حسابات سياسية خلف إصرار حماس على ضم مروان البرغوثي إلى صفقة التبادل المقبلة

إسرائيل تخشى تكرار "خطيئة" الإفراج عن يحيى السنوار.
الجمعة 2023/12/22
مروان البرغوثي.. إلى الواجهة مجددا

تواجه المفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل الكثير من التعقيدات في ظل تشبث حماس بعدد من الشروط بينها الإفراج عن عدد من القيادات الفلسطينية البارزة على غرار الأسير مروان البرغوثي، الأمر الذي من غير الوارد أن تقبل به إسرائيل.

غزة- عاد اسم القيادي الفلسطيني الأسير في السجون الإسرائيلية مروان البرغوثي إلى الواجهة، في ظل مفاوضات صعبة تجري برعاية إقليمية وأميركية لإنضاج صفقة تبادل أسرى جديدة بين إسرائيل وحركة حماس.

وكشفت وسائل إعلام عبرية أن حركة حماس تصر على أن تشمل صفقة تبادل الأسرى المقبلة مع إسرائيل ثلاثة من القادة الفلسطينيين البارزين، وهم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي، وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، والقيادي في حماس عبدالله البرغوثي.

ويرى مراقبون أن إصرار حماس على إطلاق سراح البرغوثي (64 عاما) لا يخلو من حسابات سياسية للحركة، حيث إنها تفكر في اليوم التالي الذي سيعقب انتهاء الحرب على غزة.

سامر عنبتاوي: الحديث عن خروج مروان البرغوثي  سابق لأوانه
سامر عنبتاوي: الحديث عن خروج مروان البرغوثي  سابق لأوانه

ويشير المراقبون إلى أن حماس ترى أن البرغوثي هو الخيار الأمثل البديل عن قيادة الرئيس محمود عباس (88 عاما)، كما أنها تريد قطع الطريق على بعض الأسماء المطروحة لخلافة الأخير، من بينها رئيس الحركة التصحيحية في فتح محمد دحلان وأمين سر المكتب التنفيذي للحركة حسين الشيخ.

ولطالما كانت حماس في خصومة مع السلطة الفلسطينية الحالية، وذهبت العلاقات بينهما حد الصدام المسلح في العام 2007 انتهت بسيطرة الحركة الإسلامية على قطاع غزة، وقد فشلت على مدار السنوات الماضية كل جهود المصالحة بين الطرفين.

ويقول المراقبون إن حماس تتهيأ لمرحلة ما بعد الحرب، وهي تدرك أنها قد تجد نفسها مضطرة إلى تقديم تنازلات من قبيل الاعتراف بدولة إسرائيل وبالاتفاقيات الموقعة مع الأخيرة، الأمر الذي قد يفضي إلى دخولها تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، ضمن مسار سياسي أشمل يقوم على إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية.

وسبق وأن كشفت الإدارة الأميركية عن رغبتها في حصول تغيير على مستوى القيادة الفلسطينية، التي تعاني من ترهل ومن رفض الشارع الفلسطيني لها. وتراهن إدارة جو بايدن على قيادة جديدة تتمكن من بسط سيطرتها على قطاع غزة والضفة الغربية معا.

وتضع حركة حماس كل ذلك في اعتبارها ومن هذا المنطلق هي تصر على إطلاق سراح البرغوثي الذي قد يشكل البديل الأكثر قبولا بالنسبة لها لقيادة السلطة الفلسطينية، كما أن الحركة تراهن على أن خروج البرغوثي قد يعزز الشرخ داخل غريمتها فتح.

ورفض عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لـ”فتح”، الحديث الدائر عن أن إطلاق سراح البرغوثي سيثير خلافات في فتح، مؤكدا أن الحركة ستُفْرَز قيادتها على أساس صندوق الاقتراع خلال مؤتمرها العام، فيما شدد على أن البرغوثي يحظى بشعبية كبيرة داخلها.

وقال زكي لوكالة أنباء العالم العربي “كل أسير له دَين على القيادة الفلسطينية بأن يُطلق سراحه من السجون الإسرائيلية، والبرغوثي له خصوصية كونه عضوا في اللجنة المركزية لفتح، ومحكوما بخمسة مؤبدات، وهو في قلوب ووجدان الفتحاويين شأنه شأن كل القيادات التي تعاني قسوة الاحتلال”.

عباس زكي: حال خروج مروان سيكون هذا انتصارا لنا، وسيكون عضوا فاعلا باللجنة المركزية
عباس زكي: حال خروج مروان سيكون هذا انتصارا لنا، وسيكون عضوا فاعلا باللجنة المركزية

وأضاف “البرغوثي كان مسؤولا عن الانتفاضة عام 2000، له التقدير منا كلنا، وما يُطرح من تغييرات تراها أميركا وإسرائيل لا يقبلها مروان، لأنه قضى سنوات عجافا داخل السجن، ولا يثق ولا يقبل التدخل الإسرائيلي – الأميركي، ولا يثق بهما في ما يتعلق بترتيب القيادة الفلسطينية والطرح الذي يتحدثون به”.

