظومة حقوق المرأة، فإنّها لم تكن بمنأى عن المؤشرات السلبية لارتفاع نسب الأمية في صفوف النساء، ما يستدعي محاربة هذه الظاهرة والوقوف على أسبابها ووضع مقاربة متكاملة لتطويقها.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي إن “نسبة الأمية في صفوف النساء عامة في تونس تقدر بـ25 في المئة، أي أن ربع النساء التونسيات هن أميات”، وذلك خلال ندوة تحت شعار “ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل وتعزيز فرص التعليم مدى الحياة للجميع”. وأشار وزير الشؤون الاجتماعية إلى أن نسبة الأمية لدى النساء في المناطق الريفية تصل إلى أكثر من 40 في المئة وتتجاوز 50 في المئة في عدد من المعتمديات في الشمال الغربي والوسط الغربي على غرار معتمديتي العلا وسيدي عمر بوحجلة من محافظة القيروان ومعتمديتي تالة وحاسي الفريد من محافظة القصرين.

بدورها أكدت رئيسة الاتّحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجريبي، على هامش ملتقى انعقد في الحمامات حول أهمية تقنيات الاتّصال والإعلام في دعم برامج محو الأمية والتعلم مدى الحياة، أنّ آخر الدراسات، في هذا المجال، التي أعدّها الاتحاد النسائي العربي، تكشف عن وضعية مخيفة تتعلق بارتفاع نسب الأمية والانقطاع المبكر عن الدراسة في صفوف النساء بالمنطقة العربية.

مالك الزاهي: نسبة الأمية في صفوف النساء بتونس تقدر بـ25 في المئة
مالك الزاهي: نسبة الأمية في صفوف النساء بتونس تقدر بـ25 في المئة

وقالت الجريبي إن نسبة الأمية لدى النساء في تونس تصل إلى 29 في المئة وترتفع في بعض مناطق الجمهورية إلى 60 في المئة، وهو مؤشر صادم للواقع التونسي وفق المتحدثة ذاتها. ولكن الخطر لا يقف عند هذا المستوى وفق الجريبي، التي كشفت أنّ عدد المنقطعين مبكرا عن الدراسة في تونس يناهز الـ110 آلاف منقطع أغلبهم من الفتيات بنسبة تتجاوز الـ50 في المئة.

وأوضحت إالجريبي أن هذه المؤشرات انعكست سلبا على واقع المرأة التونسية ما يجعلها ترزح تحت نير العنف المسلط عليها بأنواعه عائليا وماديا ومجتمعيا، فضلا عن تبريره في ظلّ مجتمع ذكوري. ويرجع خبراء علم الاجتماع ارتفاع الأمية إلى موجات التسرب المدرسي الواسعة التي تسببت فيها أزمة التعليم الهيكلية في العشرية الأخيرة.

وقال الدكتور الطيب الطويلي المختص في علم الاجتماع إن دراسة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كشفت أن التسرب المدرسي وراء ظاهرة ارتفاع نسب الأمية، مشيرا إلى أن المنتدى قال في دراسته إن نسبة التمدرس تنخفض مع تقدم التلاميذ في السن. وأضاف الطويلي أن للهشاشة المادية والاجتماعية التي تخلفها أمية النساء مخاطر كثيرة باعتبار احتياج المرأة الأميّة المادي وعدم وعيها بحقوقها وعدم امتلاكها آليات النقاش أو التفاوض في المسائل الاجتماعية كالتأجير أو النقل أو غير ذلك.

وتجلب الأمية مخاطر للنساء وفق الطويلي، من أهمها ظاهرة تأجير الفتيات القاصرات، أو الاستغلال الجنسي للمرأة، أو الاستغلال الاقتصادي الذي تمثل في أبشع صوره في حوادث الموت الجماعي أو الاستغلال السياسي عبر شراء أصواتهن بأثمان بخسة.

