شعراء عرب ينشدون قصائد لفلسطين في ليلة للشعر العربي بطنجة

تطوان (المغرب) - أقامت دار الشعر في تطوان ليلة للشعر العربي بشراكة مع بيت الصحافة، في تظاهرة ثقافية عربية كبرى احتضنها مقر البيت في مدينة طنجة نهاية الأسبوع الماضي. وأحيت مجموعة لمشاهب التظاهرة التي قدمتها الإعلامية المغربية غزلان أكزناي بحضور المئات من المهتمين بالشعر والمنتصرين للقضية الفلسطينية، في ليلة انعقدت تحت مسمى “القصيدة والقضية”.
في رحاب بيت الصحافة بطنجة اجتمع شمل شعراء وسفراء الكلمة والحرف من فلسطين والسودان وتونس والمغرب، وتوحدت قصائدهم في قالب واحد وانصهرت الحروف راسمة معاناة وكفاح شعب يناضل من أجل قضيته، ليقدم كل شاعر نصه في مقاربة للواقع العربي من زوايا وجدانية ورؤيوية شعرية بما يحفل به الشعر من خيال متداخل بالواقع، إذ يؤمن هؤلاء الشعراء أن الكتابة انتصار لقضية الإنسان قبل كل شيء، وليست فقط إغراقا في ما هو ذاتي ووجداني بحت.
وينتصر الشعراء الذين شاركوا في التظاهرة بتجاربهم الشعرية لقيم الحرية وانحازوا للقضايا الكونية العادلة من خلال كتابة شعرية تلتزم بالقضايا الإنسانية وتتسلح بالمواقف النضالية، من غير أن تتخلى عن قيمها الفنية ومرتكزاتها الجمالية
وافتتح الشاعر الفلسطيني هيثم سرحان “ليلة الشعر العربي” في مدينة طنجة التي استوقفته كما استوقفته القاهرة من قبل وهو يردد “في القاهرة/ يقتلني الشوق ويسري صوب الدرب الأحمر/ وتسرع خفقات في العد. في القاهرة/ يرويني النيل/ ويمطر روحي بالمعنى/ وبماء الورد. في القاهرة/ ثمة عسس/ أشباح/ أشباه/ تحجب غيم الحرية/ وتهدم أعمدة السد. في القاهرة/ لا معنى للعب أو الهزل؛/ فالمعنى منذور للجد. في القاهرة/ ألمح شهداء الثورة/ يمضون سراعا/ كالشهب وأحجار النرد. في القاهرة/ لا قاهر إلا الحب/ الفائض فوق الحد”.
وعن طفل الحجارة، اقترح الشاعر السوداني خالد فتح الرحمن عمر نصا كتبه منذ سنوات عن ذلك الطفل الذي “حمل الحجارة في يديه وزاد طولا/ هذا الصغير/ حمل الحجارة مثلما حمل الحكايات الكبار. ومثلما حمل الكبير/ من الهموم.. فزاد طولا/ وأراه يفرد ساعديه لكي يزيد مهابة../ ومضى يسير/ نحو الذين تأهبوا برصاصهم/ يا للمهابة تستزيد مهابة من جرأة الطفل الغرير”.
وكثف الشاعر السوداني البطولة في بورتريه لجواد عربي “لله وثبتك الرشيقه/ تجتاح جدران الزمان وتعقد الشوق القديم على جدائلك الأنيقه”.
أما الشاعر المغربي صلاح الوديع فقدم سيرة البدء، وكيف جاء إلى هذا العالم شاعرا، ومضى قلبا جريحا ومنكسرا، كما يقول في “نشيد المرايا”، حين يكتب “كقلب يعود من الغيب/ متشحا بالسواد/ ويخلع شيئا فشيئا/ بلا عجل/ نسيج الحداد. أتيت كناج من الليلة الحالكه/ على كبد شاهق/ أتيت وأسبغت شوقي سماء/ على قدر ما يستطيع السحاب”.
أما الشاعر التونسي نبيل بن صالح فيهتدي بقلبه، هو الآخر، في الأمسية الشعرية، وهو يردد “كلما التفت القلب شطر بوصلة../ أغرته سانحة بالجنوب وما دله وله سكبته البروق على نبضه إذا ما استدل بالآفلات مستمسكا بالسراب.. سيقتلني القلب الذي/ كلما تاب ذاب! أعيدي له نبضة لفظت اسمك مرة ثم أهيلي عليه التراب/ أو دعيني أولمه للجوارح حتى تقول القصيدة: قلب بجوف عقاب”.

وفي قصيدة “غزة.. ما أقسى قلب العالم” تكتب الشاعرة المغربية “ما بين ركام/ ولهيب نيران/ في غزة/ بخان يونس/ بالجرح الفلسطيني النازف/ سؤال الأم تبحث عن ولدها/ بسنواته السبع / صاحب الشعر الكيرلي/ كان بالجوار/ ينتظر لقمة/ البيت دمر/ والأم تبحث تحت الأنقاض/ في المستشفيات/ عن ابنها الجميل يوسف/ الأبيض صاحب الشعر الكيرلي”.
وإذا كان الشاعر السوداني قد رسم بورتريها للخيل، فقد جاءت قصيدة الشاعر المغربي محمد جودت بعنوان “درس في الخيل”، وفيها ينشد “منفى هو الوطن المعلب في خطاه/ وسيرة الغريب تدرس في الفصول أنساب الخيول/ مذ جلمود صخر/ إلى الفرس الجريح/ كأن السائح الغريب تعمد إذلال ابن سيدة/ في فهم الفصيح”.
ثم عاد الشاعر التونسي نبيل بن صالح إلى المنصة ليشارك جودت في قراءة قصيدة كتباها معا، في تجربة شعرية جديدة ستنتهي هذه السنة بإصدار ديوان شعري مشترك.
واختارت مجموعة لمشاهب من سجلها الفني الحافل سبع أغنيات تكشف عمق الالتزام النضالي والجمالي بالقضايا الوطنية والعربية، حيث قدمت أغنية “بغيت بلادي”، ثم “”فلسطين”، ثم “غاروا منا” و”مجمع العرب” و”خليلي” و”إلى الأمام” و”حمودة”. وختمت المجموعة مشاركتها في ليلة الشعر العربي بطنجة بتوقيع ألبومها الغنائي “أفريقيا أرض الخير”، وهو العمل الذي أهدته المجموعة لرواد لمشاهب الراحلين محمد البختي والشريف لمراني ومحمد باطمة ومحمد السوسدي.