القمة الثلاثية بشأن غزة في العقبة: تسجيل موقف

بلينكن يتحدث عن "التزام" عباس بإصلاح السلطة الفلسطينية.
الخميس 2024/01/11
قمة لا تحمل الجديد

لم تأت القمة الأردنية المصرية الفلسطينية بجديد، واقتصرت على إعادة التذكير بمواقف سابقة بشأن الحرب المتواصلة في قطاع غزة، وهذا ما كان متوقعا حيث لا يملك القادة الثلاثة أي أوراق ضغط يمكن استخدامها في دفع إسرائيل للتوقف عن حربها على الجيب الفلسطيني والتي تجاوزت يومها المئة.

العقبة (الأردن) - لم تخرج القمة التي عقدت بين الرئيسين المصري والفلسطيني والعاهل الأردني في العقبة جنوبي المملكة، عن إطار ترديد نفس المواقف التي دأب القادة  الثلاثة على إطلاقها منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.

وتتعلق هذه المواقف التي أوردها بيان للديوان الملكي الأردني برفض تهجير الفلسطينيين، ورفض المحاولات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية بفصل غزة والضفة الغربية، كما تضمنت تحذيرات من محاولات إعادة احتلال أجزاء من غزة أو إقامة مناطق آمنة فيها.

وكرر الزعماء الثلاثة دعوتهم إلى “ضرورة الاستمرار بالضغط لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وحماية المدنيين العزل”.

ويرى مراقبون أن قمة العقبة لم تكن سوى تسجيل موقف، في ظل عدم امتلاك الأطراف الثلاثة أي أوراق ضغط يمكن الرهان عليها لإجبار إسرائيل على وقف حربها على القطاع، التي تجاوزت مائة يوم، وخلفت حتى الآن الآلاف من القتلى وتدمير أحياء بأكملها.

أنتوني بلينكن: الفلسطينيون في حاجة ان تكون لديهم إدارة فعالة
أنتوني بلينكن: الفلسطينيون في حاجة ان تكون لديهم إدارة فعالة

وهذه أول قمة من نوعها تعقد بين القادة الثلاثة، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع، وتأتي في خضم جولة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن شملت الأردن، وقطر، والسعودية، والإمارات، وإسرائيل، والبحرين ومن المنتظر أن يتوجه إلى مصر أيضا.

وتهدف جولة بلينكن للترتيب للمرحلة القادمة، حيث يتحدث عن أهمية الحد من استهداف المدنيين في غزة، مع التركيز على استهداف حماس، لكن الجانب الإسرائيلي ما زال يتلكأ في الانصياع للطلب الأميركي. وكثفت إسرائيل الضربات على جنوب ووسط قطاع غزة الأربعاء، رغم تعهدها بسحب بعض قواتها والتحول إلى حملة أكثر استهدافا ومناشدة من حليفتها واشنطن بتقليل عدد الضحايا من المدنيين.

وقالت إسرائيل هذا الأسبوع إنها تعتزم بدء سحب قواتها من شمال غزة على الأقل، وذلك بعد ضغوط أميركية استمرت أسابيع لتقليص عملياتها وضرورة التحول إلى ما تقول واشنطن إنه يجب أن يكون “حملة أكثر استهدافا”.

لكن يبدو أن القتال لا يزال محتدما خاصة في جنوب ووسط القطاع الذي اجتاحته القوات الإسرائيلية الشهر الماضي. وفي رفح، على الطرف الجنوبي من القطاع، انتحب أقارب أمام جثث 15 فردا من عائلة نوفل كانت ترقد في مشرحة مستشفى صباح أمس الأربعاء، بعد أن دمرت ضربة جوية إسرائيلية منزلهم الليلة الماضية.

وكان معظم القتلى من الأطفال. وفتح رجل جزءا من أحد الأكفان وداعب وجه طفل صغير بيده. وقام أقارب رجل آخر بإمساكه برفق وهو ينتحب عند أقدام الجثث.

وفي موقع الهجوم الذي أحدث حفرة كبيرة في أرضية أحد المباني، تسلق الجيران الأنقاض حيث تناثرت حشايا ملطخة بالدماء وألعاب أطفال مكسورة.

