جناح السعودية في إكسبو اليابان يسلط الضوء على التحول الجذري في المملكة

من لا يولي التراث الاهتمام الذي يستحقه لا يمكنه إحداث تطور مستقبلي، هذا ما يعكسه مجسم تصميم جناح السعودية في إكسبو 2025، والذي تخطط المملكة لتجعله مجسما مصغرا للحياة على أراضيها، يقدم للزوار لمحة سريعة عن المملكة في الماضي والحاضر وما تطمح إلى تحقيقه مستقبلا سواء على المستوى المحلي أو على الصعيد الدولي.
الرياض - كشفت المملكة العربية السعودية، ضمن فعاليات مؤتمر نهر دوجيما بمدينة أوساكا اليابانية، عن تصميم وشعار جناحها المُشارِك في إكسبو 2025 بأوساكا في منطقة كانساي باليابان، برعاية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة.
وجاء الحفل على هامش اجتماع المشاركين الدوليين في المعرض، بحضور عمدة مدينة أوساكا هايديوكي يوكوياما، وبمشاركة وفود حكومتي المملكة واليابان، ومسؤولين من دول أخرى مُشارِكة في المعرض.
ويستعرض تصميم الجناح السعودي وشعاره تاريخ المملكة في صورة قصةٍ تأخذ المشاركين في رحلةٍ لاستكشاف ثقافات المملكة وتقاليدها وقيمها التي تُشكّل الركائز الأساسية لهويتها.
ويسلّط الجناح الضوء على التحول الجذري الذي يطرأ على المملكة اليوم، ومساهماتها في خلق مستقبل أفضل للعالم.
وتأتي مشاركة السعودية في إكسبو 2025 ضمن إطار العلاقات الطويلة والمتينة التي تربطها باليابان، إذ احتفلت الدولتان في الحفل بزيادة حجم الاستثمار والسياحة والتبادل الثقافي بينهما.
السعودية تسعى من خلال مشاركتها في إكسبو 2025 إلى عرض تراثها وثقافتها وإبداعاتها الثقافية والمجتمعية
وكشف الحفل عن تصميم جناح المملكة الذي أنجزته شركة “فوستر + بارتنرز” المعمارية الرائدة، وذلك احتفالا بالعلاقات السعودية – اليابانية من منظوري التراث والعمارة، ويُجسّد التصميم المستدام للجناح البيئة الطبيعية للمملكة، مازجا التشكيلات الصحراوية مع عناصر معمارية حديثة في إشارةٍ إلى الصلة الوثيقة بين التراث التاريخي والتطوّر المستقبلي.
ويشمل التصميم المستوحى من مفهوم المسؤولية البيئية عناصر ذات انبعاثات كربونية منخفضة، ويحتوي على نظام إضاءة موفر للطاقة، ويوظّف تقنيات جَمْعِ مياه الأمطار، إضافة إلى أنّه مزود بألواح طاقةٍ شمسيةٍ لإنتاج طاقة نظيفة. أمّا شعاره الذي يأتي متمماً لتصميمه المعماري الفريد فقد مزج بسلاسة في كلمة “السعودي” -التي وُضعت داخل خارطة المملكة- بين الخط الياباني والخط العربي بأسلوبٍ يحمل ملامح الخط الياباني القديم.
وحول هذه المناسبة قال نائب وزير الثقافة رئيس اللجنة التنفيذية لمشاركات المملكة في معارض إكسبو الدولية الأستاذ حامد بن محمد فايز “تجمع المملكة واليابان تقاليد ثقافية عميقة، فقد أقامت الدولتان علاقات دبلوماسية لأول مرة في عام 1955، وستحتفلان بمرور 70 عاماً على هذه العلاقات عند إطلاق معرض إكسبو 2025 أوساكا، كانساي، اليابان”.
وتابع “يتجسّد تراث الدولتين في الضيافة والكرم، وحس الوحدة المجتمعية، والاحترام العميق للآخرين، وفي الوقت الذي تمضي فيه المملكة قدماً بتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 بتنويع مصادر اقتصادها، وتعظيم حجم التبادل الثقافي، فإننا نتطلع للاحتفال بقيمنا المشتركة في معرض إكسبو”.
بدورها أفادت الرئيسة التنفيذية لهيئة فنون العمارة والتصميم الدكتورة سميّة السليمان بأن الجناح السعودي يُجسّد التناغم السائد في العلاقات السعودية – اليابانية، ويروي قصة ملؤها عزيمة الروح والابتكار، ويمثّل هذا التصميم المعماري الاستثنائي عدداً من المفاهيم الأساسية؛ منها الالتزام بالأصالة، ومحورية العنصر البشري، وقابلية العيش، والتقدم التقني، ويُظهر تفانيا غير مسبوق باتباع الممارسات المستدامة.
