اقتحام مستشفى الشفاء لا يفكّ اللغز: إسرائيل تتحدث عن أسلحة وحماس تنفي

رواية إسرائيلية لا تتماشى مع التضخيم الذي رافق الهجوم.
الخميس 2023/11/16
أهالي الرهائن لدى حماس يضاعفون الضغوط على نتنياهو

القدس - اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء بعد حصار مشدد، لكن إلى حد الآن لم تقدم إسرائيل رواية تتماشى مع التضخيم الذي رافق استعداداتها لاقتحام المستشفى بالتزامن مع انتشار صور مأساوية لأوضاع المرضى وخاصة منهم الأطفال.

ولئن تحدثت إسرائيل عن عثورها على أسلحة و”بنية تحتية خاصة بالإرهابيين” فإنها لم تكشف عن أشياء نوعية تخص البنية التحتية للإقناع بجدوى الاقتحام بالرغم من التحذيرات التي صدرت عن دول ومنظمات إنسانية بشأن معاناة المرضى.

ونشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو يقول إنه يظهر أسلحة وذخائر وقنابل يدوية وسترات واقية من الرصاص في مستشفى الشفاء. لكنه لم يعرض إلى حد الآن صورا أو مقاطع فيديو عن البنية التحتية المكتشفة، وما إذا كانت تتعلق بمنصة صواريخ أم بأنفاق، ولم يكشف عما إذا كان قد وجد عددا من الرهائن في المستشفى، وعما إذا كان قد اعتقل مقاتلين من كتائب القسام أو من سرايا القدس، لإضفاء المصداقية على روايته. وهو ما سهل على حماس مهمة نفي ما اعتبرته مسرحية إسرائيلية.

وانصب تركيز العالم على مصير مئات المرضى المحاصرين في الداخل دون كهرباء لتشغيل المعدات الطبية الأساسية وبوجود آلاف النازحين من المدنيين الذين لجأوا إلى هناك. وقال مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي الأربعاء إن القوات الإسرائيلية عثرت على أسلحة و”بنية تحتية خاصة بالإرهابيين” خلال مداهمة مستشفى الشفاء في قطاع غزة، دون تقديم أي دليل مرئي.

◙ إسرائيل لم تعرض مقاطع فيديو عن البنية التحتية، ولم تكشف عما إذا كانت تتعلق بمنصة صواريخ أم بأنفاق، ولم تشر إلى إنقاذ رهائن أو اعتقال مقاتلين

وأضاف المتحدث العسكري اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيخت، في تعليقات لشبكة “سي إن إن”، “ندرك أن هناك بنية تحتية كبيرة لحماس في المنطقة، بالقرب من المستشفى. ومن المحتمل أن تكون تحت المستشفى، وهذا شيء نعمل عليه. سوف يستغرق الأمر منا وقتا. هذه حرب معقدة”. ومضى قائلا “إن القوات الإسرائيلية توغلت في منطقة محددة داخل المستشفى”، مضيفا “لم يحدث هجوم شامل”. وأشار إلى وقوع تبادل لإطلاق النار قبل دخول الجنود الإسرائيليين المستشفى، لكن “لم يحدث أي اشتباك على الإطلاق” بمجرد دخولهم.

وقال المسؤول الكبير الذي رفض نشر اسمه في تصريحات للصحافيين في وقت سابق “إن الجنود يعملون في جزء من المستشفى يبعد عن مكان المسعفين والمرضى”. وأضاف “جنود الجيش الإسرائيلي عثروا بالفعل على أسلحة وبنية تحتية أخرى خاصة بالإرهابيين. (…) رأينا دليلا ملموسا على أن إرهابيي حماس استخدموا مستشفى الشفاء كمقر إرهابي”.

ونفت حركة حماس ذلك. وقالت في بيان “زعْم الاحتلال الصهيوني عثوره على أسلحة في مجمع الشفاء الطبي ما هو إلا استمرار للكذب والدعاية الرخيصة، التي يحاول من خلالها إعطاء مبرر لجريمته الرامية إلى تدمير القطاع الصحي في غزة”.

