مصر تعطي قوة دفع لبرنامج الخصخصة المتعثر

غلوبال القابضة الإماراتية للاستثمار تستحوذ على حصة قدرها 30 في المئة من الشرقية للدخان.
الجمعة 2023/11/17
ما الصفقة التالية؟

يرى خبراء أن صفقة بيع حصة في الشرقية للدخان التي فاز بها مستثمرون إماراتيون في أعقاب منافسة مع مستثمرين أجانب، يعطي مسار الخصخصة المتعثر في مصر قوة دفع للتخلص من أصول الدولة وجمع العملة الأجنبية التي تحتاجها بشدة.

القاهرة - نجحت الحكومة المصرية أخيرا في كسر جمود برنامج بيع الأصول الطموح حينما أعلنت الخميس عن إتمام صفقة بيع حصة في شركة الشرقية للدخان (إيسترن كومباني).

وباعت القاهرة 30 في المئة من حصتها المسيطرة بالشركة في أول عملية خارجية لأصول كبرى مملوكة للدولة منذ أن وافقت على برنامج خصخصة مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر الماضي.

وأكد هاني أمان الرئيس التنفيذي لشركة الشرقية للدخان لرويترز، الخميس، أن شركة غلوبال القابضة الإماراتية للاستثمار هي التي اشترت الحصة. ويقلص البيع حصة الحكومة إلى 20.95 في المئة.

واشترت غلوبال ما يعادل 669 مليون سهم مقابل 16.40 مليار جنيه (531.6 مليون دولار)، بما يقيم السهم الواحد عند 24.5 جنيه (أقل من دولار). وعقب إعلان الصفقة جرى تداول سهم الشرقية للدخان في البورصة المصرية عند 27.6 جنيه.

وتقدر قيمة الشرقية للدخان بنحو 1.3 مليار دولار، وتتوزع ملكيتها بين الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بحصة 50.95 في المئة وصندوق استثمار آلان غراي الجنوب أفريقي المالك لنحو 7.2 في المئة من الأسهم.

هاني أمان: البيع قلص حصة الحكومة في الشركة إلى 20.95 في المئة
هاني أمان: البيع قلص حصة الحكومة في الشركة إلى 20.95 في المئة

وتأتي الصفقة في أعقاب إعلان في شهر يوليو الماضي أن مصر توصلت إلى اتفاقات مع مستثمرين من بينهم جهاز أبوظبي للاستثمار (صندوق الثروة) لبيع حصص في عدد من الشركات بمبلغ إجمالي قدره 1.9 مليار دولار.

ويُعد بيع الحصص ضروريا لتخفيف القاهرة الضغط الذي تواجهه العملة المحلية منذ فترة طويلة وجذب الدولار الذي تشتد الحاجة إليه وإطلاق إصلاحات اقتصادية في إطار برنامج قرض من صندوق النقد الدولي.

وأعلن مجلس الوزراء المصري في أوائل سبتمبر الماضي أن القابضة الإماراتية وافقت على شراء الحصة مقابل 625 مليون دولار من الشركة القابضة للصناعات الكيماوية المملوكة للدولة والتي تملك 50.95 في المئة من أسهم الشرقية.

وتلقت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، المالكة لنصف أسهم الشرقية للدخان، عروضا من مستثمرين أجانب لشراء حصة تصل إلى 30 في المئة من إجمالي حصتها البالغة 50.95 في المئة.

وشهدت عملية الاستحواذ منافسة شديدة خلال الفترة الماضية، حيث تقدمت الشركة اليابانية الدولية (جي.تي.آي) المملوكة بنسبة 33 في المئة للحكومة بعرض شراء حصة الشرقية للدخان.

وكان ذلك ردا على عرض قدمته شركة المتحدة لصناعة التبغ – موريس، وهي ذراع شركة فيليب موريس الأميركية في مصر، وتعد أكبر منتج للتبغ في العالم وتسيطر على غالبية أسهم الأولى.

وعملت الشرقية للدخان بالفعل عن كثب مع شركة المتحدة للتبغ التي يسهم فيها مستثمرون من الإمارات، إذ استحوذت الأولى على الثانية العام الماضي بنسبة 24 في المئة مقابل 100 مليون جنيه (نحو 3.2 مليون دولار).

