معز مرابط: أسلحتنا المسرحية قادرة على تغيير العقول

يقود الفنان والأكاديمي التونسي معز مرابط مهرجان أيام قرطاج المسرحية في فترة حرجة على المنطقة العربية، لذلك ورغم اختيار تونس وأغلب الدول تأجيل أهم مهرجاناتها، رأى المرابط بإشراف من السلطات التونسية أن تُخصص الدورة الرابعة والعشرون من قرطاج المسرحي للمقاومة بالفن، وللانتصار للقضايا الكبرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
تونس - أكد مدير الدورة الرابعة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية معز مرابط أن المقاومة من أجل القضايا العادلة في جينات الفن، موضحا أن القضية الفلسطينية هي رمز المقاومة اليوم. وقال مرابط “بالطبع المقاومة في جينات الفن والفن بطبيعته فعل مقاوم وخاصة المسرح بالذات كتعبير يجمع كل الفنون”.
فعاليات الدورة الـ24 لأيام قرطاج المسرحية انطلقت من الثاني من ديسمبر الحالي واختتمت الأحد، تحت شعار “بالمسرح نحيا بالفن نقاوم”. عن ذلك، يقول مرابط “المسرح منذ نشأته يطرح القضايا التي تهم الشعوب وتهم الإنسان والإنسانية بشكل عام”.
وتابع “المسرح عبر التاريخ كان حاضرا وشاهدا على ما عرفته الإنسانية من استبداد وطغيان وانتهاك للحقوق مثل حق الفرد وحق الإنسان في العيش، وهذا مطروح اليوم بقوة بالنظر للوضع الذي تعرفه غزة”. أكد مدير المهرجان أن “غزة تعيش حرب إبادة جماعية ومأساة إنسانية كبيرة وانتهاكات على امتداد عقود لحقوق شعب كامل ولا وجود لشك في أن المسرح له دور ومسؤولية لإيصال هذه القضايا”، مشددا على أن “القضية الفلسطينية هي أم القضايا في العالم”.
وأضاف "هناك أسلحة دمار شامل والاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجازر في حق أطفال ونساء وشيوخ وفي حق شعب كامل ومأساة على امتداد عقود طويلة". وأوضح أن ''شعار الدورة الرابعة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية 'بالمسرح نحيا بالفن نقاوم' هو شعار الغاية من ورائه هي التوعية والتوجه للشعوب والضمائر الحرة في العالم حتى نواجه بعض هذه الحرب".
واعتبر مرابط أن “المسرح سلاح في مواجهة أسلحة الدمار الشامل التي تستعملها الصهيونية”، مشيرا إلى أنه "في مقابل أسلحة الدمار الشامل لنا أسلحة فتاكة وقوية، بل أقوى حتى من هذه الأسلحة التي يستعملها العدوان على غزة". وأضاف "أسلحتنا المسرحية قادرة على تغيير الذهنية والعقلية والمواقف واليوم نرى أن العديد من الشعوب تغير موقفها والعديد من الحكومات تغير مواقفها ونرى الإعلام في الغرب يروج الأكاذيب الصارخة التي لا تنطلي على الشعوب وعلى الفكر والوعي الحر وبالمسرح قادرون على إيصال الرسالة أكثر فأكثر".
أسمى طرق المقاومة
وبين أن "أيام قرطاج المسرحية في هذه الدورة أردناها للتضامن مع إخوتنا في فلسطين، مع أهلنا في فلسطين وهذا ما عبرنا عنه من خلال تنظيم الدورة الرابعة والعشرين رغم الحرب، وأن تكون هذه الأيام منصة حقيقية لإبلاغ الصوت العالي في حق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي وطن مستقل وفي حق أبنائه في العيش ككل أطفال العالم".
وأكد مرابط أن "الاحتلال هو أبشع صورة لانتهاك حق الإنسان في الوجود وفلسطين أرض مغتصبة وشعب معزول يعاني الدمار وحرب الإبادة.. ليس هناك أبشع من هذه الصورة للوجه القبيح للإنسانية".
