الصين تعود لتشديد القيود على صناعة ألعاب الفيديو

بكين - أعلن المنظمون الصينيون الجمعة عن مجموعة واسعة من القواعد الهادفة إلى الحد من الإنفاق والمكافآت التي تشجع ألعاب الفيديو، مما يوجه ضربة لأكبر سوق للألعاب في العالم، والذي عاد إلى النمو هذا العام.
وفي أحدث حملة قمع على القطاع ستحدد القواعد الجديدة بشكل فعال حدود الإنفاق للألعاب عبر الإنترنت، لكنه سيجعل الشركات تتكبد خسائر في الوقت الذي كانت تتطلع فيه إلى تصحيح مسار أعمالها وإيراداتها.
وسيتم منع الألعاب عبر الإنترنت من منح اللاعبين مكافآت إذا قاموا بتسجيل الدخول كل يوم، أو إذا أنفقوا على اللعبة لأول مرة، أو إذا أنفقوا عدة مرات على اللعبة على التوالي. وكلها آليات لحوافز شائعة في الألعاب الإلكترونية.
وأصدرت هيئة تنظيم الألعاب، وهي الإدارة الوطنية للصحافة والنشر، مبادئ توجيهية تنص على أن “الألعاب عبر الإنترنت لا يمكن أن تقدم حوافز لتسجيل الدخول أو الشراء اليومي”.
وتشمل القيود الأخرى الحد من مقدار ما يمكن للمستخدمين إعادة شحنه وإصدار تحذيرات بشأن “سلوك الاستهلاك غير العقلاني”.
وتشير القيود الشاملة التي فاجأت غالبا اللاعبين في الصناعة والمستثمرين إلى أن بكين تستعد لشن حملة قمع أخرى في أكبر دولة لألعاب الهاتف المحمول حول العالم.
وفور صدور القرار هوت أسهم شركة تنسنت هولدينغز، أكبر شركة ألعاب في العالم، بما يصل إلى 16 في المئة، وهو أكبر انخفاض لها منذ عام 2008، وتكبدت خسارة بنحو 54 مليار دولار.
كما انخفضت أسهم أقرب منافسيها، ريفال نتإيزي، بما يصل إلى 28 في المئة، فيما تراجع سهم شركة نيكسون، التي تحصل على جزء كبير من إيراداتها من الصين، بنسبة 8 في المئة.
وانزلق سهم بيليبيلي، شركة خدمة تواصل اجتماعي تحظى بشعبية بين اللاعبين، هو الآخر بنسبة تقدر بحوالي 6.1 في المئة.
ونسبت رويترز إلى ستيفن ليونغ، المدير التنفيذي للمبيعات المؤسسية في شركة الوساطة يو.أو.بي كاي هيان، ومقرها هونغ كونغ، قوله إن “الأمر لا يتعلق بالضرورة بالتنظيم نفسه، بل إن مخاطر السياسة مرتفعة للغاية”.
وأضاف “كان الناس يعتقدون أن هذا النوع من المخاطر كان ينبغي أن ينتهي، وبدأوا في النظر إلى الأساسيات مرة أخرى”. وتابع “هذا يضر بالثقة كثيرا”.
وبحسب اتحاد صناعة الألعاب الصيني، فقد نما عدد لاعبي ألعاب الفيديو بالبلاد إلى رقم قياسي بلغ 668 مليونا اعتبارا من نهاية يونيو الماضي، مع عودة أكبر سوق للألعاب في العالم للنمو بعد حملة تشديد صارمة من قبل الحكومة.
وقالت رابطة الصناعة في تقرير أواخر يوليو الماضي إن إيرادات مبيعات سوق الألعاب المحلي وصلت إلى نحو 144.2 مليار يوان (20.2 مليار دولار) للنصف الأول من هذا العام.
وكتبت المحللة أليسيا ياب في سيتي بنك في مذكرة الصيف الماضي، أنه تمت الموافقة على ما يصل إلى 90 لعبة كل شهر، بإجمالي ما يصل إلى ما بين ألف وألف ومئة لعبة محلية في 2023 بأكمله، أو ما يقرب من ضعف أرقام العام الماضي.
وأصبحت بكين صارمة بشكل متزايد في ما يتعلق بألعاب الفيديو على مر السنوات الأخيرة. ويركز المنظمون على ترتيب فوضى شركات التكنولوجيا التي نما العديد منها إلى حد كبير دون عوائق على مدى السنوات القليلة الماضية.
ويتوقع خبراء أن توجه هذه القيود ضربة للأغلبية الساحقة من الألعاب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، باستثناء تلك التي تبيع نسخا منها فقط.
وقال تشنغ شياو فنغ، نائب رئيس شركة نيكو بارتنرز، لبلومبرغ “ستحتاج الشركات إلى إصلاح النماذج التي تدر الدخل بها، بما في ذلك كيفية تحصيل الأموال من مستويات مختلفة من اللاعبين”.
وتعرض القطاع قبل عامين لضغوط امتدت لأشهر من بكين، التي ضاعفت القيود على شركات الإنترنت القوية، مع فرض غرامات عليها بسبب مسائل مرتبطة بالمنافسة وحماية البيانات الشخصية.
ووضعت الصين في عام 2021 حدا صارما لوقت اللعب للاعبين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما بثلاث ساعات فقط في الأسبوع.
كما علقت الموافقات على ألعاب الفيديو الجديدة لمدة ثمانية أشهر تقريبا، بسبب مخاوف من إدمان الألعاب، ولم يتم استئنافها إلا في أبريل العام الماضي، حيث خففت السلطات حملة قمع أوسع على صناعة التكنولوجيا بأكملها.
ووصفت إحدى وسائل الإعلام الحكومية الألعاب عبر الإنترنت بأنها “أفيون روحي”، في إشارة إلى العصور الماضية عندما كان الإدمان على المخدرات منتشرا على نطاق واسع في الصين.
وعلى الرغم من أن الحملة انتهت رسميا في 2022 باستئناف الموافقات الجديدة على الألعاب، إلا أن المنظمين استمروا في فرض قيود للحد من الإنفاق “داخل اللعبة”.
والقواعد الجديدة التي تم الكشف عنها هي اللوائح الأكثر وضوحا حتى الآن والتي تهدف إلى الحد من الإنفاق داخل اللعبة، إلى جانب حظر ميزات المكافآت، يُطلب من الألعاب أيضا وضع حدود على مقدار ما يمكن للاعبين تعبئة محافظهم الرقمية للإنفاق داخل اللعبة.
ويُحظر على الألعاب أيضا تقديم ميزات السحب المحظوظ على أساس الاحتمالات للقاصرين، ومن تمكين المضاربة والمزاد العلني لعناصر الألعاب الافتراضية.
لكن القواعد الجديدة تضمنت اقتراحا من المتوقع على نطاق واسع أن ترحب به الصناعة، ويتطلب من المنظمين معالجة الموافقات على اللعبة في غضون 60 يوما.
وتعكس القواعد الجديدة أيضا مخاوف بكين بشأن بيانات المستخدم، حيث تتطلب من ناشري الألعاب تخزين خوادمهم داخل الصين.