فن الملحون المغربي تراث ثقافي غير مادي للبشرية

الملحون هو تعبير شعري – موسيقي مغربي عريق يتميز باستمراريته من خلال قابليته للتجدد والمواكبة.
الجمعة 2023/12/08
رمز أساسي للتراث الثقافي المغربي

الرباط- أكدت وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية أن إدراج فن الملحون في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لليونسكو يعد اعترافا دوليا بإرث مغربي أصيل.

وأفاد بلاغ للوزارة بأن اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، المنعقدة يوم الأربعاء السادس من ديسمبر الجاري في إطار دورتها الـ18، بجمهورية بوتسوانا، وافقت على طلب المملكة المغربية المتعلق بإدراج فن “الملحون” في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

وأبرز البلاغ أن هذا الإدراج، يعتبر اعترافا دوليا بإرث مغربي أصيل، ورافد مهم من الروافد الفنية الغنية للمغرب، ومكون مرجعي من مكونات الهوية الثقافية المغربية العريقة، مضيفا أن هذا الاعتراف الأممي من طرف منظمة اليونسكو بهذا المكون الفني يُعد أيضا ترسيخا للمجهودات التي يبذلها المغرب في مجال صيانة وحفظ التراث الثقافي المغربي.

◙ القصائد الشعرية للملحون وثقت بشكل كبير مختلف مناحي حياة المواطن المغربي بما فيها الموائد المغربية والعادات والتقاليد المتبعة من قبل الأسر

وبهذه المناسبة، يضيف البلاغ، أعربت الكاتبة العامة لقطاع الثقافة سميرة مالزي، باسم المملكة المغربية، أمام رؤساء الوفود المشاركة في أشغال اللجنة، عن شكرها لهيئة التقييم، وأعضاء اللجنة، وكذلك أمانة اتفاقية 2003، على إدراج فن الملحون، ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

وسجلت الوزارة أن الملحون يعتبر من الفنون المتواجدة بمختلف مناطق التراب المغربي، وهو رمز أساسي للتراث الثقافي المغربي، مؤكدة أن تكريسه كتراث ثقافي للبشرية هو اعتراف بحمولته الإنسانية وبجهود المملكة المغربية للحفاظ على تراثها الثقافي غير المادي وفقا لما تنص عليه اتفاقية عام 2003.

وأبرزت أن هذا التكريم يُكافئ العمل الجماعي الكبير الذي تقوم به وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالتعاون مع الأكاديمية الملكية المغربية والبعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى اليونسكو.

وحسب الملف المقدم أمام هيئة الترشيحات التابعة لليونسكو، فإن الملحون هو تعبير شعري – موسيقي مغربي عريق. نشأ في منطقة تافيلالت بالجنوب الشرقي للمغرب، حيث تطور داخل الزوايا، ثم انتشر تدريجيا ووصل إلى المراكز الحضرية الكبرى، حيث كان مرحبا به بشكل أساسي ومؤدى داخل نقابات الحرفيين في المدن العتيقة.

بوكس

وفقا للمتخصصين، فإن علم أصول الكلمات للمصطلح له تفسيران محتملان. الأول يشير إلى استخدام لغة دون ملاحظة القيود النحوية. والثاني، الأكثر ترجيحا، يشير إلى المصطلح العربي “لحن” بمعنى “تكوين موسيقي”.

وأضاف المصدر نفسه، أن الملحون سيكون إذن كلمة غنائية وفقا لإنتاج شعري غني للغاية يستند إلى نصوص مُعدة أساسا بالعربية المغربية العامية أو “الزجل”.

ويعتبر فن الملحون المغربي تراثا إنسانيا عالميا يعود تاريخه إلى أكثر من خمسة قرون. وهو من الفنون التراثية المغربية العريقة، ويتميز باستمراريته من خلال قابليته للتجدد والمواكبة، بالإضافة إلى أنه استطاع التفاعل مع فنون شعبية تراثية أخرى، كما دخل إلى مجال البحث الجامعي عبر النقد والدراسة من خلال اهتمامات مجموعة من الباحثين بموضوع الملحون.

ويعتبر هذا فن أحد التعبيرات الراقية التي أحبها وتفاعل معها المغاربة، حيث أبدعوا فيها الأشعار الرائعة والألحان المطربة على مدى قرون قدموا خلالها العديد من المأثورات التي مازال صداها راسخا إلى اليوم. ويؤكد هذا الفن المغربي العريق والمتوارث من جيل إلى جيل قدرة الفنون الأصيلة على البقاء والصمود في وجه العولمة ومنافسة الفنون الواردة، والتكيف مع مستجدات الثقافة الإنسانية والاندماج فيها مع الحفاظ على الثوابت الأصيلة والقواعد الأساسية.

والقصائد الشعرية للملحون وثقت بشكل كبير مختلف مناحي حياة المواطن المغربي بما فيها الموائد المغربية والعادات والتقاليد المتبعة من قبل الأسر سواء في الوسط الحضري أو القروي، كما توثق قصيدة الملحون المشاعر والحالات الاجتماعية وحالات الحب وتسرد حكايات الوطن والنضال من أجله، كما أنها لم تكن بعيدة عن الحياة الاقتصادية للمجتمع المغربي إذ نجدها مثلا توثق مجموعة من مهن الصناعة التقليدية وأيضا الآليات التي يشتغل بها الصانع، وكذلك نماذج للصناعة من قبيل القفطان المغربي، وغيرها من ملامح المجتمع المغربي التي سجلها الملحون نصا ولحنا.

وقد خلص البلاغ إلى أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ستواصل عملها في مجال الحفاظ وصون التراث الثقافي المغربي، والترويج له وطنيا ودوليا، باعتباره مكونا من مكونات الثقافة المغربية الغنية، بتاريخها وحضارتها، علما أن المملكة المغربية تتوفر حاليا بعد تسجيل عنصر الملحون على 13 عنصرا مسجلا بالقائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية لليونسكو.

13