تبون يدافع عن مكتسبات لا تزال دون انتظارات الجزائريين

الرئيس الجزائري يستعرض في ندوة دولية الملامح الكبرى للسياسة الاجتماعية التي اعتمدتها بلاده.
الخميس 2023/12/14
حضرت مكتسبات السلطة وغابت تطلعات الجزائريين

الجزائر - دافع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في ندوة دولية، بعنوان “مكتسبات اجتماعية برهانات اقتصادية”، عن الخيارات الاقتصادية والاجتماعية المنتهجة من طرف بلاده، والتي يرى أنها ساهمت في إشاعة الاستقرار والهدوء الاجتماعي.

 يأتي ذلك قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية بعام، والتي ينوي تبون خوضها بأريحية، بينما مازالت انتظارات الشارع الجزائري تتجاوز بكثير خطاب ومكتسبات السلطة.

واستعرض الرئيس تبون الملامح الكبرى للسياسة الاجتماعية التي اعتمدتها بلاده، عبر إبراز الجهود المبذولة لترسيخ الطابع الاجتماعي للدولة، وهو المبدأ الموروث عن أول وثيقة للدولة الجزائرية الحديثة المعروفة ببيان أول نوفمبر 1954، الذي أرسى أسس سياسة الحماية الاجتماعية المبنية على مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص.

وقال الرئيس الجزائري، في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس الوزراء نذير العرباوي، إنه تم إطلاق “برنامج طموح لتعزيز المكتسبات الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بتلبية الحاجيات والخدمات الأساسية للمواطنين، مع تبني مقاربة ترتكز على تحسين نوعية الخدمات وجودتها وضمان المساواة في الوصول إليها”.

وأضاف “تم توجيه السياسات العمومية خلال السنوات الأخيرة نحو دعم القدرة الشرائية للمواطن عبر تثمين الأجور لصالح أكثر من 2.8 مليون موظف وعون متعاقد وتعزيز العدالة الضريبية وضمان تغطية الاحتياجات الأساسية، خاصة للفئات الهشة، فضلا عن تعزيز مختلف برامج المساعدة الاجتماعية، بما فيها تثمين المنح الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة والمعوزين، وتحسين أداء صندوق النفقة لفائدة النساء المطلقات اللواتي تؤول لهن حضانة الأطفال”.

الخطاب تجاهل وضعيات أفرزتها بعض الخيارات الحكومية، كما هو شأن البطالة وتردي خدمات الصحة وقطاع التعليم

وظلت السياسات الاجتماعية المنتهجة من طرف الحكومات المتعاقبة محل انتقاد داخلي، بسبب البيروقراطية وتكريس ثقافة الريع وتغلغل الفساد داخل الإدارة، لذلك ارتفعت أصوات سياسيين وخبراء من أجل مراجعتها بشكل يؤمن شمولها لأصحابها الحقيقيين، وقطع الطريق أمام الفئات الانتهازية داخل المؤسسات والمجتمع التي حولتها إلى وسيلة للانقضاض على مقدرات الدولة.

كما أعربت مؤسسات اقتصادية ومالية دولية، على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في أكثر من مناسبة عن تحفظها على السياسة الاجتماعية المنتهجة، بسبب ما تراه تبديدا للموازنات السنوية، وإعاقة للمساهمة في بعث تنمية اقتصادية محلية تقوم على خلق مناصب الشغل والقيمة المضافة، بدل انتظار تحويلات الخزينة العمومية إلى جيوب المعنيين. 

وأبرز الرئيس الجزائري “الجهود المعتبرة المبذولة في مجال التحويلات الاجتماعية التي مثلت نسبة 18.45 في المئة، من الميزانية العامة للدولة برسم العام 2023 من أجل مواجهة التحديات الناجمة عن ارتفاع أسعار المواد الأساسية في السوق الدولية، وتفادي تأثيرها على المستوى المعيشي للمواطن”.

ولفت إلى أن “الاهتمام الخاص الذي تم إيلاؤه لتطوير قطاع التربية والتعليم الذي كرس الدستور الجزائري مجانيتهما، وجهود الدولة لترقية خدمات التعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني، لاسيما من خلال دعم الابتكار الصناعي والتكنولوجي والتكيف مع متطلبات سوق العمل وأهداف سياسة التنمية الاقتصادية الشاملة، يرمي إلى تحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية لمنتسبي هذا القطاع الهام وتثمين المنحة الجامعية لصالح أكثر من مليون وثلاثمئة ألف طالب”.

وأوضح أن الإصلاحات الجارية لترقية الرعاية الصحية تنطلق من رؤية إستراتيجية تهدف إلى تحقيق الأمن الصحي وترفع فاعلية أداء القطاع وكفاءته، من خلال تعزيز الهياكل الصحية، لاسيما المؤسسات العمومية للصحة الجوارية ورقمنة قطاع الصحة وتعزيز المكتسبات المهنية والاجتماعية لمنتسبيه.

وأشار إلى “الإصلاحات التي عرفتها منظومة الضمان الاجتماعي، لاسيما عبر تثمين منح ومعاشات أكثر من ثلاثة ملايين متقاعد، وإقرار تدابير جديدة للانتساب الإرادي إلى المنظومة الوطنية للتقاعد لأفراد الجالية الوطنية بالخارج”.

Thumbnail

كلمة الرئيس الجزائري التي أشادت بالسياسات الاجتماعية المنتهجة من طرف حكوماته الثلاث، وعبرت عن تفاؤلها بانعكاسات بعض الاستثمارات الضخمة المعلن عنها مؤخرا في تحريك وتيرة التنمية المحلية والتغطية الاجتماعية، على غرار المشروع المنجمي في الجنوب الغربي للبلاد، غضت النظر عن الانتظارات الحقيقية للشارع الجزائري، خاصة في ظل تغني السلطة بالأريحية المالية التي وفرتها الطفرة الطاقية في السنوات الأخيرة.

كما تجاهلت الأوضاع الاجتماعية التي أفرزتها بعض الخيارات الحكومية، كما هو شأن البطالة وتردي الخدمات الحكومية في قطاعي الصحة والتعليم، فضلا عن أن حزمة الإجراءات المشاد بها لم تمس إلا جزءا من الفئات الاجتماعية، ما دام هناك نحو سبعة ملايين عامل في القطاع الخاص ولم تتم مراجعة رواتبهم ومعاشاتهم.

ويأتي الخطاب عاما قبل موعد انتخابات رئاسية ينوي الرئيس تبون خوضها وتحقيق شرعية شعبية عالية عكس سابقتها، ولذلك حمل الخطاب طابع الحملة الدعائية المبكرة، بينما يجري تجاهل مشروع حكومي لمراجعة الدعم، وشروع المصالح المختصة في إعداد خارطة اجتماعية لتحديد البيانات الحقيقية للأسر والأفراد الذين يحتاجون إلى الدعم الحكومي. 

وتحدث تبون عما أسماه بـ”الأولوية التي حظي بها قطاع السكن من خلال تسطير العديد من البرامج السكنية بمختلف الصيغ، خاصة السكنات الاجتماعية لفائدة الأسر ذات الدخل الضعيف، مع مواصلة دعم السكن الريفي وتطوير الصندوق الوطني للسكن ليتحول إلى البنك الوطني للإسكان، وذلك من أجل ضمان سياسة مستدامة في هذا القطاع الهام، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لرفع مستويات الربط بشبكات المياه والغاز والكهرباء عبر كافة ربوع الوطن“.

4