"اترك العالم وراءك": نهاية العالم من الرواية إلى السينما

مسألة أن الكارثة الحقيقية بعيدة للغاية، وأنت تترك لتخمن ما يحدث حتى النهاية المفتوحة، تعتبر عنصرا مهما في التشويق.
الأربعاء 2023/12/13
رعب من الآخر الغريب

لندن - ماذا ستفعل إذا طرق شخص ما باب منزلك المستأجر خلال الليل؟ إنه يقول إنه مالك المنزل، وطلب السماح له بالدخول بسبب ظرف طارئ. وهو يبدو ودودا ويرتدي بدلة سهرة أنيقة وبصحبته ابنته. ولا يوجد بحوزته أي أوراق هوية يمكنه إظهارها.

يحتوي فيلم الإثارة “ليف ذا وورلد بيهايند” (اترك العالم وراءك) على الكثير من اللحظات التي تجعلك تتساءل ماذا ستفعل في هذا الموقف؟ وتخيم أحداث غامضة على عطلة أسرة، وتخضع الجميع للاختبار، وذلك في الفيلم المستوحى من رواية تحمل نفس العنوان للروائي رومان علام.

هذه الرواية وصفتها “واشنطن بوست” فقالت إن “اترك العالم وراءك هو العنوان المثالي لكتاب يبدأ بوعد المدينة الفاضلة، ثم يرتحل بعيدًا عن هذا الحلم إلى حيث يمكن أن تأخذنا أسوأ مخاوفنا. إنه واحد من أندر الكتب؛ إثارة حقيقية، وتلخيص عبقري لزمننا القلق، وعمل ذو جدارة أدبية عالية، يستحق مكانًا بين كلاسيكيات الأدب الدستوبي”.

رومان علام، كاتب أميركي وُلد في عام 1977. كتب ثلاث روايات: “اترك العالم وراءك”، و”الأم الحنون”، و”غني وجميل”. نُشرت كتاباته في “نيويورك تايمز”، و”ذا نيو ريبابليك”، و”نيويورك ماجَزين”، و”وول ستريت جورنال”، و”بوكفورم”، و”نيويوركر”.

جوليا روبرتس: البطلة آماندا، شخصية كثيرة الشك والرغبة في الحماية المفرطة
جوليا روبرتس: البطلة آماندا، شخصية كثيرة الشك والرغبة في الحماية المفرطة

وتقول الممثلة الأميركية الشهيرة جوليا روبرتس التي تلعب دور البطلة في الفيلم المقتبس من العمل الأدبي “لم أكن لأفتح الباب”.

تقوم روبرتس بدور أماندا ساندفورد، المديرة التنفيذية في مجال الإعلان في مدينة نيويورك، والتي تقوم بحجز فيلا فاخرة في لونج آيلاند لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أفراد أسرتها. ويبعد أقرب الجيران عنهم ملايين الأميال.

وبصحبة زوجها الأستاذ الجامعي كلاي، الذي يقوم بدوره إيثان هوك، وابنهما آرشي (تشارلي إيفانز) وروز ( فرح ماكينزي)، تريد أماندا أن “تترك العالم وراءها”، وهو الشعار الدعائي للمنزل.

ولا تعمل الإنترنت والتليفونات والتلفزيونات في المنزل. وأثناء السير على الشاطئ ترى الأسرة حدثا غريبا، عندما تأتي ناقلة كبيرة مباشرة إلى الشاطئ وتجنح. يدرك المشاهد على الفور شيئا واحدا: هناك أمر غريب هنا.

ويقول المخرج وكاتب السيناريو سام إسماعيل “سوف يجعل الفيلم الجميع يشعرون بالتوتر”. وقال “عندما أفكر بشأن اللحظات التي نحاول رسمها لتوصيل إحساس التشويق أو الخوف، بدلا من محاولة تصنعها، أحاول بالفعل توجيه ما هو ربما يكون موجودا بالفعل لدى الجمهور”. وهو أمر يجيده مخرج مسلسل “مستر روبرت” إجادة تامة.

الأولاد كانوا نائمين بالفعل، وأماندا وكلاي يحتسيان مشروبا عندما يسمعان طرقا على الباب. رجل، يقوم ببطولته الممثل ماهرشالا علي، يرتدي حلة سهرة، ويعرف نفسه على أنه جورج، صاحب الفيلا. ويقول إن هناك انقطاعا تاما للكهرباء في مدينة نيويورك، ولأسباب أمنية جاء هو وابنته روث (التي تقوم بدورها الممثلة ميهالا) إلى هنا. ويسأل إذا كان يمكنهما قضاء الليلة معهما.

