الاستثمار الرياضي مجال واعد لتنمية الاقتصاد المغربي

تكتسب خطط تنمية الاقتصادي المغربي زخما كبيرا في ظل اهتمام الحكومة بتنويع محفظة أعمالها وتنويع المشاريع عبر استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاع الرياضة التي قد تدر على الدولة إيرادات سنوية كبيرة مع اقتراب تنظيم مونديال 2030.
الرباط - يفتح الإصلاح المستمر في المغرب الباب أمام تغيير خارطة الرياضة مع مساعي تطوير القطاع عبر الاستعانة بالمستثمرين لتوسيع أعمالهم وتدشين مشاريع جديدة ومعاضدة جهود الحكومة استعدادا لكأس العالم لكرة القدم بعد ست سنوات ونيف من الآن.
ولدى المسؤولين قناعة بأن لديهم من الإصرار والعزيمة لجعل صناعة الرياضة محركا مهما في التنمية كما هو الحال في قلة من الدول العربية مثل السعودية وقطر اللتين تستثمران بكثرة في القطاع بما في ذلك البنية التحتية وتطوير الأندية.
ويعتقد فوزي لقجع، الذي يتولى رئاسة اتحاد كرة القدم المغربي وفي الوقت ذاته وزارة الميزانية، أن الهدف هو جعل التحديات التي ستبرز بحلول عام 2030 “وسيلة لرفع وتيرة التنمية في بلادنا”.
وقال لقجع، العضو في مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إن “بلادنا كانت دائما وجهة للمستثمرين، لكن الوتيرة سترتفع في مختلف البنى التحتية”.
وستكون أنشطة الشركات العاملة في هذه الصناعة المهمة نواة رئيسية لتنميتها بشكل أكبر مستقبلا مع الرفع من حجم سوقها بما ينسجم مع إستراتيجية التطوير الشاملة رغم التحديات.
وقدرت دراسة حديثة حجم صناعة الرياضة في البلاد بحوالي 19 مليار درهم (1.8 مليار دولار) بنهاية العام الماضي، وهي تمثل إيرادات الشركات الخاصة العاملة في هذا المجال، ويعادل هذا الرقم 1.56 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وشملت الدراسة، التي أعدتها الفيدرالية المغربية لمهنيي الرياضة، التي تأسست في يونيو 2021، العديد من الأنشطة والخدمات التي تقدمها حوالي 321 شركة خاصة.
وتضم تلك الأنشطة نوادي كرة القدم في بطولة الاحترافي الأول وصالات الرياضة وأيضا ألعاب الرهانات ومتاجر المعدات والآليات والتغذية الرياضية والإعلام والتواصل، وكل المجالات المرتبطة بالقطاع.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن مهدي سكوري العلوي رئيس الفيدرالية إن “حجم هذه الصناعة يُمكن أن يتضاعف إلى 38 مليار درهم (3.7 مليار دولار) بحلول عام 2030″، وهو تاريخ استضافة المغرب كأس العالم بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
وأكد أنه هدف يتطلب إيلاء الأهمية لهذه الصناعة واعتبارها قطاعا رياضيا واقتصاديا أيضا وأن تجد مكانا لها في السياسات العامة للدولة.
ويشكل تنظيم المونديال تحديا أكبر للرباط، يتمثل في طموحها لتحقيق معدل نمو عند نحو 6 في المئة سنويا بحلول العام 2035، كحد أدنى لتجاوز معضلة التفاوت الاجتماعي بين الجهات.
وتتوقع دراسة نشرتها مؤخرا شركة صوجي كابيتال جيستيون للاستثمار المالي أن تبلغ تكاليف تنظيم المونديال بالنسبة إلى المغرب نحو 5 مليارات دولار.
واعتبر خبراء صوجي أن الموازنة العامة بإمكانها تحمل هذه التكاليف مع ترجيح اللجوء إلى دعم من الخارج في حدود المليار دولار، فضلا عن الملاعب ومراكز التدريب.
وتشمل الاستثمارات المرتقبة بالأساس تقوية شبكة النقل البري وسكك الحديد والفنادق والاتصالات الرقمية، خصوصا التحول لخدمات الجيل الخامس. ويفترض كذلك الاستثمار في المرافق الصحية التي تحتاج إلى التطوير.
ويقول المحللون إن من شأن هذه الخطوة تحقيق انتعاشة قوية للبلاد على المديين القريب والمتوسط في قطاعات التشييد والبناء والقطاع المصرفي والسياحة.
وتشير تقديرات صوجي كابيتال، وهي فرع بنك الشركة العامة الفرنسي في المغرب، إلى أن عائدات السياحة في العام 2030 سوف تقارب 120 مليار درهم (نحو 11.7 مليار دولار).
وكانت الحكومة قد سجّلت عائدات قياسية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي بنحو 7.92 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 24.8 في المئة بمقارنة سنوية، بحسب بيانات وزارة السياحة.
وتستحوذ أنشطة الرهانات الرياضية على حصة الأسد من الإيرادات المحققة في القطاع الخاص العامل في هذا المجال بنحو 67 في المئة، تليها تجارة التجزئة بنسبة 19 في المئة، ثم نوادي كرة القدم بنسبة 5 في المئة.
وتظهر الإحصائيات الرسمية أن القطاع الخاص الرياضي في المغرب وفر فرص عمل لنحو 11500 شخص العام الماضي، بزيادة قدرها 17 في المئة عن العام 2021.
وتتركز هذه الوظائف بالأساس في أنشطة نقاط بيع ومتاجر العلامات والمعدات الرياضية بنسبة 31 في المئة، تليها صالات الرياضة بحصة 25 في المئة ثم نوادي فرق كرة القدم في القسم الأول الاحترافي بحصة 12 في المئة.
وأشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في دراسة العام الماضي، إلى أن عدد الوظائف في القطاع بلغ في 2020 نحو 240 ألفا، في حين يصل العدد إلى 448 ألفا في فرنسا و424 ألفا في المملكة المتحدة.
وتشكل الخدمات أغلب أنشطة صناعة الرياضة في البلاد، حيث لا تمثل الصادرات من حجم الإيرادات المحققة سوى 2 في المئة.
ويرى علوي أن القطاع يتطلب اهتماما أكبر لزيادة التصنيع محليا، مثل إنتاج المنتجات الرياضة وتوفير العشب الاصطناعي بدلا من استيراده من الخارج.
ويُقدر حجم الرياضة في الاقتصاد العالمي بنحو 1.31 تريليون دولار، أي ما يعادل 2 في المئة من الناتج الإجمالي، منها 273 مليار دولار للمنتجات الرياضية، بحسب أرقام تعود إلى عام 2019 صدرت عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في فرنسا.
ورغم اعتماد المغرب لقانون يفرض على نوادي كرة القدم التحول إلى شركات، فإن التجربة لم تحقق المبتغى وهو جلب استثمارات محلية وأجنبية.
ويقول العلوي إن عملية التحول هذه لم تذهب بعيدا ولم تستقطب مستثمرين رغم أن هناك رغبة كبيرة للاستثمار في نوادي فرق كرة القدم الأربعة الأولى.
وتقدر الميزانية الإجمالية لأندية كرة القدم في القسم الأول من البطولة الاحترافية بنحو 86.7 مليون دولار، كما أن عقود الرعاية نادرا ما تأتي من مستثمرين أجانب، حيث يقتصر الأمر في الغالب على الشركات المحلية.