الفلسطينيون المعتدلون يتوجهون إلى الخيار الإماراتي

حسين الشيخ يبحث مع الشيخ عبدالله بن زايد وقف إطلاق النار في غزة.
السبت 2023/12/23
الشيخ يراهن على الإمارات

أبوظبي - تعكس زيارة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إلى أبوظبي توجه الفلسطينيين المعتدلين إلى الخيار الإماراتي، بينما يتزايد الحديث بشأن نقاشات حول إعادة ترتيب أوراق السلطة الفلسطينية بعد الحرب.

وتبدو الإمارات الخيار الأنسب للتيار المعتدل في السلطة الفلسطينية، خاصة بعد أن انحازت قطر إلى دعم حركة حماس، في حين تظهر السعودية عدم رغبة في التدخل بالإضافة إلى أنها لا تمتلك علاقات قوية مع شخصيات في السلطة الفلسطينية، على عكس أبوظبي التي تربطها علاقة وطيدة بالقيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان.

وتكتفي السعودية بمراقبة ما يجري منذ بداية الحرب، بينما تشير تقارير إلى أنها حريصة على عدم التدخل من أجل إتمام صفقتها مع الحوثيين في اليمن، الذين يشنون هجمات على السفن في البحر الأحمر، في محاولة للضغط على إسرائيل والمجتمع الدولي لإيقاف الحرب على غزة.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب إن زيارة حسين الشيخ إلى أبوظبي جاءت مفاجئة لأوساط فلسطينية عديدة ولم يتم التعرف بعد على تفاصيل ما دار فيها لكنها تؤشر على وجود نقاشات حول إعادة ترتيب أوراق السلطة الفلسطينية بعد الحرب، في ظل حضور مهم لدولة الإمارات في جهود وقف إطلاق النار باعتبارها ممثلة الدول العربية في مجلس الأمن الدولي.

جهاد الحرازين: باستطاعة الإمارات لعب دور كبير في الضغط على الاحتلال الإسرائيلي
جهاد الحرازين: باستطاعة الإمارات لعب دور كبير في الضغط على الاحتلال الإسرائيلي

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الشيخ يطمح إلى أن يصبح رئيسا للسلطة خلفا لمحمود عباس ويسعى لتحسين علاقاته وتنويعها مع دول الإقليم المحيطة، ويحاول أن يقدم نفسه شخصا يمكن التوافق حوله من جانب دول لها تأثير مهم في القضية الفلسطينية، مع وجود اقتناع بأن الإمارات لاعب مهم في موضوع العلاقة مع إسرائيل وتستطيع أن تلعب دورا في دعم المواقف الفلسطينية ويمكن التعويل عليها لعقد مؤتمر للسلام في المستقبل ودعم حل الدولتين”.

وكثف الشيخ ظهوره في وسائل الإعلام  وعلى مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة وبدا حريصا على الدفاع عن السلطة الفلسطينية التي تشير تقارير سبر الآراء إلى تراجع كبير في شعبيتها.

وأشار الرقب إلى أن الإدارة الأميركية تستعجل وضع حل لمصير السلطة الفلسطينية دون حركة حماس، وهو أمر لن يتم القبول به، وأن الفلسطينيين مقتنعون بأن الانتخابات يجب أن تحسم مستقبل السلطة، وأن طرح مصطلح “إعادة حوكمة السلطة” عبر تعيين نواب للرئيس وتشكيل حكومة سيبقى خيارا من الصعب تنفيذه على أرض الواقع مع صمود حركة حماس في وجه الجيش الإسرائيلي، ومازال الوقت طويلا أمام الحديث عن مستقبل السلطة خشية عدم الوقوع في أخطاء سابقة خسرت فيها السلطة الفلسطينية المزيد من شعبيتها.

وتجد حماس نفسها في وضع حرج حاليا نتيجة الضغوط الإسرائيلية والدولية على الدول الداعمة لها. وكانت صحيفة لوموند الفرنسية ذكرت قبل أيام أن أفضل عرض تلقاه قادة حماس إلى حد الآن لتجنب الوضع الحرج الذي يُتوقع أن يواجهوه بعد الحرب هو انتقالهم إلى الجزائر، في إشارة إلى طبيعة مستقبل العلاقة مع قطر وتركيا وإيران.

ويرى مراقبون أن حماس التي تبحث عن صيغة توفيقية قد تجدها عند دحلان ولن تتمكن من التوصل إليها بالتنسيق مع السلطة، بالإضافة إلى أنها تدرك أن الإمارات هي الحليف السياسي الأقرب إلى مصر التي تعتبر أهم بوابة لغزة.

وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الخميس أن وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان اجتمع مع حسين الشيخ في أبوظبي، حيث ناقشا جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وقالت الوكالة إن الجانبين بحثا أيضا الأزمة الإنسانية في القطاع وسبل حماية المدنيين والحفاظ على أرواحهم.

وأضافت أن الشيخ عبدالله بن زايد شدد على إلحاحيّة وأهمية الدفع نحو إيجاد أفق سياسي جاد من أجل إعادة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس “حل الدولتين” بما يسهم في ترسيخ دعائم الاستقرار وتحقيق الأمن المستدام في المنطقة.

◙ الإمارات تبدو الخيار الأنسب للتيار المعتدل في السلطة الفلسطينية خاصة بعد أن انحازت قطر إلى دعم حركة حماس

وأدانت أبوظبي هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي ودعت حركة حماس إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. كما أدانت الإمارات القصف الإسرائيلي الذي استهدف القطاع واستخدمت مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للضغط من أجل وقف إطلاق النار.

وقال القيادي في حركة فتح جهاد الحرازين إن زيارة الشيخ تأتي في إطار المشاورات التي تجري بين القيادة الفلسطينية والأشقاء العرب لتنسيق المواقف بشأن التعامل مع الحرب الدائرة في قطاع غزة، خاصة أن دولة الإمارات تقدمت بقرار لمجلس الأمن يتعلق بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، وهناك رغبة فلسطينية في استمرار التنسيق والتشاور في إطار مساع أخرى لإنهاء الحرب، كما أن ذلك يأتي ضمن توسيع دائرة التشاور بين السلطة الفلسطينية والدول القادرة على التأثير في مجريات الصراع الحالي على كافة المستويات.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “دولة الإمارات تساهم في التفاعلات الإقليمية وتقديم الدعم الإغاثي ومساعدة الفلسطينيين في نضالهم، وهو ما عبرت عنه أبوظبي في مواقفها المعلنة بشأن ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال وفق مبدأ حل الدولتين، وباستطاعتها أن تلعب دورا كبيرا في الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز موقف الفلسطينيين”.

وشدد الحرازين على أن “منظمة التحرير الفلسطينية هي وحدها من تقرر مستقبل السلطة التي تعد أحد فروعها، ولم تغادر قطاع غزة وهناك تواصل مع الجهات الحكومية الأخرى الموجودة على الأرض (حماس)، ويصعب الحديث عن دور مستقبلي للسلطة من دون أن يقرر ذلك الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية ومنظمة التحرير التي مازالت قادرة على تقديم الكثير من متطلبات الحياة إلى المواطنين”.

اقرأ أيضا: 

الحرب ليست قصصا مصورة

دكتاتورية حماس والحرب الدائرة

 

1