وجاءت صفقة الاستحواذ كجزء من اتفاقية وقعتها الشركة التابعة لموريس مع الشرقية للدخان لتصنيع السجائر محليًا، ما جعل المتحدة هي ثاني كيان لتصنيع التبغ محليا.

وثمة صراع بين الشركتين العالميتين خوفا من سيطرة إحداهما على السوق، ففي حال فوز موريس بالصفقة سترتفع حصتها في السوق.

كما ستصبح لها الهيمنة في منظومة تصنيع وتوزيع الماركات الأجنبية من السجائر التي تحتكرها الشرقية للدخان، بما في ذلك منتجات جي.تي.آي.

وقالت الحكومة المصرية في بيان نشرته على حسابها في فيسبوك حينها إن “غلوبال القابضة ستقدم في إطار الاتفاق 150 مليون دولار لشراء التبغ اللازم للإنتاج”.

وأكدت غلوبال القابضة في بيان الصيف الماضي عندما بدأت تظهر بوادر الاستحواذ على حصة في الشرقية للدخان أنها ستضخ مبلغا من شأنه أن يساعد الشركة المصرية في التغلب على اختناقات العرض الحالية.

وشهد الطرح الخاص الذي قامت به الشرقية للدخان عام 2019 ومثل حوالي 4.5 في المئة من أسهم الشركة، استثمار رجال أعمال خليجيين نحو 400 مليون جنيه (12.9 مليون دولار بسعر الدولار الرسمي حاليا).

وهذا الرقم يمثل أكثر من 25 في المئة من قيمة ذلك الطرح الذي تمت تغطيته في وقت قياسي وتفاجأ به المتعاملون في سوق المال.

وتعد الشرقية للدخان من خارج الشركات الـ32 التي وضعتها الحكومة ضمن قائمة برنامج الطروحات، لكنها من المؤسسات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام التي شرعت الدولة في التخلي عن حصص بها في سوق الأوراق المالية الأعوام الماضية.

ووعدت مصر صندوق النقد بتقليص مشاركة الدولة في الاقتصاد والسماح للشركات الخاصة بدور أكبر بكثير مما كانت تقوم به في السابق في إطار السعي للحصول على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار على 46 شهرا.

◙ 531.6 مليون دولار قيمة الحصة التي اشترتها الشركة الإماراتية في الشركة المصرية

ومنذ ذلك الحين لم يتم إجراء المراجعة الأولى والثانية لصندوق النقد من أجل برنامج تسهيل ممدّد، واللتان كان من المقرر إجراؤهما في البداية في مارس وسبتمبر الماضيين، بما يرجع جزئيا إلى بطء التقدم في عمليات بيع الأصول في مصر.

وتم الإعلان عن عدد من عمليات البيع لمستثمرين أجانب من حيث المبدأ، ولكن حتى الآن لم يتم الانتهاء من أي منها.

وتسعى القاهرة من خلال برنامج الطروحات للحصول على مورد إضافي لدعم موازنة البلاد، كما أنها تأمل في أن يكون تدخل المستثمرين الإستراتيجيين في الطرح أداةً لتحسين وضع الشركات المطروحة.

واستعانت الحكومة بخبرات مؤسسة التمويل الدولية (آي.أف.سي)، وهي أحد الأذرع الاقتصادية المهمة للبنك الدولي، في إدارة ودعم برنامج إدراج كيانات مملوكة للدولة في البورصة.

ووقعت الحكومة اتفاقا تقدم بموجبه مؤسسة التمويل المشورة لها في ما يخص البرنامج الاقتصادي لتطوير إستراتيجية فعالة لبيع الأصول وبعض الكيانات التابعة للجيش، بعد تعثرها الفترة الماضية لأسباب مختلفة.

وبموجب الاتفاقية تضع المؤسسة إستراتيجية لبرنامج الطروحات الحكومية، وتقديم المساعدة للقاهرة في عملية هيكلة وإعداد الشركات المستهدف طرحها للقطاع الخاص وتحسين حوكمة الشركات، فضلا عن توفير الدعم اللازم لأجل تنفيذ الصفقات المتفق عليها.

10