قطر تستخدم حماس للحصول على رضا الأميركان

التعاون مع واشنطن والضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن يساعدان الدوحة على حماية مصالحها الكبيرة، وخاصة في مجال الغاز.
الخميس 2023/11/16
ورقة بيد الدوحة لكسب ود الأميركان

الدوحة / القاهرة - تسعى قطر للتوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل يشمل إطلاق سراح نحو 50 رهينة من المدنيين الإسرائيليين لدى الحركة مقابل إعلان وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام.

يأتي هذا فيما يقول مراقبون إن قطر تبذل كل ما في وسعها للاستفادة من الوضع الصعب الذي توجد فيه حماس لإظهار قدرتها على كسب رضا الأميركيين من خلال تسهيل إطلاق سراح الرهائن والاستجابة لما يطلبه الرئيس الأميركي جو بايدن شخصيا من حسم سريع لهذه القضية.

وتريد قطر توظيف علاقتها بحماس والحركات الإسلامية الأخرى في إظهار أن لها تأثيرا إقليميا، وأن واشنطن يمكن أن تراهن عليها في مسألة تليين مواقف هذه الحركات مثلما حصل مع حركة طالبان.

ويساعد التعاونُ مع الولايات المتحدة والضغطُ على حماس لإطلاق سراح الرهائن قطر على حماية مصالحها الكبيرة، وخاصة في مجال الغاز، حيث مهدت علاقتها الوطيدة بإدارة بادين لترشيحها أميركيًّا لتعويض الغاز الروسي في أوروبا.

ولا تمتلك حماس هامشا من المناورة إذا ضغطت عليها قطر لتسهيل إطلاق سراح الرهائن. ولا يمكن أن تقف الحركة في وجه مطلب موجه من الدولة التي تستضيف قيادتها السياسية وتفتح لها باب التفاوض مع إسرائيل والولايات المتحدة والتواصل مع الخارج.

◙ جو بايدن بدا واثقا من التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس
جو بايدن بدا واثقا من التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس

وسمح الوجود في قطر لقادة حماس بالتواصل مع سفراء ومبعوثين لدول والسعي إلى كسب التعاطف والدعم، بالإضافة إلى الظهور الإعلامي المتواصل عبر قناة الجزيرة، ما مكن الحركة من الترويج لنفسها وتقديم مبررات وتفسيرات لهجماتها التي تستهدف إسرائيل وآخرها هجوم السابع من أكتوبر الماضي.

وتعد قطر الداعم الرئيسي لقطاع غزة، ولولا المنحة القطرية لما استطاعت الحركة تحقيق الاستقرار في الحكم من خلال توفير الحد الأدنى من الخدمات. وتعرف الدوحة أهمية إطلاق سراح الرهائن لدى الولايات المتحدة، التي أعلنت انحيازها الكامل لإسرائيل في الحرب، ولن تسمح لحماس بتحصيل أي مكاسب يمكن أن تحرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وبدا الرئيس الأميركي الثلاثاء واثقا من التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس. وقد يكون ذلك ناجما في جزء منه عن اتصالاته بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأعرب بايدن الاثنين عن تقديره لقطر والشيخ تميم شخصيا لجهودهما الهادفة إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس.

وقال مسؤول مطلع على سير مفاوضات لإطلاق سراح خمسين رهينة محتجزة لدى حماس إن الاتفاق الذي تجري مناقشته وجاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة سيشهد أيضا إفراج إسرائيل عن بعض النساء والأطفال من سجونها وزيادة كميات المساعدات الإنسانية التي تسمح بدخولها إلى قطاع غزة.

وإذا تم الاتفاق فسيشكل أكبر عملية إفراج عن محتجزين لدى حماس منذ أن نفذت هجومها على أجزاء من إسرائيل. وأضاف المسؤول أن حماس وافقت على المبادئ العامة للاتفاق لكن إسرائيل لم توافق بعد ومازالت تتفاوض على التفاصيل. ولم يُعرف بعد عدد النساء والأطفال الفلسطينيين الذين ستطلق إسرائيل سراحهم من سجونها في إطار الاتفاق الذي تتم مناقشته.

وتغير بشكل كبير نطاق المفاوضات التي تقودها قطر في الأسابيع القليلة الماضية، لكن حقيقة أن المحادثات تتركز حاليا على الإفراج عن 50 محتجزا مدنيا مقابل وقف لإطلاق النار لثلاثة أيام وأن حماس وافقت على الخطوط العريضة للاتفاق تدل على أمر لم يحدث من قبل.

◙ قطر تبذل كل ما في وسعها للاستفادة من الوضع الصعب الذي توجد فيه حماس لإظهار قدرتها على كسب رضا الأميركيين من خلال تسهيل إطلاق سراح الرهائن

وسيتطلب تنفيذ الاتفاق من حماس تسليم قائمة كاملة بباقي المحتجزين الأحياء لديها في قطاع غزة. وقال المسؤول إن مسألة إطلاق سراح جميع المحتجزين ليست موضع نقاش حاليا.

ونقلت القناة “12” الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الوسطاء “يعرفون أننا نطالب بصفقة أكبر حجما”، دون تحديد طبيعة الصفقة التي تطمح إليها إسرائيل، أو هوية الوسطاء. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قال في مؤتمر صحفي الأربعاء “حتى لو تطلب الأمر منا وقفا مؤقتا للقتال من أجل إعادة رهائننا فلن يكون هناك وقف للمعارك والحرب إلى حين تحقيق أهدافنا”.

وقالت مصادر في منطقة الخليج ومناطق أخرى في الشرق الأوسط من قبل إن المحادثات تركزت على إفراج حماس عن 15 محتجزا ووقف مؤقت لإطلاق النار يصل إلى ثلاثة أيام. وذكر مصدران أمنيان مصريان أن هناك موافقة حتى الآن على فترات هدنة محدودة في مناطق معينة من قطاع غزة، وإسرائيل أظهرت ترددا في الالتزام بأي اتفاق أوسع نطاقا.

ويواجه تنفيذ أي اتفاق من هذا النوع العديد من العقبات والعراقيل. وقال دبلوماسي غربي في المنطقة “من غير الواضح ما إذا كانت حماس قادرة في الوقت الحالي على الخروج بقائمة دقيقة للمحتجزين لديها بعدما تسببت الحرب في مشكلات تواصل ومشكلات تنظيمية في القطاع”.

وقال مصدر آخر في المنطقة على دراية بالمفاوضات إن “جمع محتجزين لأي عملية إفراج متزامنة -وهو ما تريده إسرائيل- سيكون صعبا من الناحية اللوجستية دون وقف لإطلاق النار”. وذكر المصدر أن هناك تخوّفا أيضا من إمكانية أن تجعل الضغوط العسكرية الإسرائيلية مسألة التوصل إلى اتفاق وتنفيذه مسألة في غاية الصعوبة.

اقرأ أيضا: 

اقتحام مستشفى الشفاء لا يفكّ اللغز: إسرائيل تتحدث عن أسلحة وحماس تنفي

 

1