الانتخابات المحلية تفتح على مرحلة جديدة من هيمنة حلفاء إيران على العراق

استنساخ تجربة الإطار التنسيقي لفاعليتها في الإمساك بمقاليد السلطة.
الجمعة 2023/12/15
عند الصدريين الخبر اليقين

بغداد- سيتوجه العراقيون في الثامن عشر من ديسمبر الجاري إلى مراكز الاقتراع لاختيار أعضاء مجالس المحافظات للمرة الأولى منذ عقد، لكن محللين يرون أن الاقتراع سيكون وسيلة لأحزاب السلطة والفصائل المتحالفة مع إيران لتعزيز حضورها.

وتهيمن تلك الأحزاب والفصائل على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التي نجحت في تشكيلها عبر تحالف سياسي أنشأته تحت مسمّى الإطار التنسيقي.

ونظرا لفاعلية التجربة في القبض على مقاليد السلطة تتجه تلك القوى لتكوين إطار آخر لتستخدمه في تشكيل الحكومات المحلية للمحافظات.

علي البيدر: فرصة للأحزاب لغرس جذورها عميقا في الإدارات المحلية
علي البيدر: فرصة للأحزاب لغرس جذورها عميقا في الإدارات المحلية

وقال عضو ائتلاف دولة القانون، بقيادة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، سعد المطلبي إن الإطار التنسيقي سيعاد تشكيله على مستوى مجالس المحافظات بعد إجراء الانتخابات.

وأوضح أنّ الفترة التي تعقب انتخابات مجالس المحافظات ستشهد تشكيل تحالف جديد بناء على الأوزان الانتخابية لكل كتلة مشاركة في الانتخابات، مضيفا في تصريحات نقلتها مواقع إخبارية عراقية أنّ “إعادة تشكيل الإطار التنسيقي على مستوى مجالس المحافظات سيتم بعدها توزيع المسؤوليات على الكتل الداخلة في هذا التحالف وفقا لما حصلت عليه كل كتلة، حيث تحصل الكتلة الفائزة بأكثر المقاعد على الموقع التنفيذي الأول في المحافظة”.

وخلال الأسابيع الماضية امتلأت شوارع بغداد والمدن الكبرى باللافتات الانتخابية وصور المرشحين، بعضها تمّ تمزيقه أو إسقاطه أرضا، في انعكاس للشعور العام بالاستياء وخيبة الأمل في أوساط الناخبين، وفي مظهر أيضا على حدّة الصراع السياسي في البلد الغني بالنفط والذي يعاني فسادا منتشرا على أوسع نطاق.

وتجرى الانتخابات من دون التيار الصدري، أحد أبرز التيارات السياسية في العراق بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي أعلن مقاطعتها ليترك الساحة مشرعة تماما لخصومه في الإطار التنسيقي.

ويرى المحلل السياسي العراقي علي البيدر أنه “قد تكون مجالس المحافظات خطوة نحو البرلمان” بالنسبة إلى تلك الأحزاب، إذ أن الانتخابات البرلمانية المقبلة متوقعة في العام 2025.

ويضيف أن انتخابات المحافظات التي يفترض أن تجري كلّ أربع سنوات تعدّ كذلك “مغنما للكثير من الجهات الحزبية والسياسية التي تحاول غرس جذورها عميقا داخل منظومة السلطة في الإدارات المحلية وتسخير إمكانات الدولة لصالحها”.

وتأسست مجالس المحافظات بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 والإطاحة بنظام صدام حسين، وتتمتع بصلاحيات مهمة، بينها انتخاب المحافظ ووضع ميزانيات القطاعات الصحية والنقل والتعليم من خلال الأموال المخصصة من قبل الحكومة المركزية والإيرادات المحلية للمحافظة.

◙ أحزاب معارضة صغيرة منبثقة من تظاهرات عام 2019 قاطعت الانتخابات. لكن أحزابا أخرى مماثلة آثرت خوض المغامرة على أمل بناء قاعدة شعبية

لكنّ معارضين يرون أنّ مجالس المحافظات بمثابة أوكار للفساد وتخدم مصالح خاصة، الأمر الذي دفع البرلمان إلى حلها في خريف عام 2019 إثر ضغط شعبي وسط تظاهرات غير مسبوقة شهدتها البلاد حينها، لكن حكومة رئيس الوزراء الحالي أمرت بإعادتها.