وأردف “حال خروج مروان سيكون هذا انتصارا لنا، وسيكون عضوا فاعلا باللجنة المركزية.. وإذا أجريت انتخابات، فالأمر واضح: هو يفوز وهو داخل السجن، فكيف وهو خارجه؟ أي تغييرات بالشأن الفلسطيني أمر داخلي يخضع للانتخابات والتوافقات، ولن نستسلم لضغوط أميركا وإسرائيل”.

وتابع “أبواب الاختيارات داخل فتح، مفتوحة بالطريقة الديمقراطية”، داعيا إلى البحث عن إستراتيجية فلسطينية تكون قاعدتها الوحدة الوطنية وترتيب البيت الداخلي، مؤكدا أن هذا الترتيب لم يتحقق بسبب التدخلات الخارجية والظروف الاستثنائية الطارئة التي تمر بها القضية الفلسطينية.

وأكد زكي أن أي تغييرات بعد خروج البرغوثي ستكون ضمن قوانين ناظمة، وقال “صندوق الاقتراع هو من يعطي المصداقية للقائد، وليست حالات الطوارئ هي التي تنتج القادة، فحتى الرئيس الراحل ياسر عرفات رشح نفسه لقيادة السلطة، لأنه يدرك أن الصندوق من يعطي المحبة للقائد”.

ومن غير المنتظر أن تقبل إسرائيل بإطلاق سراح البرغوثي الذي كان لعب دورا أساسيا في انتفاضة الأقصى، حيث تعتبر دوائر إسرائيلية أن مثل هذه الخطوة ستشكل خطيئة كبرى تضاهي، إن لم تكن أكثر، خطيئة إطلاق سراح يحيى السنوار في العام 2011 في إطار صفقة للإفراج عن الجندي جلعاد شاليط، والذي تعتبره إسرائيل اليوم مهندس هجوم السابع من أكتوبر الذي قضى فيه 1200 إسرائيلي.

وكانت إسرائيل رفضت بشدة في السابق إطلاق سراح البرغوثي ضمن صفقة شاليط ومن غير المرجح أن تقبل بذلك اليوم.

ويقول متابعون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدرك أن القبول بالإفراج عن البرغوثي المعتقل منذ العام 2002، سينظر إليه حلفاؤه من اليمين وأيضا جانب كبير من الشارع الإسرائيلي على أنه انتصار لحماس، وسيضاعف الضغوط المفروضة عليه أصلا.

ويتهم الإسرائيليون البرغوثي بأنه كان يقف وراء موجة الهجمات الانتحارية التي أعقبت انطلاقة انتفاضة الأقصى واستهدفت مواقف حافلات وأسواقا ومطاعم ونوادي ليلية يرتادها إسرائليون مدنيون.

واعتبر المحلل السياسي سامر عنبتاوي أن الحديث عن خروج البرغوثي والأسرى من ذوي الأحكام الطويلة، سابق لأوانه، في ظل التفاوض الصعب الجاري الآن بوساطة بين إسرائيل وحماس.

حماس تتهيأ لمرحلة ما بعد الحرب، وهي تدرك أنها قد تجد نفسها مضطرة إلى تقديم تنازلات من قبيل الاعتراف بدولة إسرائيل

ويجري إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، محادثات في مصر لليوم الثاني الخميس في تدخل شخصي نادر أشار في ما سبق إلى أن الجهود الدبلوماسية بلغت مراحل مهمة. وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن أمينها العام زياد نخالة في طريقه إلى القاهرة أيضا.

ويبدو أن المحادثات هي الأكثر جدية منذ أن انهار مطلع الشهر الجاري وقف إطلاق نار استمر أسبوعا، لكن المواقف العامة للطرفين متباعدة.

وأكد عنبتاوي في تصريحات صحفية أن خروج البرغوثي ستكون له انعكاسات كبيرة على الواقع الداخلي الفلسطيني، قائلا “إذا ما تم ذلك (الخروج) سيؤدي إلى تغيّر كامل بالنهج الفلسطيني”.

وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، كشفت في وقت سابق أن إدارة السجون الإسرائيلية ترفض الإفصاح عن مكان عزل البرغوثي بعد نقله من معتقل عوفر، وعزله منذ ما يزيد عن أسبوع.

 

اقرأ أيضا:

      • "أوسلو" المغدور به إسرائيليا وفلسطينيا

2