أرباح وأرباح: ما الفرق بين نفط إكسون موبيل وتكنولوجيا غوغل؟

نيويورك - تشهد إكسون موبيل وشيفرون موسم الأرباح، ويعني هذا اتهامهما مرة أخرى بالتلاعب بالمستهلكين والتسبب في التضخم، ما يكشف عن سوء فهم هائل للاقتصاد، إذ أن تحديد أسعار النفط في البورصات مرتبط بالتوقعات قصيرة المدى حول العرض والطلب.
ولا تستطيع إكسون وشيفرون أن تحركا المؤشر كثيرا فيما يتعلق بالعرض، حيث يحدد المستهلكون الطلب، وليس لهاتين الشركتين أي تأثير عملي على الأسعار.
ومع أن هاتين الشركتين تربحان أكثر عندما ترتفع الأسعار، وتفضلانها في هذا المستوى بدلا من أن تكون منخفضة لأنهما تهدفان إلى كسب المال، تعتمد أرباحهما على أسعار النفط، وليست شركات النفط الأميركية هي التي تتحكم فيها.
في المقابل تبدو منظمة أوبك مختلفة، فهي تتمتع في السوق بالقوة التي تمكنها من التأثير على الأسعار بقوة.
ويؤكد روبرت رابير، المحلل في منصة أوبل برايس الأميركية، أن “الأرباح ليست هي التي تسبب التضخم، بل تستفيد شركات النفط من نفس العامل وهو ارتفاع الأسعار الذي يسببه (التضخم)”.
أمّا الشيء الآخر الذي لا يفهمه الكثيرون فهو الحجم، بحسب رابير. وقال “إذا أخبرتني أن إحدى الشركات حققت أرباحا بقيمة 20 مليار دولار خلال ربع عام، فسأطرح عليك بعض الأسئلة؛ ما هو حجم الشركة؟ ما هي نفقاتها الرأسمالية؟ ما هي هوامش ربحها؟ ما مقدار الأموال التي ينبغي أن تحققها، ولماذا؟”.
وبعبارة أخرى لا يحمل مبلغ “العشرين مليار دولار” دون هذا السياق أي معنى، وبالتالي يجب وضع بعض الأرقام في السياق.
ومؤخرا أعلنت إكسون عن نتائج الربع الثالث من 2023. وذكر مزود البيانات فاكتسيت أن أرباح المبادئ المحاسبية المقبولة عموما التي سجّلتها الشركة بلغت 9.1 مليار دولار على إيرادات قدرها 89.6 مليار دولار.
وأبلغ عملاق النفط الأميركي عن نفقات رأسمالية ربعية بلغت 4.9 مليار دولار ووزع أرباحا على المساهمين بقيمة 3.7 مليار دولار.
وبلغ صافي هامش الشركة 11.9 في المئة وكان عائدها على الأصول 11.1 في المئة. وتبقى ضرائب الدخل غير متاحة إلا على أساس سنوي، لكنها بلغت العام الماضي 20.2 مليار دولار على صافي دخل قدره 55.7 مليار دولار.
وتُتداول أسهم إكسون بنسبة السعر إلى الأرباح البالغة 10.7 حسب تقديرات الأرباح للأشهر الاثني عشر المقبلة.
وعند مقارنة هذه النتائج الآن مع نتائج شركة غوغل الموجودة في مختلف مناحي الحياة، والتي تتمتع بالقدرة على تسعير منتجاتها وخدماتها، يُلاحَظ أن ثمة فرقا؛ ففي الربع الثالث من العام الجاري أعلنت شركة التكنولوجيا العملاقة عن أرباح مبادئ المحاسبة المقبولة عموما بقيمة 19.7 مليار دولار من مبيعات بقيمة 76.7 مليار دولار. وجنت بذلك أموالا أكثر من إكسون وبإيرادات أقل.
وأعلنت غوغل عن نفقات رأسمالية بلغت 8.1 مليار دولار، أي أكثر من إكسون، ولم تدفع أيّ ربْح للمساهمين.
وبلغ صافي هامش غوغل في الثلاثية الثالثة 22.5 في المئة، أي حوالي ضعف هامش إكسون، وكان عائدها على الأصول 17.7 في المئة. وبلغت فاتورة دخلها 11.4 مليار دولار العام الماضي على صافي دخل قدره 60 مليار دولار.
وتُتداول أسهم غوغل عند نسبة السعر إلى الأرباح البالغة 20.5 بناء على تقديرات الأرباح للأشهر الاثني عشر المقبلة، أي نحو ضعف نسبة إكسون.
وقال رابير “تجني غوغل إذن المزيد من الأموال من إيرادات أقل وتدفع معدل ضرائب إجماليا أقل من إكسون، وتسجل هامشا صافيا يعادل ضعف هامش الأخرى تقريبا”.
وتساءل “لماذا تُغضب أرباح إكسون الكثيرين، لكنهم لا يتحدثون عن الأرباح التي تجنيها غوغل؟”.
عملاق النفط الأميركي إكسون أعلن عن نفقات رأسمالية ربعية بلغت 4.9 مليار دولار ووزع أرباحا على المساهمين بقيمة 3.7 مليار دولار
ووفق رابير فإن السبب الرئيسي هو “أننا نستطيع أن نرى التأثير المباشر لأسعار البنزين على حافظة نقودنا، ولا يمكننا أن نرى كيف يؤثر علينا محرك البحث غوغل. ونشعر بأن شركة إكسون تستغل هذه الفرصة، لكننا لا نحسّ بالمثل مع غوغل”.
ولذلك يجب أن يثير هذا تساؤلات حول الربح المناسب في المجتمع الرأسمالي. ومن المؤكد أن شركتيْ غوغل وإكسون تنشطان في قطاعين مختلفين، ولكن هل يمكن لأي شخص تحديد هامش الربح المقبول لشركة الطاقة؟
وقال رابير “إذا أعطيتك أرقام أرباح إكسون، ولكن أخبرتك بأنها لشركة ستاربكس أو أبل أو نايكي، فهل ستعتبرها غير معقولة؟”.
وأوضح أن الحقيقة المؤكدة هي أن صناعة الطاقة تحتل دائما المرتبة الدنيا بين جميع القطاعات فيما يتعلق بهوامش الربح.
وإذا كان البعض يعتقد حقا أن إكسون تجني الكثير من المال، فربما يمكنه تحديد المبلغ “المقبول” وكيف اتخذت هذا القرار، وما إذا كان يطبق المعيار نفسه على الشركات الأخرى.
وقال رابير “بالطبع، يمكن دائما عدم استهلاك منتجات الشركة والمساهمة في تحقيق هذا الربح”.