الذكاء الاصطناعي يحدّد من يُقتَل ومن يبقى حيّا في غزة

الذكاء الاصطناعي لن يكون قوة للخير إذا تواصل تطويره خلف الأبواب المغلقة واستخدامه في استهداف المدنيين.
الأربعاء 2023/12/13
الحقائق لا تدعم الادعاءات التي تتحدث عن وجود دقة في استخدام القوة

القدس – أصبح الذكاء الاصطناعي عنصرا مؤثرا في الحرب الدائرة بغزة وصارت إسرائيل تعتمد عليه في شن هجماتها من خلال برنامج الحرب المتقدم حبسورا (إنجيل)، الذي يحدد من يُقتَل ومن يبقى حيا في المعارك. لكن توظيف الذكاء الاصطناعي في الحروب يلقى معارضة ويثير مخاوف وانتقادات واسعة.

وقال مسؤولون إسرائيليون لمجلة “+972” إن البرنامج يقدم توصيات بشأن الأهداف المزمع استهدافها من خلال “الاستخراج السريع والتلقائي للمعلومات الاستخبارية”. وتنتقل العملية بعد ذلك إلى مطابقة توصيات الذكاء التي حددها البرنامج مع تحديد الهوية التي يتثبت منها جنود إسرائيليون في مركز القيادة.

وميزة البرنامج حبسورا أنه قادر على تحديد أهداف عسكرية بدقة وبمعدل مرتفع جدا في غزة.

وتباطأ الجيش الإسرائيلي خلال معارك سابقة بسبب غياب الأهداف، لأن عملية ضبط الأهداف كانت تستغرق وقتا طويلا، لكن برنامج حبسورا عجّل هذه العملية كثيرا في المعارك الحالية.

أي دروس المستخلصة من حرب غزة لتحسين بقية منصات الذكاء الاصطناعي لضمان استغلالها بشكل أفضل في الصراعات المستقبلية

ويشير عدد القتلى الهائل خلال الأسابيع الماضية من القتال إلى طبيعة تكنولوجيا الحرب الجديدة التي توسع قاعدة الاستهداف على نطاق أشمل. وأكّد مسؤولو الصحة في غزة مقتل أكثر من 17 ألف شخص، من بينهم ما لا يقل عن 6 آلاف طفل. كما تم إلحاق دمار كبير بالأحياء السكنية.

وحبسورا هو عبارة عن منصة تقوم بجمع وتحليل البيانات من مصادر مختلفة مثل صور الأقمار الصناعية ولقطات الطائرات دون طيار والاستخبارات البشرية ووسائل التواصل الاجتماعي لتحديد الأهداف المحتملة المرتبطة بحماس. ثم يخصص البرنامج درجة لكل هدف، بناء على أهميته، ويرسل القائمة إلى قادة جيش الدفاع الإسرائيلي للموافقة عليها وتنفيذها.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن حبسورا قد زاد بشكل كبير من سرعة ودقة عملية تحديد الأهداف. لكن هذا يثير تساؤلات أخلاقية ومخاوف شديدة حيال ارتفاع أعداد القتلى.

وقال ريتشارد مويس، الباحث الذي يترأس منظمة “المادة 36” التي تنظم حملات للحد من الأضرار الناجمة عن الأسلحة، لصحيفة الغارديان “انظر إلى المشهد في غزة. نحن نشهد تسوية واسعة النطاق لمنطقة حضرية بالأسلحة المتفجرة الثقيلة”، لافتا إلى أن “الحقائق لا تدعم الادعاءات التي تتحدث عن وجود دقة في استخدام القوة” بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

وتراقب الجيوش التي تنتشر في جميع أنحاء العالم، وتتمتع بقدرات مماثلة في مجال الذكاء الاصطناعي، الهجوم الإسرائيلي على غزة عن كثب. وستُعتمد الدروس المستخلصة لتحسين منصات الذكاء الاصطناعي الأخرى من أجل ضمان استغلالها بشكل أفضل في الصراعات المستقبلية.

pp

ويقول الكاتب جوزيف دانا في تقرير لموقع سنديكيشن بيورو “لقد حدث تغيير كبير ودائم في العالم بالفعل. وستستخدم الحرب الآلية في المستقبل برامج الكمبيوتر لتحديد من يعيش ومن يُقتَل”.

ويضيف دانا “فيما يستمر قصف إسرائيل لغزة بالصواريخ الموجهة بالذكاء الاصطناعي، تحتاج الحكومات والهيئات التنظيمية في جميع أنحاء العالم إلى المساعدة على مواكبة وتيرة ابتكار هذه التقنية عبر الشركات الخاصة، حيث لا يستطيع المشرعون والمنظمون مواكبة البرامج الجديدة التي لا تزال قيد الإنشاء”.

وتشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن “هذه الفجوة اتسعت بسبب نقص المعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي لدى الحكومات، والتخوّف من إمكانية أن تحدّ الكثير من القواعد فوائدَ التكنولوجيا عن غير قصد”.

استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب يمكن أن يخلق تهديدات جديدة للأمن القومي والاستقرار الدولي مثل الهجمات الإلكترونية والأسلحة المستقلة وحملات التضليل

وقد يساعد الذكاء الاصطناعي البشرية على تحقيق أهداف جديدة، إلا أنه لن يكون قوة للخير إذا تواصل تطويره خلف الأبواب المغلقة واستخدامه في قتل المدنيين خلال الحروب. ولا يستطيع المنظمون والمشرعون مواكبة وتيرة التكنولوجيا ولا يتمتعون بالأدوات اللازمة لممارسة الرقابة السليمة.

ويخلص دانا إلى أنه “بينما تراقب الحكومات القوية في جميع أنحاء العالم إسرائيل وهي تختبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي على الفلسطينيين، لا يمكننا أن نوهم أنفسنا بآمال زائفة تخبرنا بأن استخدام هذه التكنولوجيا لن يكون إلا من أجل الخير”.

ويرى الكاتب الباكستاني ألطاف موتي أن “استخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي لاختيار أهداف قصف في غزة يثير العديد من الأسئلة والمناقشات المهمة التي تتعلق بمستقبل الذكاء الاصطناعي في الحرب”.

ويثير استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب تساؤلات حول المسؤولية الأخلاقية والقانونية، ومن هي الجهة التي تتحمل المسؤولية إذا أخطأ البرنامج أو تسبب في أضرار جسيمة؟

ويعتبر موتي أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب يمكن أن يعزز القوة العسكرية والاقتصادية للبلدان التي لديها قدرات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، ويخلق عدم تناسق وعدم مساواة بين البلدان التي لديها مستويات مختلفة من تطوير الذكاء الاصطناعي واعتماده.

ويمكن أيضا أن يخلق تهديدات جديدة للأمن القومي والاستقرار الدولي مثل الهجمات الإلكترونية والأسلحة المستقلة وحملات التضليل.

 

اقرأ أيضا:

      • نتنياهو يقر بخلافات مع بايدن حول ما بعد حماس: لن تكون غزة فتحستان

      • أزمة إسرائيل قبل 7-10-2023: هل كانت ستقود فعلا إلى حرب أهلية؟

      • هل سينتهي الانقسام الفلسطيني بنهاية الحرب على غزة

      • كيف يبدو المستقبل

1