الانتخابات المحلية تمهد لديمقراطية تشاركية في تونس

المرشحون يتنافسون على 2155 مقعدا في المجالس المحلية التي ستنتخب بدورها المجالس الجهوية المكلفة بتشكيل مجالس الأقاليم لإرساء المجلس الأعلى للجهات.
الأربعاء 2023/12/06
رهانات على القطع مع ما يسمى بالتمييز الإيجابي بين الجهات

تونس - تستعد تونس لإجراء انتخابات المجالس المحلية أواخر ديسمبر الجاري، والتي ستفضي إلى انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان).

ويتطلع التونسيون إلى هذا الاستحقاق لبناء ديمقراطية تشاركية، يكون فيها المواطن صاحب قوة اقتراح وتغيير.

ويسعى المرشحون للتنافس على 2155 مقعدا في المجالس المحلية التي ستنتخب بدورها المجالس الجهوية المكلفة بتشكيل مجالس الأقاليم لإرساء المجلس الأعلى للجهات.

وأكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، خلال مؤتمر صحفي في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي، أن “الحصيلة النهائية لعدد المترشحين للانتخابات المحلية التي ستجري يوم 24 ديسمبر هو 7205 مترشحا، منهم 6177 سيشاركون في الانتخابات المباشرة، و1028 مترشحا من المعاقين سيخضعون للقرعة للحصول على مقعد في المجالس المحلية”.

وتُجرى الانتخابات في 2085 عمادة (تقسيم ترابي أقل من معتمدية) لتشكيل 279 مجلسا محليا هو نفسه عدد المعتمديات (المناطق) التي تتشكل منها الولايات في تونس وعددها 24.

عبيد البريكي: النظام المجالسي المطروح سيسد ثغرة في دستور 2014
عبيد البريكي: النظام المجالسي المطروح سيسد ثغرة في دستور 2014

وقال بوعسكر إن “22.1 في المئة من المترشحين هم من الشباب دون 35 سنة والنساء ممثلات بنسبة 13.3 في المئة من المترشحين وأن عدد الناخبين التونسيين المعنيين بالانتخابات المحلية هو 9 ملايين و79 ألفا و271 ناخبا، 33.1 في المئة منهم شباب دون 35 سنة، و51 في المئة من الناخبين إناث، و49 في المئة من الذكور”.

وبحسب المرسوم رقم 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، تُعتبر كل عمادة دائرة انتخابية (المادة 28 من المرسوم).

وتنتخب ممثلا واحدا عنها (المادة 29)، كما يتم انتخاب المجلس الجهوي (على مستوى الولاية) عبر القرعة بين أعضاء المجلس المحلي (المادة 21). أما مجلس الإقليم فيتم الترشح له من الأعضاء المنتخبين في المجالس الجهوية الراجعة بالنظر له (المادة 23).

وقال عبيد البريكي الأمين العام لحركة “تونس إلى الأمام” (يسارية ومؤيدة للرئيس قيس سعيد) “لن نشارك بشكل مباشر، كحركة، في الانتخابات المحلية، لكننا دعونا في المجلس المركزي للحركة، منتصف أكتوبر الماضي، أنصارنا إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات المحلية المقبلة وممارسة حقهم الانتخابي في اختيار ممثليهم”.

وأضاف البريكي “أما في ما يتعلق بالترشحات، فقد تركت الحركة الحرية لمناضليها لتقديم ترشحاتهم من عدمها، وأوصى المجلس المركزي بالتصويت للمترشحين الذين نلتقي معهم في البرامج، في حال غياب ترشحات لمنتسبي حركة تونس إلى الأمام”.

وصرح أسامة عويدات عضو المكتب التنفيذي لـ”حركة الشعب” (ناصرية، من أكبر الأحزاب المؤيدة لسعيد) “تركنا الحرية لأبناء الحزب في الترشح من عدمه للانتخابات المحلية، وخاصة أنها تختلف عن الانتخابات التشريعية”.

التونسيون يتطلعون إلى هذا الاستحقاق لبناء ديمقراطية تشاركية، يكون فيها المواطن صاحب قوة اقتراح وتغيير

وذكر عويدات “أبناء الحزب ترشحوا لحوالي 70 في المئة من المقاعد المطروحة للتنافس”.

