التشاؤم يحاصر آفاق نمو الاقتصاد العالمي في 2024

البنك الدولي: من المرجح أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.4 في المئة هذا العام.
الأربعاء 2024/01/10
مؤشرات غير مطمئنة

واشنطن - حذر البنك الدولي الثلاثاء من أن النمو العالمي في 2024 سيتباطأ للعام الثالث على التوالي، مما سيطيل أمد الفقر ويضعف مستويات الديون في الكثير من الدول النامية.

وأوضح أن النصف الأول من العقد المقبل، الذي أصابه العجز بسبب كوفيد – 19، ثم الحرب في أوكرانيا وما تلا ذلك من ارتفاعات في التضخم وأسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم، يبدو الآن وكأنه سيكون أسوأ أداء لنصف عقد منذ 30 عاما.

ومن المرجح أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.4 في المئة هذا العام، حسب ما توقعه البنك الدولي في أحدث تقرير له عن الآفاق الاقتصادية العالمية.

ويقارن ذلك بنحو 2.6 في المئة العام الماضي وثلاثة في المئة في العام السابق له ونحو 6.2 في المئة في عام 2021 عندما حدث انتعاش إثر انتهاء الوباء.

وقال نائب كبير الاقتصاديين في البنك أيهان كوسي إن “ذلك من شأنه أن يجعل النمو أضعف في الفترة 2020 و2024 مما كان عليه خلال السنوات المحيطة بالأزمة المالية العالمية في 2008 والأزمة الآسيوية أواخر التسعينات والانكماش مطلع العقد الأول من هذا القرن”.

ووفق المؤسسة الدولية المانحة فإنه باستثناء الانكماش الناجم عن الوباء في 2020 من المتوقع أن يكون النمو هذا العام هو الأضعف منذ الأزمة المالية العالمية في 2009.

إنديرميت غيل: دون تصحيح المسارفإن الفرص في العقد الحالي ستضيع
إنديرميت غيل: دون تصحيح المسارفإن الفرص في العقد المقبل ستضيع

ويتوقع البنك أن يكون النمو العالمي لعام 2025 أعلى قليلا عند 2.7 في المئة، لكن هذا أقل من توقعات يونيو الماضي البالغة نحو 3 في المئة بسبب التباطؤ المتوقع بين الاقتصادات المتقدمة.

ويبدو الآن أن هدف البنك الدولي المتمثل في إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030 بعيد المنال إلى حد كبير، مع إعاقة النشاط الاقتصادي بسبب الصراعات الجيوسياسية.

وقال إنديرميت غيل، كبير الاقتصاديين في البنك، في بيان “دون تصحيح كبير للمسار، فإن العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين سيكون عقدا من الفرص الضائعة”.

وأضاف أن “النمو على المدى القريب سيظل ضعيفا، مما يترك العديد من البلدان النامية وخاصة الأكثر فقرا عالقة في فخ، مع مستويات الديون المشلولة وضعف فرص الحصول على الغذاء لواحد من كل ثلاثة أشخاص تقريبا”.

وتأتي التوقعات الباهتة لهذا العام بعد أن جاء النمو العالمي لعام 2023 أعلى بنحو 0.5 نقطة مئوية من المتوقع في يونيو الماضي، حيث تفوق أداء الاقتصاد الأميركي بسبب الإنفاق الاستهلاكي القوي.

ونما الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.5 في المئة العام الماضي بزيادة 1.4 نقطة مئوية عن تقديرات البنك الدولي في يونيو.

ويتوقع أن يتباطأ النمو هذا العام إلى 1.6 في المئة، إذ تقيد السياسة النقدية النشاط وسط تقلص المدخرات، لكن البنك قال إن “هذا يمثل ضعف تقديرات يونيو”.

وتبدو صورة منطقة اليورو أكثر قتامة إلى حد كبير، حيث من المتوقع أن يبلغ النمو هذا العام 0.7 في المئة بعد أن أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى نمو بنسبة 0.4 في المئة فقط في عام 2023.

وأدى تشديد شروط الائتمان إلى خفض توقعات المنطقة لعام 2024 بمقدار 0.6 نقطة مئوية عن توقعات البنك لشهر يونيو.

من المتوقع أن تنمو اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية كمجموعة بنسبة 3.9 في المئة هذا العام

وتؤثر الصين أيضا على التوقعات العالمية حيث يتباطأ نموها إلى 4.5 في المئة متوقعة في عام 2024. ويمثل ذلك أبطأ توسع لها منذ أكثر من ثلاثة عقود خارج السنوات المتضررة من الوباء في 2020 و2022.

وتم تخفيض التوقعات بنسبة 0.1 نقطة مئوية عن يونيو، مما يعكس ضعف الإنفاق الاستهلاكي وسط استمرار الاضطرابات في قطاع العقارات، مع توقع تباطؤ النمو في عام 2025 إلى 4.3 في المئة.

وقال كوسي “على الرغم من ذلك، بشكل عام، يعكس النمو الأضعف في الصين عودة الاقتصاد إلى مسار إضعاف النمو المحتمل بسبب شيخوخة السكان وتقلصهم، وارتفاع المديونية التي تقيد الاستثمار، وبمعنى مّا تضييق فرص الإنتاجية للحاق بالركب”.

ومن المتوقع أن تنمو اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية كمجموعة بنسبة 3.9 في المئة هذا العام، انخفاضا من أربعة في المئة عام 2023، وبنقطة مئوية كاملة أقل من متوسطها في العقد الأول من هذا القرن.

وهذه الوتيرة ليست كافية لانتشال أعداد متزايدة من السكان من الفقر، ويرى البنك الدولي أنه بحلول نهاية 2024 سيكون الناس في واحد من كل أربعة بلدان نامية و40 في المئة من البلدان منخفضة الدخل أكثر فقرا مما كانوا عليه في 2019.

ويعتقد البنك أن أحد السبل لتعزيز النمو، خاصة في الأسواق الناشئة والدول النامية، هو تسريع ضخ 2.4 تريليون دولار من الاستثمارات السنوية اللازمة للتحول إلى الطاقة النظيفة والتكيف مع تغير المناخ.

ودرس خبراء المؤسسة تسارع الاستثمار السريع والمستدام بنسبة لا تقل عن 4 في المئة سنويا، ووجدوا أنه يعمل على تعزيز نمو نصيب الفرد في الدخل، وإنتاج الصناعات التحويلية والخدمات، وتحسين المواقف المالية للدول.

وأوضحوا أن تحقيق مثل هذا التسارع يتطلب بشكل عام إصلاحات شاملة، بما في ذلك الإصلاحات الهيكلية لتوسيع التجارة عبر الحدود والتدفقات المالية وتحسينات في أطر السياسة المالية والنقدية.

11