من جهته قال المفوض العام للجناح السعودي المشارِك في إكسبو 2025 عثمان المزيد “إن الشراكة التي تجمع المملكة باليابان تفتح أبواب الطموح على مصراعيها. ولا شك أن جناح المملكة المُشارِك في إكسبو يُمثّل أمّة تمر بتحوّل طموح، فتحتفل بتراثها الغني وتتبنى التحولات الحديثة”.
وأضاف “لدينا اليوم فرصة لاستعراض تصميم الجناح الذي يعبّر عن رحلتنا المشتركة التي انطلقت من تراث ثقافي عميق ومشترك، وترمي إلى بناء مستقبل متقدم وشامل”.
يذكر أن السعودية واليابان حافظتا على علاقةٍ إستراتيجيةٍ منذ ما يقارب قرناً من الزمان، ورسمت الدولتان خلاله مسارا نحو الازدهار المشترك.
وقد سلّط الحفل الذي أقيم في أوساكا الضوء على النمو المتزايد للعلاقات بين الدولتين، وانطلاقا من رؤية السعودية 2030، فقد حددت مبادرة الرؤية السعودية – اليابانية 2030 المشتركة التي وُقعت في عام 2016 عدة مجالات للتبادل بين الدولتين ومجموعة من مجالات قطاعية ذات أولوية يمكن تعزيز الاستثمار بها عبر بناء علاقات ثنائية. وتعظّم هذه الإستراتيجية نقاط القوة التي تتمتع بها المملكة واليابان، وتشهد على التزام كل دولة بتعزيز الابتكار واستشراف حقبة جديدة من التعاون.
سيقام إكسبو 2025 في منطقة أوساكا – كانساي باليابان وتحديدا في يومشيما، وهي جزيرة اصطناعية تقع في منطقة خليج أوساكا، من 13 أبريل إلى 13 أكتوبر 2025، تحت شعار “ابتكار المستقبل لتحسين حياة المجتمعات”.
وسيجمع إكسبو 2025 بين المعرفة العالمية وأحدث التقنيات وبين استخدامها لتطوير أفكار جديدة وتبادلها بهدف المساهمة في مواجهة التحديات العالمية التي تهدد البشرية. وسيركز على ثلاثة محاور فرعية، هي: ضمان استدامة الحياة، وتحسين الحياة، وتعزيز الحياة عبر التواصل.
وسيكون إكسبو 2025 هو الإكسبو الثالث الذي تستضيفه اليابان بعد أن استضافت إكسبو 1970 وإكسبو 1990.
ويُتوقع أن تشارك 150 دولة و25 منظمة دولية، ويرتقب أن يصل عدد زوار الحدث العالمي المنتظر في اليابان إلى نحو 28.2 مليون زائر، منهم 3.5 مليون زائر من خارج اليابان.
وتسعى السعودية من خلال مشاركتها في إكسبو 2025 باليابان إلى عرض تراثها وثقافتها وإبداعاتها وابتكاراتها الفنية والثقافية والمجتمعية، ومواصلة ما حققته من نجاح في إكسبو 2020 دبي، والذي أثمر تتويج الجناح بجائزة أفضل جناح مشارك، واستقباله لما يقارب 5 ملايين زائر، وهو ما يعادل 24 في المئة من إجمالي الزيارات إلى إكسبو 2020.
وتحرص المملكة على أن تعكس مشاركاتها في مثل هذه التظاهرات العالمية ما تتمتع به البلاد من تحولات جذرية وتطلعات في جميع المجالات، بالإضافة إلى تقديم لمحة عن المستقبل المشترك للبشرية، وأخذ الزوار في جولة للتعريف بالطموحات السعودية التي تعتمد على أربع ركائز رئيسية، هي الإنسان والطبيعة والتراث والفرص.
وتعود علاقة المملكة بمعرض إكسبو إلى عام 1958 حين شاركت لأول مرة في إكسبو بروكسل، كما تقدّمت في سبتمبر الماضي بملف لاستضافة معرض إكسبو 2030، تحت شعار “حقبة التغيير: المضي بكوكبنا نحو استشراف المستقبل”، وحظيت بدعم العديد من الدول التي أعلنت دعمها الكامل لاستضافة العاصمة السعودية الرياض الحدث العالمي الذي يضم ثقافات الدول وتجارب الشعوب وتصوراتها بشأن المستقبل تحت سقف واحد، على أن يتم انتخاب الدولة المضيفة لمعرض إكسبو 2030 من قبل الدول الأعضاء في المكتب الدولي للمعارض في اجتماع الجمعية العامة المقرر عقده يوم 28 نوفمبر الجاري.