الحركة الشعبية بقيادة الحلو تعلن عن موافقة مشروطة لحوار مع القوى المدنية السودانية

الخرطوم - أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو، عن موافقة مشروطة لعقد لقاء مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، لمناقشة وقف الحرب في السودان.
يأتي ذلك على وقع تقدم أحرزته الحركة المسلحة في ولاية جنوب كردفان، حيث نجحت في فرض سيطرتها على مدينة الدلنج، ثاني أكبر مدن الولاية.
وتحاول الحركة الشعبية الاستفادة من تعقيدات الحرب المندلعة في السودان منذ أبريل الماضي بين الجيش والدعم السريع من أجل حصد مكاسب عسكرية وسياسية تصب في سياق هدفا المعلن وهو إنشاء حكم ذاتي في إقليم كردفان.
الشروط التي طرحتها الحركة الشعبية لتحرير السودان ولا سيما في علاقة بـ"الوحدة الطوعية"، محلّ خلاف بين القوى المدنية
ويقول مراقبون إن الحركة تسعى لأن تكون طرفا رئيسيا في المعادلة القائمة، ورغم أنها تبدو حاليا أقرب إلى الجيش، لكن براغماتيتها تجعلها تحرص على ترك الباب مواربا لتوافقات مع باقي الأطراف السودانية.
وقال بيان صادر من مكتب رئيس الحركة الشعبية عبدالعزيز الحلو، إن “الشعبية ترحب بالجلوس مع أي طرف أو جهة أو قوى ترغب في إنهاء معاناة السودانيين المستمرة منذ عهود بعيدة”.
وأضاف البيان أن الحركة الشعبية تقترح أن تتضمن أجندة النقاش قضايا الهوية الوطنية والوحدة الطوعية، وقضية علاقة الدين بالدولة، والتحوُّل الديمقراطي، ونظام الحكم، والمشاكل الاقتصادية، ومحاسبة التاريخية، والترتيبات الأمنية.
ووجهت تنسيقية “تقدم” دعوات إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان، والحزب الشيوعي السوداني، وحزب البعث، وحركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد نور، وذلك ضمن جهودها لحشد الدعم السياسي لوقف الحرب.
ويأتي إعلان الحركة الشعبية بعد إبداء قوات الدعم السريع استعدادها للوقف الفوري غير المشروط للقتال مع الجيش، في إطار إعلان سياسي يرمي لإنهاء الحرب وقعته مع تنسيقية تقدم في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في الثاني من يناير الجاري.
ويرى مراقبون أن الشروط التي أعلنتها الحركة الشعبية لتحرير السودان ولا سيما في علاقة بـ”الوحدة الطوعية”، هي محل خلاف بين القوى المدنية، وبالتالي فإن طرحها حاليا لا يخدم جهود إنهاء الحرب. ويشير المراقبون إلى الحركة تسعى لاستغلال حرص القوى المدنية لوضع حد للنزاع، من أجل فرض أجندتها، وهذا النهج لا يصب في صالح السلام بل يكرس حالة الانقسام.
وتبذل تسيقية تقدم جهودا كبيرة في سياق العمل على تشكيل جبهة موسعة من أجل إنهاء الصراع، في ظل خشيتها من تحوله إلى حرب جهوية وإثنية، ودخول أطراف إقليمية ودولية لتأجيج النزاع مع اقترابه من المنطقة الشرقية.
وقال العميد مبارك بخيت، القيادي في تنسيقية تقدم وأمين شؤون رئاسة تجمع قوى تحرير السودان، إن التنسيقية “تسعى إلى توسيع جبهتها المدنية لتضم أطرافاً جديدة، في إطار الجهود الرامية إلى وقف الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وبناء تحول ديمقراطي حقيقي”.
إعلان الحركة الشعبية يأتي بعد إبداء قوات الدعم السريع استعدادها للوقف الفوري غير المشروط للقتال مع الجيش
وأضاف بخيت لـ “وكالة أنباء العالم العربي” “أرسلنا خطابات إلى جهات عدة، من بينها الحركة الشعبية لتحرير السودان، وحركة تحرير السودان، والحزب الشيوعي، وحزب البعث، كما أرسلنا خطابات إلى كيانات أخرى، سواء كانت لجان مقاومة أو إدارة أهلية أو مكونات مجتمع مدني، وغيرها من المنظمات، لكي نصل إلى حد أدنى من الاتفاق؛ الهدف الأول والأساسي منه هو إيقاف الحرب”. وأكد بخيت أن التنسيقية أرسلت خطابات أيضاً إلى مكونات المجتمع المدني، ورجال الدين والطرق الصوفية وغيرها من الأطراف، مشيراً إلى أن تنسيقية (تقدم) ستعقد مؤتمراً تأسيسياً في نهاية فبراير المقبل يشمل كل السودانيين، سواء في الولايات أو الأرياف أو المدن.
وردا على سؤال بشأن التحديات التي تواجه تنسيقية تقدم في إطار مسعاها لعقد اجتماعات مع الأطراف المختلفة، قال بخيت: “التحديات تكمن بشكل أساسي في مسألة التنقل، لأن الحرب فرضت على السودانيين ظروفاً صعبة جداً، وغالبية القيادات موجودة في أماكن مختلفة وتجد صعوبة في التنقل”.
ويعتقد مراقبون أن نجاح تنسيقية تقدم في جهود وقف الحرب يتطلب دعما إقليميا ودوليا قويا، في ظل الانقسام الحاصل بين المكونات السودانية وحرص كل طرف محلي على فرض أجندته. ويشير المراقبون إلى الدعم الإقليمي والدولي لا يبدو متوفرا حاليا، نتيجة انشغال قوى كبرى بملفات أخرى مثل الحرب على غزة، وعدم تجاوب الجيش مع تحركات الدول الممثلة في إيغاد للتسوية.