يبدو على أماندا التردد، وتبدو عدائية تقريبا، ولكن كلاي يقنع زوجته بمساعدة الغرباء. ويُترك للمشاهدين تقرير ما إذا كانت العنصرية عاملا في هذا الموقف.

ولم تعد جوليا روبرتس تقوم بأدوار الفتاة  اللطيفة، التي  كانت سببا في شهرتها الطاغية. وتتسم شخصية أماندا بالصعوبة ولا تحظى بالإعجاب دائما، وهو أمر في هذا الموقف الصعب يمكن أن يكون مفهوما.

وتقول روبرتس “أتفهم كون الشخصية تتسم بالتشكك والحماية المفرطة. فهي لديها طفلان في المنزل وفي وسط الليل وجميع هذه الأمور”. وأضافت “هي فقط تحاول استيعاب الأمور والتوصل إلى منطقية أمور لا تبدو منطقية مطلقا، وهذا لا يظهر الجانب الأكثر سحرا في شخصيتها”.

وفي نفس الليلة يظهر التلفزيون خبر: الولايات المتحدة تعلن حالة الطوارئ الوطنية. ما الذي حدث ليس واضحا. ولكن يبدو أن جورج يعلم أكثر من الآخرين. وتتضاعف الأحداث الغريبة في اليوم التالي؛ أصوات تصم الآذان، طائرات درون توزع منشورات، وظهور مفاجئ للحيوانات البرية وتحطم طائرة. ومن أبرز مشاهد الفيلم مشهد سيارات تسلا ذاتية القيادة.

وفي ظل كل ذلك، ينتشر الخوف والتوتر وانعدام الثقة. ومنذ البداية يخيم مناخ غير مستقر للغاية في الفيلم، ويرجع ذلك إلى زوايا الكاميرا الأصلية والموسيقى المثيرة للملحن ماك كويل (الذي قام بتلحين الموسيقى التصويرية لمسلسلات “مستر روبرت” و”أميركان هوررستوري”). ويعرف أن إسماعيل تأثر كثيرا بأبرز مخرجي أفلام الإثارة الفريد هيتشكوك، الذي أخرج أفلام مثل “سايكو” و”ذا بيردز”.

ويقول إسماعيل “بالطبع، أنا كذلك”، مضيفا “إذا كان هناك مخرج يقول إنه لم يتأثر بهيتشكوك، فسوف أقول إنه يكذب”. ويوضح إسماعيل (46 عاما) ما يحبه على وجه الخصوص بشأن أفلام هيتشكوك قائلا “على الرغم من أنه يمكن أن يصنع أفلاما تتميز بمشاهد ذات نطاق واسع، فإنه يهتم كثيرا بالشخصيات، ويجعلها الواجهة ومحور الفيلم”، وأشار إلى أن هذا ما يسعى إليه في هذا الفيلم. وأضاف “أنه فيلم كارثة، ولكن الشخصيات محور القصة، وعناصر الكارثة ثانوية، ويتم نوعا ما دفعها بعيدا”.

وتعتبر مسألة أن الكارثة الحقيقية بعيدة للغاية، وأنت تترك لتخمن ما يحدث حتى النهاية المفتوحة، عنصرا مهما في التشويق. ويقدم نجوم الفيلم، روبرتس الحاصلة على جائزة أوسكار عن دورها في فيلم “إرين بروكوفيتش” وعلي الحاصل على جائزة أوسكار مرتين عن دوره في “مون لايت، جرين بوك” وهوك المرشح لجائزة أوسكار أربع مرات، أفضل أدائهم في فيلم “ليف ذا وورلد بيهايند”.

وقد صُنع الفيلم بذكاء، كما أنه عمل مثير للتشويق بصورة كبيرة، ويبعث التوتر بقدر تحفيزه على التفكير. والفيلم الذي أنتجته شبكة نتفليكس، وصدر في الثامن من ديسمبر الجاري، ومن بين منتجيه التنفيذيين الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشيل، لم يعرض على شاشات السينما إلا لفترة قصيرة من أجل أن يصبح مؤهلا للمشاركة في جوائز أوسكار العام المقبل.

12