نزهة بين المدن

ما من أحد أنصت إلى فيروز إلا وتعلق بتلك المدينة التي اجتمعت فيها الأمم ذات يوم. وقد غنت فيروز لمدن عربية عديدة دمشق، بيروت، تونس، القدس.
السبت 2023/12/16
حين تأخذنا المدن بين شوارعها وأزقتها

قبل سنوات كنت مدعوا إلى مهرجان المحرس الفني بتونس ولأن المحرس تقع على بعد أكثر من ثلاث ساعات عن العاصمة التونسية فقد أبلغتني إدارة المهرجان بأن في إمكاني أن أقضي ليلة في فندق ليدو الذي يقع في "حلق الوادي" وهي إحدى ضواحي العاصمة، تقع على البحر.

فيما كنت أجوب الشوارع ليلا تناهى إلي صوت فريد الأطرش وهو يغني "تونس أيا خضرة/ يا حارقة الأكباد/ غزلانك البيضا/ تصعب على الصياد/ غزلان في المرسى ولا في حلق الواد/ على الشطوط تعوم/ م تخاف صيد المي" يومها تذكرت ما حدث لي في لبنان حين سمعت صديقي الشاعر وهو يقول "وصلنا تنورين" فصرت من غير أن أشعر أردد أغنية فيروز "ع هدير البوسطة اللي كانت نقلتنا/ من ضيعة حملايا ع ضيعة تنورين" جربت في القاهرة أن أقوم بنزهة على وقع الأغاني.

بدأت بمحمد قنديل وهو يقول "يا رايحين الغورية/ هاتو لحبيبي هدية" ثم صوت محمد عبدالمطلب "ساكن في حي السيدة/ وحبيبي ساكن في الحسين/ وعشان أنول كل الرضا/ يوماتي اروحلو مرتين/ م السيدة لسيدنا الحسين". أما شفيق جلال فإنه أخذني في جولة "ما بين حيين/ المسكي والحسين"، وكم حلمت بزيارة الإسكندرية وأنا أستمع إلى محمد قنديل وهو يقول "بين شطين ومية/ عشقتكم عينيه/ يا غالين عليه/ يا أهل اسكندرية".

وما من أحد أنصت إلى فيروز إلا وتعلق بتلك المدينة التي اجتمعت فيها الأمم ذات يوم "شط اسكندرية يا شط الهوى/ رحنا اسكندرية رمانا الهوى/ يا دنيا هنية وليالي هنية/ أحملها بعنيا شط اسكندرية". ولقد غنت فيروز لمدن عربية عديدة دمشق، بيروت، تونس، القدس.

تقول في الأغنية التي كتب كلماتها سعيد عقل عن مكة "غنيت مكة أهلها الصيدا/ والعيد يملأ أضلعي عيدا" زارت أم كلثوم بغداد عام 1932 غير أنها غنت لها عام 1958 من كلمات محمود حسن إسماعيل "بغداد يا قلعة الأسود/ يا كعبة المجد والخلود/ يا جبهة الشمس للوجود/ سمعت في فجرك الوليد/ توهج النار في القيود" والظريف أن العراقيين كانوا يستمعون إلى مقدمة الأغنية الموسيقية التي وضعها رياض السنباطي كلما حان وقت نشرة الأخبار.

وكان عبدالغني السيد قد سبق أم كلثوم حين غنى من كلمات علي الجارم "بغداد يا بلد الرشيد/ ومنارة المجد التليد/ يا بسمة لما تزل/ زهراء في ثغر الخلود" ولأن صباح أقامت زمنا في القاهرة فقد حق لها أن تتصل ببيروت "ألو بيروت". تقول "خذني مشوار ع الروشة ع المنارة/ بدي بيروت حاكيها حارة بحارة/ من باب ادريس للحمرا/ لفرن الشباك للدورة/ وبترجعني تازور الأشرفية".

18