وقال المسؤول الإسرائيلي “هذه عملية محددة ودقيقة للغاية”، مضيفا أن “قواتنا موجودة في منطقة معينة من مجمع الشفاء الكبير جدا”، دون أن يذكر أجَلَ انتهاء المداهمة. وتابع “جنودنا يقومون بتقدم بطيء ومقصود بناءً على معلوماتنا الاستخباراتية”.

ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باقتحام القوات الإسرائيلية المستشفى، وقال في بيان “لا يوجد مكان في غزة لا نستطيع الوصول إليه. لا توجد مخابئ. لا يوجد مأوى أو ملجأ لمقاتلي حماس”.

وقال الجيش الإسرائيلي “قبل دخول المستشفى واجهت قواتنا عبوات ناسفة وفرقة إرهابية وتلا ذلك قتال أسفر عن مقتل إرهابيين”. ويقول الإسرائيليون منذ سنوات إن مسلحي حركة حماس يستغلون مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في قطاع غزة، كستار لعملياتهم. ونفت حماس ذلك مرارا وأيضا العاملون في المستشفى.

وكان مسؤولون إسرائيليون قد أشاروا في وقت سابق إلى أن بعض المحتجزين البالغ عددهم 240، الذين اقتادهم مسلحو حماس إلى قطاع غزة عندما شنوا هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر، قد يكونون موجودين تحت مستشفيات غزة. ومع ذلك قال هيخت “إن مداهمة مستشفى الشفاء لم تركز على المحتجزين”.

وأوضح “لقد ركزنا على جلب المعلومات وتفكيك بعض القدرات التي كانت لدينا معلومات عنها”. وقال المسؤول العسكري الذي لم يذكر اسمه “إن أربعة مسلحين قتلوا في تبادل لإطلاق النار خارج مستشفى الشفاء لدى محاولة جنود إسرائيليين دخول المجمع”. وأضاف أن “الجنود استجوبوا أفرادا وجدوهم في المنطقة التي فتشوها”. وقال “ما أعرفه أن أحدهم من حماس”.

ونشر الجيش الإسرائيلي صورا لجندي واقف بجوار صناديق من الورق المقوى وقد كتبت عليها عبارة “إمدادات طبية” و”أغذية أطفال” في موقع تأكدت رويترز من أنه داخل المنشأة. وأظهرت صور أخرى جنودا إسرائيليين يسيرون في تشكيل تكتيكي أمام خيام ومراتب.

ويمكن أن تحرج الرواية الإسرائيلية بشأن الاقتحام الولايات المتحدة التي اتهمت الثلاثاء حماس باستخدام مستشفيات القطاع لتنفيذ عمليات عسكرية، وخصوصا مستشفى الشفاء. وقالت إنها تتخذ موقفها استنادا إلى معلوماتها الاستخباراتية الخاصة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن حركتي حماس والجهاد الإسلامي تستخدمان “مركز قيادة ومراقبة انطلاقا من مستشفى الشفاء” في قطاع غزة. وقال للصحافيين، في الطائرة التي أقلّت الرئيس جو بايدن إلى كاليفورنيا للقاء الرئيس الصيني الأربعاء، “إنها جريمة حرب”.

وأضاف كيربي أن حركتي حماس والجهاد تستخدمان “بعض المستشفيات في قطاع غزة، بما فيها مستشفى الشفاء. وهناك أنفاق تحته لإخفاء ودعم عملياتهما العسكرية ولاحتجاز رهائن”. وقال أيضا “لا نؤيد ضربات جوية على (أيّ) مستشفى، ولا نريد تبادلا للنيران في (أيّ) مستشفى حيث يحاول أناس أبرياء وعزّل ومرضى تلقي العلاج”.

اقرأ ايضا:

1