يا ليلة العيد

يوم 17 سبتمبر 1944 أنعم الملك فاروق الأول على أم كلثوم بوسام الكمال ليصبح لقبها "صاحبة العصمة" بعدما أدت أمامه في حفل انتظم بالنادي الأهلي أغنية "يا ليلة العيد" التي لا تزال منذ أكثر من 80 عاما تصاحب احتفالات العرب بالأعياد والمناسبات السعيدة.
فالأغنية التي كتبها أحمد رامي ولحنها رياض السنباطي كانت في الأصل من ضمن أغاني فيلم "دنانير"، من تأليف الشاعر أحمد رامي وإخراج أحمد بدرخان، وشارك في بطولته إلى جانب أم كلثوم سليمان نجيب وعباس فارس وفؤاد شفيق، وكانت أحداثه تدور حول حياة فتاة بدوية ذات صوت عذب تتراوح مسيرة حياتها بين أجواء الصحراء وبساطتها وبين بذخ وفتن قصور الإمارة في عهد هارون الرشيد.
ونظرا لإطار الأحداث فإن الأغنية كانت تتضمن مقطعا تقول كلماته "يا دجلة ميتك عنبر… وزرعك في الغيطان نور… يعيش هارون يعيش جعفر… ونحيي لكم ليالي العيد"، وهي بذلك تشير إلى هارون الرشيد ووزيره وحامل خاتم السلطة جعفر البرمكي. وفي حضور الملك فاروق وبمناسبة عيد جلوسه، تم تغيير الكلمات لتصبح "يا نيلنا ميتك سكر… وزرعك في الغيطان نور… يعيش فاروق ويتهنى… ونحيي له ليالي العيد"، حيث تحولت دجلة إلى النيل، وتم استبدال هارون بفاروق، ثم في الحفل ذاته أدت "صاحبة العصمة" أغنية "حبيبي يسعد أوقاته" من كلمات محمود بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد مع إضافات فرضتها المناسبة: "حبيبي زي القمر قبل ظهوره يحسبوا المواعيد… حبيبي زي القمر يبعث نوره من بعيد لبعيد… زي القمر بس جماله كل يوم يزداد… وكل ما يهل هلاله تنعاد الأعياد… والليلة عيد ع الدنيا سعيد… عز وتمجيد وانت مليكي…".
وتعتبر "يا ليلة العيد" و"حبيبي يسعد أوقاته" من أيقونات البهجة في الغناء العربي، وهما تستمدان قوة الحضور الدائم من جمال الكلمة واللحن والأداء، وكذلك من غياب الإنتاج في هذا الغرض، حيث أن أغلب الأغاني العربية لا تخرج عن دوائر الهجر والغدر والفراق والعذاب والشوق والشجن، وهو ما يزيد من صعوبة مهمة المسؤولين عن برمجة الأغاني في المحطات الإذاعية والتلفزيون وخاصة في ليلة كليلة رأس العام التي يفترض أن تكون فيها أولوية البث لأغاني الأمل والتفاؤل والأمنيات السعيدة من نوع "ليلة العيد أنستينا… وجددتي الأمل فينا… هلالك هل لعنينا… فرحنا له وغنينا .. وقلنا السعد هيجينا… على قدومك يا ليلة العيد…".