وشدد على أن "الإنسانية التي تفكر بضمير حر وتنادي بحق الوجود عليها أن تضع حدا لهذه المجزرة، والمسرح قادر عل إيصال هذه القضية والتأكيد على أن الفن والتعبيرة الفنية يصلان وجدان وعقول الناس وهذا من أسمى الطرق للمقاومة". ووفق مرابط "كل طرق المقاومة ضرورية اليوم، المقاومة بالفن والمقاومة بالمواجهة وهذا ضروري وهذا أساسي في حربنا ضد القمع والاستبداد الذي نراه في غزة".
وبين أن "القضية الفلسطينية حاضرة في هذه الدورة عبر رموز فنية فلسطينية فغسان كنفاني الروائي والكاتب المسرحي الفلسطيني الذي اغتيل في بيروت 1972 حاضر في العديد من الأعمال المبرمجة في هذه الدورة وحاضر في ‘غزال عكة’ المسرحية التي تقدمها رائدة طه، وهو عمل يصل الناس وأوصل معاناة الشعب الفلسطيني طيلة هذه العقود وأوصل صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على المقاومة إلى آخر رمق لافتكاك حقوقه".
وأشار إلى أن "هناك العديد من الأسماء في العالم العربي أوصلت أصواتها تجاه القضية الفلسطينية في هذه الدورة وهناك عمل آخر قُدم في الدورة مثل عمل 'بأم عيني 1948' للفنان الفلسطيني غنام غنام الذي يتحدث عن النكبة، وهذه شهادات مهمة جدا لإحياء الذاكرة وحتى يبقى الحق الفلسطيني حاضرا في كل لحظة". وتابع "نحن الشعب التونسي والشعوب العربية وكل العالم حاضر في ذهنه هذا التحدي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي".
في خصوص الدورة الـ24 لأيام قرطاج المسرحية قال معز مرابط “بالإضافة إلى البعد التضامني الهام والأساسي لهذه الدورة فهذه الأيام هي في دورتها الأربعين لتأسيس أيام قرطاج المسرحية التي لها حضور كبير في الساحة العربية ولها إشعاع ودور كبير لعبته طيلة الأربعين سنة الماضية في نشر ثقافة المسرح وهذا الوعي بدور المسرح في مجتمعاتنا”.
دورة تكريمات
وأضاف "في هذه الدورة من خلال التكريمات والتتويجات أردنا إسداء لمسة وفاء وتقدير للناس التي وهبت حياتها للمسرح وخدمت المسرح في الوطن العربي وفي أفريقيا وفي تونس وكانت إضافتها وبصمتها كبيرة في دعم إشعاع المسرح في أوطاننا، وهذا كان حاضرا في تكريم الأستاذ رؤوف الباسطي وهو مخرج تونسي والممثلة الكبيرة ناجية الورغي من تونس والمطربة سعاد محاسن وهي أسماء أثرت وقدمت الكثير للساحة المسرحية في تونس".
وتابع "أيضا العديد من الضيوف من العالم العربي وأفريقيا حاضرون في هذه التكريمات مثل روجي عساف ومسرح دوار الشمس في بيروت وحنان الحاج علي التي كانت حاضرة في الافتتاح بإلقاء شهادات تحت القصف وكانت شهادة مؤثرة جدا والمقاومة حاضرة في العديد من تجارب المسرح العربي، وهذه مسائل نريد التأكيد عليها لأنها تعبر عن وجدان شعوبنا وعلى وجدان مجتمعاتنا".
وانطلقت أولى عروض أيام قرطاج المسرحية في قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة بالعاصمة تونس، السبت الثاني من ديسمبر الحالي مع عرض مسرحية "كتاب الأدغال" للمخرج الأميركي روبرت ويلسون. ويشارك في الدورة الرابعة والعشرين من المهرجان، أكثر من 60 عملا من 28 بلدا من مختلف القارات. وأيام قرطاج المسرحية مهرجان دولي للمسرح، انطلق عام 1983.