قانون الهجرة المثير للجدل والأموال المنهوبة يتصدران المباحثات التونسية الفرنسية

تونس – تصدر القانون الفرنسي الجديد المتعلق بالهجرة واسترجاع الأموال المنهوبة بالخارج أهم محاور اللقاء الذي جمع وزير الخارجية التونسية نبيل عمار بسفيرة فرنسا لدى تونس، آن غيغان.
وخلال اللقاء الذي عقد بمقر وزارة الخارجية، الجمعة، أثار وزير الخارجية التونسي "موضوع القانون الجديد المتعلّق بالهجرة الذي اعتمده البرلمان الفرنسي مُؤخّرا، وتأثيره المُحتمل على الجالية التونسية المقيمة في فرنسا"، وفق بيان أصدرته الوزارة.
وشدد عمار على أهميّة الحفاظ على مصالح الجالية التونسية بفرنسا، لفت إلى أهمية ضمان سهولة وسرعة عملية إصدار مصالح سفارة فرنسا التأشيرات في بلاده.
وفي ديسمبر الماضي، أقر البرلمان الفرنسي مشروع قانون الهجرة المثير للجدل، والذي ينص على تشديد الإجراءات ضد المهاجرين.
وفجّر قانون الهجرة الفرنسي الجديد جدالا كبيرا في تونس، وسط قلق من تداعياته على مصير آلاف التونسيين وارتداداته على المكاسب المدنية للأجيال الجديدة من المهاجرين، ولا سيما الطلاب.
وينشغل التونسيون بتداعيات قانون الهجرة الجديد على المهاجرين، في ظل النسبة المرتفعة من الجالية التونسية المقيمة بالخارج، والمقدرة بأكثر من مليون و800 ألف في دول الاتحاد الأوروبي.
وبحسب بيانات رسمية، تعتبر فرنسا دولة الاستقبال الأولى للمهاجرين التونسيين داخل الفضاء الأوروبي بنسبة تتجاوز 56 في المائة. وتُقيم في فرنسا أعلى نسبة من التونسيين الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، وهم من أجيال الهجرة الجديدة، وتقدر نسبهم بـ14.8 في المائة من مجموع المهاجرين التونسيين في منطقة اليورو.
ويخشى التونسيون المنتقدون قانون الهجرة وضع حواجز أمام الطلبة التونسيين الذين يرغبون في الالتحاق بالجامعات الفرنسية، وذلك بعد زيادة رسوم التسجيل في هذه الجامعات منذ عام 2019.
وتطرق عمار خلال اللقاء إلى مسألة الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج، وأشار إلى "الأولوية المطلقة" التي تُوليها بلاده من أجل استرجاع هذه الأموال، داعيا السلطات الفرنسية إلى مزيد من التعاون في هذا المجال.
ويسعى الرئيس التونسي قيس سعيد إلى استرجاع الأموال المنهوبة في الداخل والخارج في ظل أزمة اقتصادية ومالية خانقة تعرفها البلاد، وأعلن الشهر الماضي عن استعداده لتعديل قانون الصلح الجزائي الذي يعرض على رجال الأعمال الموقوفين في قضايا فساد دفع الأموال مقابل مغادرة السجن، بعد أن واجه القانون الحالي عقبات حالت دون التوصل إلى النتائج المرجوة.
ولا يزال التقدم في ملف استرجاع الأموال المنهوبة متعثرا، وهو الملف الذي يعتبر من بين أبرز الملفات التي تعهد سعيّد بتسويتها بعد اتخاذه للإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو 2021، وقال سعيد إنه سيصدر مرسوما لتعديل قانون الصلح الجزائي يفرض على رجال الأعمال الموقوفين في قضايا فساد وجرائم مالية دفع الأموال المطالبين بإعادتها مقابل مغادرتهم السجون.
وعرض الرئيس التونسي ما سماه بالصلح الجزائي في مرسوم أصدره في 2022، على عدد من رجال الأعمال الملاحقين في قضايا فساد مالي قدرها بـ 13.5 مليار دولار ( نحو 5 مليار دولار) مقابل إطلاق مشاريع استثمارية في المناطق الفقيرة والأقل حظا في التنمية، تتعلق ببناء مدارس ومستشفيات ومرافق خدمات وخلق موارد رزق للعاطلين عن العمل في البلاد، لكن تعثر تطبيق القانون منذ صدوره لتعقبه بعد ذلك حملة إيقافات.
ويقبع في السجن أيضا منذ سنوات رجال أعمال على صلات بنظام الحكم السابق قبل ثورة 2011، وفشلت جلسات التحكيم التي عرضوها مع الدولة. وقال سعيد في اجتماع مع رئيس الحكومة ووزيرتي العدل والمالية إنه سيعرض تعديلا في اجتماع مجلس الوزراء المقبل.
من جهة أخرى، أشار وزير الخارجية إلى أن "التطورات الحاصلة في المواقف الدولية وصلب مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إزاء العدوان على غزّة يُؤكد وجاهة الموقف التونسي منذ 7 أكتوبر الماضي".
من جانبها، أعربت السفيرة الفرنسية، عن استعداد بلادها "الكامل" مواصلة تطوير علاقات التعاون مع تونس في كافة المجالات، وخاصة منها الاقتصادية، والعمل على مجابهة التحدّيات الماثلة أمام الجميع في إطار شراكة متكافئة، وفق بيان الخارجية التونسية.