طريق وعرة أمام اكتساب السيارات الكهربائية تأثيرا حقيقيا في الأسواق

تسلا تخفض الأسعار للحفاظ على تشغيل خطوط التجميع في الصين والولايات المتحدة.
السبت 2023/12/16
قفزة نوعية في صناعة السيارات الكهربائية

ديترويت (الولايات المتحدة) - تسود حالة من الاقتناع بين طيف واسع من الخبراء والمحللين بأن 2023 هو العام الذي اتخذ فيه سباق صناعة السيارات نحو مستقبل كهربائي بالكامل منعطفا حقيقيا.

ومع اقتراب العام الجديد، يستعد المصنعون لاستثمار 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2030 لنقل هذه الفئة من المركبات من المنتجات المتخصصة إلى نماذج السوق الشامل والعديد منها مزود ببطاريات وبرامج تم تطويرها داخليا، وفقا لتحليل رويترز.

وتعمل الشركات التقليدية وكذلك شركات مثل تسلا وريفيان وغيرهما من الشركات الناشئة في هذا المجال على تقليص الاستثمار وإعادة صياغة إستراتيجيات المنتجات.

وتناشد الشركات التي اعتادت إنتاج مركبات الاحتراق الداخلي صنّاع السياسات تقديم المزيد من المساعدة لتعويض التكاليف المرتفعة للتحول الأخضر، بالإضافة إلى المليارات من الدولارات التي تم ضخها بالفعل في دعم السيارات الكهربائية.

جيف بارنت: هذه المركبات هي المستقبل لكن أمامها سنوات لتنتشر
جيف بارنت: هذه المركبات هي المستقبل لكن أمامها سنوات لتنتشر

ويتزايد طلب المستهلكين على المركبات الكهربائية في جميع أنحاء العالم تقريبا وخصوصا في الأسواق التي بذل المنظمون فيها جهودا لترسيخ فكرة التنقل الصديق للبيئة.

لكن البعض يرى أن اعتمادها لا يحدث بالسرعة أو الربحية التي توقعها المسؤولون التنفيذيون في هذه الصناعة، خاصة في الولايات المتحدة.

ودفعت أسعار الفائدة المرتفعة في الكثير من الأسواق العديد من الطرز الكهربائية بعيدا عن متناول المستهلكين وخاصة من ذوي الدخل المتوسط.

ويعد الافتقار إلى البنية التحتية للشحن بمثابة عائق أمام المشترين الذين اعتادوا على إضافة مئات الأميال من نطاق القيادة بالبنزين في دقائق معدودة فقط.

وقال جيف بارنت، مدير العمليات في شركة أوتو نيشن، سلسلة بيع السيارات الأميركية لرويترز “ستكون المركبات الكهربائية هي مستقبل تجارة سيارات الركاب”.

ومع ذلك، أشار بارنت إلى أنه بسبب مخاوف المستهلكين بشأن الأسعار والرسوم المرتفعة، فإن “الطريق ستكون وعرة خلال السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة”.

ويعمل الرؤساء التنفيذيون في الصناعة على تضخيم التحوطات بشأن أهدافهم المتمثلة في التحول إلى الأساطيل الكهربائية بالكامل بحلول منتصف العقد المقبل.

وقالت ماري بارا، الرئيس التنفيذي لجنرال موتورز، لرابطة ديترويت للسيارات في وقت سابق من هذا الشهر عندما سُئلت عمّا إذا كانت الشركة لا تزال تهدف إلى أن تكون كهربائية بالكامل بحلول عام 2035 “سوف نتكيف مع مكان وجود الزبون”.

ويعد نموذج شاحنة البيك آب أف – 150 لايتنيغ واحدا من الطرز التي حمل آملا كبيرة في البداية، لكن سرعان ما تحول ذلك إلى خيبة أمل، وأظهر بوضوح مدى تقويض التوقعات المتفائلة.

ومدعومة بالطلب المبكر المتحمس على لايتنيغ، أضافت شركة فورد المصنعة لهذه الشاحنة الصغيرة في أغسطس الماضي طاقم عمل ثالثا في منشأتها التاريخية روج في ديربورن بولاية ميشيغان، لمضاعفة معدل إنتاجها من الشاحنة الصغيرة ثلاث مرات ليبلغ 150 ألفا سنويا.

التجميع متواصل

لكن في أكتوبر الماضي، ألغت الشركة النوبة الثالثة، وتمت إجازة 700 عامل، معترفة بأن الطلب على شاحنة أف – 150 الكهربائية لم يكن كافيا للحفاظ على وتيرة الإنتاج المخطط لها.

