تفاؤل سوداني بزيادة حصاد الحبوب في الموسم المقبل

الخرطوم - يحدو المسؤولين السودانيين تفاؤل من أن موسم حصاد حبوب الموسم المقبل سيكون وافرا قياسا بالعام الحالي، ما قد يجعل الحكومة تلتقط أنفاسها بعض الشيء خاصة مع موجة خفوت الأسعار في الأسواق العالمية.
ورجحت وزارة الزراعة أن تتضاعف محاصيل الحبوب رغم العديد من المنغصات في مقدمتها التغيرات المناخية والحرب وقلة الدعم للقطاع بسبب الأوضاع المالية السيئة.
وأكد صلاح الدين شريف طمبل وكيل الوزارة أن المؤشرات تبشر بإنتاج نحو 10 ملايين طن من الحبوب الغذائية للموسم الصيفي مقارنة بإنتاج 8 ملايين طن في الموسم السابق.
ويملك البلد الذي كان في فترة ما يوصف بـ”سلة المنطقة العربية” مقومات الاستثمار في القطاع مع وفرة الأراضي الصالحة للزراعة بمساحات شاسعة غير مستغلة.
ولكنه أصبح اليوم بفعل الأزمات وسوء إدارة المسؤولين لهذا المجال الحيوي غير قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من حاجاته للمواد الغذائية الاستهلاكية في ظل نقص الدعم الحكومي والتغير المناخي.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الاستهلاك المحلي من الحبوب يبلغ 5 ملايين طن. ويعتمد حوالي ثلث السكان البالغ عددهم الإجمالي 46 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية.
ويمر البلد حاليا بأوضاع صعبة مع تفاقم مشكلة الجفاف وقلة الأمطار وزادت من تعقيدات الأمن الغذائي الحرب التي اندلعت منذ أبريل الماضي والتي جعلت السكان في وضع لا يحسدون عليه.
ويدور نزاع بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو. وتقول الأمم المتحدة إن الحرب دفعت حوالي 6.8 مليون شخص على الفرار من منازلهم.
وأوضح طمبل أن ملامح خطة الموسم الزراعي 2023 – 2024 بدأت بتكوين لجنة الطوارئ بغرض إنجاح الموسم الذي أتى في ظل الاضطرابات الأمنية الناجمة عن الحرب التي أثرت على عدد من الولايات (المحافظات) خاصة الخرطوم و كردفان ودارفور.
ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى طمبل قوله إن الخطة كانت تهدف إلى زراعة 60 مليون فدان في القطاعين المطري والمروي إلا أنها تقلصت إلى 47 مليون فدان وما تم زراعته فعليا هو 37 مليون فدان في كل الولايات عدا الولايات المضطربة سالفة الذكر”.
وفيما يختص بزراعة الموسم الشتوي لمحصول القمح، أكد أن الخطة تهدف إلى زراعة 500 ألف فدان مع الاعتماد على زيادة التقاوي.
وعزا طمبل عجز وزارة المالية في تحديد السعر التركيزي لمحصول القمح لارتفاع كلفة الزراعة مقارنة بالقمح المستورد.
وأشار إلى التحديات التي جابهت الموسم ومن ضمنها تقارير الأرصاد الجوية التي أشارت إلى تدني الأمطار إلى دون المتوسط.
لكن الوزارة تمكنت من تلافي المشكلة باللجوء إلى استخدام التقاوي المحسنة من الحبوب سريعة النضج والمقاومة للجفاف بالإضافة إلى تقنيات حصاد المياه في القطاعين المطري والمروي.
ومنذ الصيف الماضي شرع السودان في تنسيق جهوده بغية إعادة التركيز على استخدام البذور الأصلية في محاولة لتعزيز إنتاجية المحاصيل أملا في تجاوز موجة الجفاف التي تضرب البلاد منذ سنوات والتي جعلت الزراعة من أضعف القطاعات مردودية.
وقدمت منظمة الأغذية الزراعة (فاو) حوالي 980 مليون طن من التقاوي المحسنة، زرعت في 20 مليون فدان من إجمالي 37 مليون فدان تنوي الخرطوم زراعتها.
وإلى جانب ذلك ساعدت جهود إدارة وقاية النباتات السودانية في القضاء على الآفات التي تضرب المحاصيل، وقد أدت هذه العملية إلى تسجيل فائض في الحبوب العام الماضي بواقع 3 ملايين طن.
وفند طمبل التوقعات التي أشارت إلى حدوث مجاعة في البلاد بالقول إن “الاشكالية تمثلت في صعوبة توصيل الغذاء إلى المناطق المتأثرة بالحرب وليس في الغذاء”، نافياٰ وجود مجاعة.
والأسبوع الماضي طلبت الأمم المتحدة تمويلا مقداره أكثر من 75 مليون دولار بشكل عاجل لمواجهة الأزمة الغذائية في السودان حيث يعاني أكثر من 17 مليون نسمة بعد أشهر من الحرب، انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وحذّرت فاو في بيان الثلاثاء الماضي من “تصاعد أزمة الغذاء في السودان، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات فورية وجماعية لتجنب كارثة إنسانية وشيكة”.
ووفقا للتوقعات، يواجه 17.7 مليون شخص، أو 37 في المئة من السكان، مستوى مرتفعا من انعدام الأمن الغذائي بين أكتوبر الماضي وفبراير المقبل.
وأشارت منظمة فاو في بيانها إلى أن “النزاع وتصاعد العنف يؤجّجان الأزمة الإنسانية ويؤديان إلى تدهور الأمن الغذائي للسكان في العديد من المناطق الحضرية وشبه الحضرية والريفية”، موضحة أن المناطق الأكثر تضررا كانت دارفور وكردفان والخرطوم.
وقال ممثل وكالة الأمم المتحدة في السودان هونغ جي يانغ إن “الحاجة الملحّة واضحة والتزامنا لا يتزعزع، لكن المستقبل يتطلب المزيد من التمويل حتى نتمكن من مواصلة دعمنا الحيوي”.
ولذلك، تطلب منظمة الأغذية والزراعة بشكل عاجل مبلغ 75.4 مليون دولار، خصوصا من أجل تحسين الإنتاج الزراعي المحلي.
وبين شهري يوليو وسبتمبر الماضيين، ساعدت منظمة فاو أكثر من مليون أسرة زراعية، أي ما يعادل خمسة ملايين شخص، لاسيما من خلال توزيع البذور.
وتتزايد مطالبات الأوساط الزراعية لتوسيع مظلة تمويل مشاريع القطاع لتشمل الشباب العاطلين والنساء في الأرياف للمساهمة في زيادة إنتاج المحاصيل والتغلب على تحديات تحقيق الأمن الغذائي.
وقال طمبل إن “ثمّة مشروعا لتمكين المزارعين الشباب الممول من بنك التنمية الأفريقي وهو يشمل العديد من الولايات بما في ذلك سنار”، معربا عن تفاؤله بالنجاح لما تتمتع به الولاية من تنوع في الاراضي الزراعية والغابية والثروة الحيوانية.