وضعية أطفال الشوارع تقلق السلطات الرسمية في المغرب

الدار البيضاء (المغرب) - أضحت ظاهرة أطفال الشوارع في السنوات الأخيرة من الظواهر التي تؤرق المجتمع المغربي، خصوصا في ظل استفحالها. ويعتبر الشارع الملاذ الوحيد والاضطراري للآلاف من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 سنة، ولم تعد هذه الظاهرة تقتصر على الذكور فقط، بل والإناث أيضا، وهذا ما يعني أن هناك أطفالا سيولدون في الشارع مستقبلا.
ويفتقد المغرب إلى الإحصاءات الرسمية في هذا الشأن، إلا أن بعض الدراسات والإحصاءات غير الرسمية، أفادت بوجود أكثر من 30 ألف طفل مغربي يعيشون في الشارع، فيما يقول المركز المغربي لحقوق الإنسان إنه يوجد قرابة مئة ألف طفل في المغرب يولدون دون هوية أب، محذرا من أن هؤلاء الأطفال يعتبرون مشروع “أطفال شوارع” في المستقبل.
ومؤخرا، شكلت سبل وآليات حماية وإعادة إدماج الأطفال في وضعية الشارع بالدار البيضاء، محور لقاء مائدة مستديرة نظمتها بالعاصمة الاقتصادية، اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة الدار البيضاء ـ سطات.
وتم خلال هذا اللقاء المنظم حول موضوع “الأطفال في وضعية الشارع بالدار البيضاء: من الحماية إلى الوقاية”، عرض تقرير أولي يسلط الضوء على ظاهرة الأطفال في وضعية الشارع بمدينة الدار البيضاء، أنجزته اللجنة الجهوية وفق مقاربة تشاركية ساهم فيها عدد من الفاعلين المعنيين.
وشكل هذا اللقاء فرصة للنقاش والتبادل بين مختلف الفاعلين بخصوص الوضعية الحالية للأطفال في وضعية الشارع، وتجميع المقترحات والتوصيات التي من شأنها المساهمة في حماية هذه الفئة.
كما تم تسليط الضوء على الصعوبات المتعلقة بإعادة إدماجهم وتمكينهم من حقوقهم، فضلا عن مناقشة سبل الوقاية من تفاقم هذه الظاهرة.
الظاهرة تفاقمت في مدينة الدار البيضاء، باعتبارها أكبر قطب بالمملكة وملاذ اللاجئين، بالإضافة إلى الهجرة من القرى
وفي كلمة بالمناسبة، أوضحت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة الدار البيضاء – سطات، سعدية وضاح أنه تم اختيار موضوع الأطفال في وضعية الشارع ضمن برنامج عمل اللجنة للسنة الجارية، نظرا لتفاقم الظاهرة في مدينة الدار البيضاء، باعتبارها أكبر قطب بالمملكة وملاذا للاجئين والمهاجرين بدون مرافق، بالإضافة إلى الهجرة من القرى.
وأكدت وضاح أن وضعية هؤلاء الأطفال تعتبر “هشة” حيث يتعرضون للعنف والاستغلال بسبب الوضعية التي يمرون بها، مشيرة إلى أن هناك تحديات كبرى تواجه المجهودات التي تقوم بها السلطات والمؤسسات العمومية، في إطار الخطط المندمجة.
وأشارت إلى أن من بين أهم التوصيات التي جاء بها تقرير اللجنة، الدعوة إلى تمكين هذه الفئة من الحق في التعليم والصحة، والإدماج السوسيو – ثقافي، مبرزة أهمية دعم الأسر الهشة، للحد من اختيار بعض الأطفال الهروب من المشاكل الأسرية إلى الشارع.
وتم خلال هذا اللقاء تقديم مقترح لتشكيل لجنة تضم المجتمع المدني ومختلف السلطات والجهات المعنية بتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان لتنزيل خطة عمل تروم الحد من تفاقم هذه الظاهرة.
وتحتوي المملكة المغربية على العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية التي عجزت الدولة عن احتوائها والتصدي لها، من ذلك ظاهرة أطفال الشوارع التي ما فتئت حدتها تتصاعد رغم المجهودات التي تدعي السلطات القيام بها للسيطرة عليها.
وينتشر الأطفال المشردون أو ما يطلق عليهم أطفال الشوارع في عدة مدن مغربية بأعداد كبيرة، ففي مدينة طنجة مثلا يوجد المئات، وأغلب هؤلاء الأطفال قدموا من مناطق قروية نائية وفقيرة على أمل إيجاد عيش وحياة أفضل.
وفي الدار البيضاء والرباط ومراكش وغيرها من المدن الكبرى، ينتشر المئات من الأطفال في جنبات الشوارع، وتحت العربات أو السيارات المركونة، وداخل البيوت المهجورة، وقرب المطاعم، وفي الحدائق العمومية، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، فلا ملجأ ولا مسكن لهم.