وفي الصين وأوروبا والولايات المتحدة، وهي من أسواق السيارات الكهربائية الرئيسية، لا يزال الطلب في أقوى اقتصادين في العالم ينمو بسرعة أكبر من الطلب على المركبات بشكل عام.

ويسير الإنتاج العالمي من السيارات الكهربائية على الطريق الصحيح ليتضاعف ثلاث مرات بحلول نهاية هذا العقد ليصل إلى 33.4 مليون مركبة، أي حوالي ثلث إجمالي الإنتاج، وفقا لشركة أوتو فوركاست سوليوشن.

وسيحدث الكثير من هذا النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث أن الدعم الحكومي وحرب الأسعار التي تقودها شركتا بي.واي.دي وتسلا الرائدتان في السوق الصينية، تجعل المركبات الكهربائية ميسورة التكلفة أكثر من مركبات الوقود، وفقا لتحليل جاتو ديناميكس.

وفي أميركا الشمالية، يمكن أن يزيد إنتاج المركبات التي تعمل بالبطاريات الكهربائية ستة أضعاف ليصل إلى ما يقرب من 7 ملايين مركبة بحلول 2030، وفقا لشركة أي.أف.أس.

وبحسب خبراء الشركة فإن هذا يعادل ما يقرب من 40 في المئة من سوق الولايات المتحدة المتوقعة ولكنه أقل بكثير من أهداف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

ويضغط المسؤولون التنفيذيون في الصناعة على الحكومة الأميركية للتراجع عن قواعد الانبعاثات التي تتطلب فعليا أن تمثل المركبات الكهربائية ثلثي مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة بحلول عام 2032.

وبالنظر إلى المستقبل، يثير المسؤولون التنفيذيون في الصناعة اثنين من المخاوف بشأن التحدي المتمثل في توسيع سوق السيارات الكهربائية إلى ما هو أبعد من المتبنين الأوائل للتكنولوجيا المغامرين: القدرة على تحمل التكاليف والوصول إلى الشحن.

33.4

مليون مركبة سيتم إنتاجها بحلول 2030 لتتضاعف ثلاثة مرات وفقا لأوتو فوركاست سوليوشن

وأجبرت الوتيرة البطيئة لتطوير البنية التحتية للشحن شركات صناعة السيارات الكبرى على عقد صفقات هذا العام مع تسلا للسماح لمشتري سياراتهم الكهربائية باستخدام شبكتها سوبر شارج وهو انقلاب تنافسي لأكبر بائع للمركبات الكهربائية.

وقال مارك ويكفيلد، الرئيس المشارك لممارسة السيارات في شركة أليكس بارتنارز الاستشارية، إن “استسلام الشركات لمعيار تسلا هو إشارة واضحة إلى أنهم يدركون أن الطلب يتراجع بسبب المخاوف بشأن فرض رسوم”.

وأكد أن “القدرة على تحمل التكاليف” هي رمز الصناعة لإقناع المستهلكين من ذوي الدخل المتوسط بدفع ما يكفي لشراء سيارة كهربائية لتغطية تكاليف الإنتاج الأعلى وتحقيق الربح في نفس الوقت.

وأوضح ويكفيلد أنه بالنسبة إلى معظم شركات صناعة السيارات القديمة، ثبت أن ذلك مستحيل حتى الآن.

وحتى تسلا، التي تجني الأموال من السيارات الكهربائية، اضطرت إلى خفض الأسعار للحفاظ على تشغيل خطوط التجميع بأقصى سرعة في الصين والولايات المتحدة.

وقال إيلون موسك، الرئيس التنفيذي للشركة، للمحللين في أكتوبر الماضي “إذا كانت تكلفة سيارتنا هي نفس تكلفة سيارة تويوتا راف 4 فلن يشتري أحد راف 4، أو على الأقل سيكون من غير المرجح أن يفعلوا ذلك”. وأضاف “لا تزال سيارتنا أغلى بكثير من راف 4”.

وتبدأ موديلات راف 4 بسعر 28.4 ألف دولار، بينما يبدأ الطراز واي بسعر 43.9 ألف دولار، وحتى نهاية ديسمبر تأتي سيارة تسلا مع إعفاءات ضريبية بقيمة 7500 دولار.

وحذرت تسلا من إمكانية تخفيض هذه الاعتمادات مع بدء تطبيق قواعد المحتوى المحلية الأكثر صرامة.

11