وقالت أم أيمن النجار، التي قُتلت ابنتها وابنة أختها وسط الحطام “صحينا لقينا حالينا محاصرين بالأنقاض على روسنا، قصف ورا قصف، مش عارفة كيف طلعنا وإحنا بندعس على كل شي والدم بينزل منا”.

وقتلت إسرائيل أكثر من 23 ألف فلسطيني في غزة منذ أن شنت حملة للقضاء على حماس التي أسفر هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر عن مقتل 1200 إسرائيلي واقتياد 240 رهينة إلى غزة. وتوجه وزير الخارجية الأميركي إلى رام الله الأربعاء، خلال جولته الرابعة بالمنطقة منذ بدء الحرب والتقى رئيس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، قبل أن يتحول الأخير إلى العقبة.

وتريد واشنطن أن تمنح إسرائيل السلطة الفلسطينية، التي تتخذ من رام الله مقرا لها، دورا مستقبليا في حكم غزة بعد إحداث تحويرات عليها، لكن إسرائيل، التي تقول إنها تريد السيطرة على أمن غزة إلى أجل غير مسمى، مترددة في ذلك.

وقال وزير الخارجية الأميركي أن الرئيس عباس “ملتزم” بإصلاح السلطة الفلسطينية، وأضاف “من المهم جدًا بالنسبة للشعب الفلسطيني أن تكون لديهم إدارة يمكن أن تكون فعالة وأن تساعد في تحقيق نتائج لهم. وأعتقد أن الرئيس عباس ملتزم بالقيام بذلك”.

وكان بلينكن تحدث في وقت سابق أن على إسرائيل أن تتخذ “خيارات صعبة” وأن تحافظ على آمال إقامة دولة فلسطينية مستقلة إذا أرادت تطبيع العلاقات مع الجيران العرب.

وأضاف من تل أبيب “يجب أن تكون إسرائيل شريكة للزعماء الفلسطينيين الراغبين في قيادة شعبهم للعيش جنبا إلى جنب في سلام مع إسرائيل كجيران”.

ورغم تأكيد إسرائيل العلني منذ بداية العام الجديد أنها ستقلص الحرب، يقول سكان غزة إنهم لم يروا منها أي تراجع ولا يزال محظور عليهم العودة إلى شمال القطاع كما أصبح جنوب غزة منطقة حرب شاملة في الأسابيع القليلة الماضية. واضطر كل السكان تقريبا للنزوح عن منازلهم ونزح العديد منهم عدة مرات مع تقدم القوات الإسرائيلية.

واشنطن تريد أن تمنح إسرائيل السلطة الفلسطينية، التي تتخذ من رام الله مقرا لها، دورا مستقبليا في حكم غزة بعد إحداث تحويرات عليها

وقالت أم أحمد، وهي أم لخمسة أطفال من مدينة غزة وتعيش الآن في خيمة برفح، أن سكان غزة كانوا يأملون أن تسفر زيارة بلينكن عن السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.

وأضافت “زي الكلام المكتوب بالزبدة، على طول بيختفي أول ما تطلع الشمس، هدا كلام بلينكن، مزيف”.

وأفاد سكان البريج والنصيرات والمغازي في وسط قطاع غزة بوقوع قصف مكثف خلال الليل مع توغل الدبابات الإسرائيلية -التي شنت هجوما هناك في عيد الميلاد- بشكل أعمق إلى داخل البريج والمغازي.

وبدأت موجة نزوح جديدة في النصيرات بعد يوم من إسقاط إسرائيل منشورات تحذيرية جديدة على سكان عدة مناطق تطالبهم بإخلاء منازلهم والتوجه غربا إلى دير البلح.

وتقصف إسرائيل المنطقة هناك أيضا. ونشر الهلال الأحمر الفلسطيني مقطع فيديو يظهر وصول سيارات الإسعاف إلى مستشفى حاملة قتلى وجرحى من بينهم أطفال.

وفي إشارة إلى احتدام القتال، أعلنت إسرائيل مقتل تسعة من جنودها في غزة أول أمس الثلاثاء، أحد أكثر الأيام دموية بالنسبة لقواتها في الحرب.

وتقول إسرائيل، التي لا تزال تحت تأثير صدمة الهجوم المباغت لحماس في السابع من أكتوبر، إنها لن تتوقف عن القتال حتى تقضي على الحركة الفلسطينية وتستعيد أكثر من 100 رهينة لا تزال محتجزة في غزة.

2