وتابع الطويلي "الحقيقة أن تونس كانت وما زالت دولة رائدة في مجال التعليم وسباقة على مستوى حرية النساء وتعليمهن والتمكين لهنّ، فالمرأة التونسية صنفان؛ أنثى التمكين، التي نشأت في فضاء بلدي أو شبه بلدي وسنحت لها الظروف الاجتماعية بالأخذ بأسباب التطور الاقتصادي والاجتماعي واستفادت من تعميم التعليم ومن المنظومة القانونية التونسية المعززة لحقوق المرأة، أما الصنف الثاني فهي أنثى التهميش التي عاشت في أوساط مهمشة في إطار من الفقر والجهل أين تعيش النساء كوابيس الأمية والفقر والاستغلال، وتسعى تونس إلى اجتراح الحلول الممكنة لتحسين أوضاع المرأة الريفية والحدّ من الأمية وذلك عبر تحسين أداء برنامج تعليم الكبار الذي بقي أداؤه محدودا لسنوات وكذلك عبر ضرورة الحد من التسرب المدرسي، بمراجعة منظومة التعليم في تونس، والتركيز على التكوين المهني الذي يبقى بديلا ممتازا وحلا على المستوى التشغيلي".

وتحرص وزارة الشؤون الاجتماعية على تطوير قطاع محو الأمية وتعليم الكبار من خلال تكثيف الجهود في عملية استقطاب الدارسين في مراكز التربية الاجتماعية، حسب ما أكده الزاهي، مفيدا بأن عدد المستقطبين بلغ خلال السنة الدراسية الحالية نحو 27 ألف دارس أي بزيادة نسبتها 7 في المئة مقارنة بالموسم المنقضي.

◙ الوزارة قامت بتسوية الوضعية المهنية لجميع المدرسين المتقاعدين لإعطاء المزيد من الإضافة في "الحرب على الأمية"

وقال الوزير إنه سيتم العمل على الترفيع في عدد المستقطبين بالإضافة إلى العمل على بعث المزيد من مراكز التربية الاجتماعية لتشمل كل المعتمديات. ويبلغ عدد مراكز التربية الاجتماعية خلال السنة الدراسية الحالية 965 مركزا مقابل 897 مركزا خلال السنة الدراسية المنقضية، وفق الوزير.

وأكد أن الوزارة قامت بتسوية الوضعية المهنية لجميع المدرسين المتقاعدين لإعطاء المزيد من الإضافة في “الحرب على الأمية"، مضيفا أن الوزارة بصدد تطوير المناهج التعليمية لمحو الأمية من خلال اعتماد وسائل الاتصال الحديثة كتوظيف الهاتف الجوال والكمبيوتر لإثراء المحتوى التعليمي.

من جهة أخرى قال وزير الشؤون الاجتماعية إن تحقيق رهان التقليل من آفة الأمية يقتضي ضبطا دقيقا ورسما واضحا لخارطة الأمية في البلاد وتوزيعها الجغرافي، مشيرا إلى أنه من الضروري إعداد سجل وطني للأميين على غرار السجل الوطني للفقر وذلك بالتنسيق مع المعهد الوطني للإحصاء.

وقال إنه سيقع تركيز منظومة معلوماتية هي الأولى من نوعها على المستوى الأفريقي لجمع المعطيات والإحصائيات بهدف تسيير عمل كل الفاعلين في منظومة تعليم الكبار من إداريين ومتفقدين ومدرسين لمتابعة العمل اليومي من تسجيل الدارسين وحضورهم وجداول أوقات المدرسين وغير ذلك.

بدوره قال المدير العام للمركز الوطني لتعليم الكبار بلقاسم الرباعي لوكالة تونس أفريقا للأنباء إنه وقع الترفيع في الميزانية المخصصة للمركز الوطني لتعليم الكبار من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية من 18 مليون دينار إلى 26 مليون دينار للسنة الجارية من أجل تكثيف جهود هذه المؤسسة في عملية استقطاب الدارسين في مراكز التربية الاجتماعية. وأكد الرباعي أن وزارة الشؤون الاجتماعية قامت بتسوية الوضعية المهنية لـ1018 مدرسا متعاقدا.

15