نذر خسائر مؤلمة تتربص بقطاع السياحة الأردني

عمّان - حملت تحذيرات المسؤولين الأردنيين من تعمق آثار الحرب في غزة على قطاع السياحة في طياتها قلقا ممزوجا بالإحباط من أن تفقد الدولة مصدرا للعملة الصعبة، بينما تمضي الحكومة في تنفيذ إصلاحاتها لإعطاء الاقتصاد جرعة تحفيز لإنعاشه.
ويواجه القطاع وضعا ضبابيا ويصطدم العاملون فيه بمعضلة تداعيات ما يحدث بين إسرائيل وحركة حماس، والتي قد تعيد هذا النشاط إلى فترة الحجر الصحي، حيث تسبب الإغلاق في تراجع كبير لهذه الصناعة المهمة.
وأكد وزير السياحة والآثار الأردني مكرم القيسي الثلاثاء أن استمرار الحرب في غزة سيكبد القطاع السياحي خسائر شهرية بالملايين من الدولارات مع إلغاء نسبة عالية من الحجوزات.
وقال في مؤتمر صحافي “بلغت نسبة إلغاء الحجوزات حوالي 60 في المئة، وإذا ما أردنا أن نعكس هذا الرقم بما يتعلق بعدد الزوار نحن نتكلم عن حوالي 200 ألف إلى 250 ألف زائر”.
وأضاف "إذا أردنا أن نعكس هذا الرقم على الدخل فنحن نتحدث تقريبا عن 180 إلى 200 مليون دينار (253 إلى 281 مليون دولار) شهريا"، وهذا يمثل "خسارة للاقتصاد الكلي".
وتشكل السياحة التي تتشابك مع قرابة 90 مهنة بطريقة غير مباشرة، رافدا إستراتيجيا لتعزيز الاحتياطي النقدي الذي يبلغ نحو 17.5 مليار دولار، إلى جانب عائدات الصادرات السلعية والخدمية، والمنح والقروض والمساعدات الخارجية.
ولم يخف القيسي خشيته من تفاقم الوضع الراهن قائلا إنه إذا استمر "ستكون هناك خسائر للاقتصاد بشكل كبير، مما يعني أن كل شهر سوف تكون هناك إلغاءات في حجوزات الفنادق وانخفاض في عدد الزوار بنسبة تصل إلى 60 أو 70 في المئة".
وأوضح أن أبرز إلغاءات الحجوزات جاءت من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، مشيرا إلى أن نسبة إلغاء البرامج المشتركة مع الأراضي المحتلة بلغت 100 في المئة بالنسبة إلى السياح القادمين من الولايات المتحدة وكندا فقط.
وعلى سبيل المثال، تراجع في مدينة البتراء الوردية المنحوتة بالصخر، جوهرة الصحراء الأردنية، التي زارها نحو 900 ألف سائح العام الماضي، عدد السياح بشكل واضح خلال نوفمبر الماضي عمّا كان عليه في الشهر السابق.
ويضم الأردن العشرات من المواقع السياحية التي تستقطب السياح الأجانب أبرزها البتراء ووادي رم وجرش والمغطس والبحر الميت.
وأشار القيسي إلى أن القطاع شهد تعافيا قبل الحرب في غزة حيث وصل عدد زوار العام الحالي إلى أكثر من 5.9 مليون زائر، فيما بلغت الإيرادات نحو 4.89 مليار دينار (6.89 مليار دولار).
وحقق الأردن في العام الماضي عوائد سياحية بلغت نحو 5.8 مليار دولار مرتفعة بحوالي 110.5 في المئة عن مستويات العام 2021 وفق بيانات البنك المركزي.
وأسهم الطيران منخفض التكاليف المدعوم من وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة بزيادة عدد الوافدين وفتح أسواق جديدة بمنطقة شرق أوروبا.
وكان الدخل السياحي للبلاد قد بلغ نحو 2.6 مليار دولار في 2021، مقابل 1.4 مليار دولار في 2020 ونحو 5.8 مليار دولار في 2019.
وتساهم السياحة في البلاد بنحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويُوظَّف أكثر من 55 ألف عامل في هذا القطاع الحيوي للبلاد، التي تعتمد بشكل مفرط على المساعدات الخارجية.
وأشارت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني الشهر الماضي أن السياحة في الأردن ساهمت بنحو 21 في المئة في الاقتصاد.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بدأ السياح يتجنبون زيارة الشرق الأوسط، ما يشكّل خطرا على قطاع السياحة في بلدان مثل الأردن ولبنان ومصر التي تعتمد الى حدّ كبير على السياحة.
وتمتعت المنطقة قبل الحرب بطفرة في عدد الزوار، إذ سجلت أكبر زيادة بين المناطق العالمية خلال الفترة من يناير إلى يوليو، وتجاوز عدد زوارها مستويات ما قبل الوباء بنسبة 20 في المئة، وفقا لمنظمة السياحة العالمية.
وقال المستشار في رئاسة الوزراء الأردنية سليمان الفرجات لوكالة فرانس برس مطلع الشهر الحالي إن “الأردن استطاع على مدى العقدين الماضيين أن يصبح وجهة سياحية معروفة وآمنة، وبالتالي فإن التعافي في حال توقفت الحرب سيكون سريعا".
لكنه حذر من أن "تأثير الحرب سيبقى حتى بداية الموسم القادم وإذا لم تتوقف الحرب على غزة فإن الموسم القادم (سيكون) في خطر أيضا". وأشار الفرجات إلى أنه في حال توقفت الحرب "ستقترب السياحة من المستوى الطبيعي" في سبتمبر 2024.