وقال النائب بهاء النوري، عضو ائتلاف دولة القانون المنضوي في الإطار التنسيقي، لوكالة فرانس برس بشأن الدور الرقابي للمجالس إنها “تتابع عمل المحافظين وهي من يضع المشاريع في المحافظات ومن يحاسب مدراء الدوائر”.

وتعدّ الانتخابات المقررة الاثنين الأولى من نوعها منذ العام 2013، لكنها تُجرى في سياق عام متوتر في المنطقة على خلفية الحرب في غزة. وتجرى على امتداد 15 محافظة في البلد البالغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، ولا تشمل محافظات إقليم كردستان الواقع في شمال العراق والمتمتع بحكم ذاتي.

وسيتوجه نحو 17 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في 7166 مركزا للاختيار من بين 6000 مرشح يتنافسون على 285 مقعدا في جميع المحافظات، أكبرها عددا مجلس محافظة بغداد الذي يضم 49 عضوا، يليه مجلس محافظة البصرة ويضم 22 مقعدا.

ومن بين المرشحين 1600 امرأة يمثلن نسبة 25 في المئة المحددة لهن. وخصصت أيضا 10 مقاعد للأقليات المسيحية والإيزيدية والصابئة في البلد متعدد الاثنيات والطوائف.

سعد المطلبي: الإطار التنسيقي سيعاد تشكيله على مستوى مجالس المحافظات بعد إجراء الانتخابات
سعد المطلبي: الإطار التنسيقي سيعاد تشكيله على مستوى مجالس المحافظات بعد إجراء الانتخابات

وتوقع المحلل السياسي سجاد جياد في مقال على موقع مركز الأبحاث الإقليمية والدولية (إيريس) التابع للجامعة الأميركية في السليمانية أن تحتفظ الأحزاب والائتلافات الكبيرة بالنسبة الأعلى في نتائج الانتخابات. كما توقع أن تكون المحافظات التسع الجنوبية وبغداد من نصيب أحزاب الإطار التنسيقي أو حلفائها، وذلك من بين الـ15 محافظة التي ستجرى فيها الانتخابات.

وفي المحافظات السنية يُتوقّع أن يتراجع تحالف “تقدّم” عقب قرار المحكمة الاتحادية العليا في نوفمبر الماضي بإقالة زعيمه محمد الحلبوسي من منصبه كرئيس لمجلس النواب.

ولا يستبعد جياد حدوث توترات طائفية وعرقية على هامش الانتخابات المحلية خصوصا في محافظة كركوك الغنية بالنفط والواقعة في شمال البلاد والتي لها تاريخ في التوترات المجتمعية بين العرب والأكراد والتركمان.

وينظر الكثير من العراقيين بعدم ثقة للوعود التي يقدّمها المرشحون للانتخابات. ويقول رشاد، صاحب متجر في بغداد ويبلغ من العمر 45 عاما، بسخرية “أنتخب.. لماذا؟”.

ويضيف الرجل “المرشحون هم من نفس الأحزاب التي فازت من قبل فلماذا أنتخبهم”، معتبرا أنّ “جميعهم يبحثون عن منافع ولا يهمهم الناس وما يحتاجون إليه”.

إلى جانب ذلك قاطعت أحزاب معارضة صغيرة منبثقة من تظاهرات عام 2019 الانتخابات. لكن أحزابا أخرى مماثلة آثرت خوض المغامرة على أمل بناء قاعدة شعبية.

وقال خالد وليد المتحدث باسم حركة “نازل آخذ حقي” حديثة العهد إنّ “الطبقة السياسية التي جاءت بعد عام 2003 فشلت في إدارة البلد”. ومع ذلك مازالت الحركة تراهن على تغيير أوضاع البلاد لأن “المواطن اليوم في الأغلب الأعم كاره للعمل السياسي ويكره أي صفة لأي سياسي والسبب وجود فشل”، وفق وليد الذي يضيف قوله “نحاول أن ننجز تجربة”، مشيرا إلى أنّ حزبه “يعد الجمهور بممارسة رقابة حقيقية داخل مجالس المحافظات لوقف هدر المال العام”.

3