وعن أهمية هذه الانتخابات، أوضح البريكي “من حيث المبدأ، فإن حلقة الانتخابات المحلية تعتبر مهمة جدا في إرساء الديمقراطية بركائزها الثلاث”.

وتابع “هناك ديمقراطية تمثيلية تتجلى في انتخاب نواب الشعب في البرلمان، وهذه الانتخابات المحلية لم تكن مدرجة في برنامج الرئيس الانتخابي (أكتوبر 2019)، بل كان هناك فقط حديث عن البناء القاعدي”.

وأضاف “أما الركيزة الثانية فهي إرساء الديمقراطية المباشرة، وتتجلى في الاستفتاء، وهذا ما حدث في يوليو 2022 (الاستفتاء على دستور الرئيس سعيد). ونحن الآن أمام الركيزة الثالثة لبناء الديمقراطية، وهي الديمقراطية التشاركية”.

من جانب آخر، اعتبر عويدات أنه كان من الأفضل “تأجيل الانتخابات المحلية لأنها انتخابات قرب (تشاركية) والمواطن لا بد أن يشعر بأن حياته تتغير (نحو الأفضل)، وهذا لم يحدث حتى الآن، ما يجعل نسبة العزوف ترتفع بين الناخبين، وهذا قد يضر بالانتخابات وبالمسار (في إشارة لتدابير الرئيس سعيد)”.

الانتخابات تُجرى في 2085 عمادة لتشكيل 279 مجلسا محليا هو نفسه عدد المعتمديات (المناطق) التي تتشكل منها الولايات في تونس وعددها 24

إلا أن البريكي قلل من مخاطر عزوف الناخبين، معتبرا أن “المشاركة الضعيفة في الانتخابات البرلمانية لا تتعلق أساسا بدعوات المقاطعة لدى المعارضة التونسية”.

وبيّن بقوله “المسألة تتعلق بحالة من العزوف العالمي عن السياسة، وفي تونس العزوف ناتج عن رؤية ما حصل في البرلمان السابق (في إشارة إلى الخلافات الكثيرة التي شلّت عمل المجلس السابق). وقد تكون نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية مرتفعة عن السابق لأن ديمقراطية القرب تسمح للمواطن العادي بتحديد أولويات منطقته (وانتخابات ممثليه بناء على ذلك)”.

وشدد البريكي على أهمية المجالس التي ستفرزها الانتخابات المحلية، لأن “القرارات الدستورية في مسائل متعلقة بالتنمية لا تصبح قانونية إلا بالمصادقة عليها محليا وجهويا وفي الأقاليم”.

وأكمل “كل إقليم له تصور لاحتياجاته سيدافع عنها، وهذا النظام المجالسي (الديمقراطية القاعدية التي يتبناها الرئيس سعيد) سيسد ثغرة في دستور 2014، وخاصة الفصل 14 الذي تحدث عن التمييز الإيجابي بين الجهات، دون أن يوضّح كيف سيتم ذلك”.

ورأى أن “الحل هو المشاركة المباشرة، فالعمادات تحدد حاجاتها ثم تقوم المعتمدية بتوليفة أولى ثم تقوم الولاية بتوليفة أخرى لتدافع عن مصالحها في صياغة قانون المالية (الموازنة)”.

ومتفقا مع البريكي، أكد عويدات أهمية المجالس التي ستنبثق عن الانتخابات المحلية بالقول “المهم في المجالس هو الغرفة الثانية (المجلس الأعلى للجهات والأقاليم) التي لها صيغة تقريرية واستشارية، وهذا سينسحب على المستوى الإقليمي والجهوي والمحلي”.

وأضاف عويدات “المجالس مهمة جدا في تحديد عملية التخطيط والتنسيق (بالنسبة إلى المشاريع المحلية) ومهمة جدا في تقرير الميزانيات على المستوى الوطني. وعندما نرى أن تحديد الميزانيات يتم داخل هذه المجالس، فسيكون مهما المشاركة في الانتخابات المحلية”.

وكانت أحزاب المعارضة، على غرار حركة النهضة الإسلامية وحزب العمال (يساري) والحزب الجمهوري (وسط)، دعت إلى مقاطعة الانتخابات المحلية.

4