انتقادات تلاحق مجلس الشورى العماني الجديد: منصة لأصحاب النفوذ

تغيير شكلي شهده مجلس الشورى لن يغيّر من توجهات المجلس نحو القيام بدور ثانوي عبر مباركة السلطة التنفيذية وسياساتها بدل مراقبتها.
الاثنين 2023/11/13
نحو تحقيق رقم قياسي

مسقط- أعاد استمرار خالد المعولي في رئاسة مجلس الشورى العماني للمرّة الرابعة تواليا، تفجير موجة الانتقادات للمجلس الذي أصبح ينظر إليه من قبل شريحة واسعة من العمانيين باعتباره مؤسسة صورية باتت بمثابة منصّة لأصحاب النفوذ الذين يعرفون كيف يضمنون تمثيلا دائما فيها، وذلك بفعل وجود خلل في الترشّح لعضوية المجلس والفوز بمقاعده.

وأعيد قبل أيام انتخاب خالد بن هلال المعولي رئيسا للمجلس للفترة من 2023 إلى 2027 ليحافظ بذلك على المنصب الذي يشغله منذ ست عشرة سنة.

وقالت مصادر قريبة من المجلس إنّ التكتّلات المصلحية وتبادل الخدمات بين مكوّناتها أفضيا إلى هذا الخيار الذي مرّ بأغلبية ثمانية وخمسين صوتا من أصل تسعة وثمانين.

ورأت أنّ ما حدث في انتخاب المعولي ينسحب على انتخابات مجلس الشورى نفسها والتي تنطوي على ثغرات تضمن لجهات معيّنة الوصول إلى المجلس ومنع منافسيها من ذلك، بدليل وجود أعضاء تحت قبّته منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمن.

وتمّ أواخر أكتوبر الماضي انتخاب مجلس الشورى العماني لفترته العاشرة، حيث أظهرت النتائج النهائية نسبة تغيير في الأعضاء بلغت أربعا وستين في المئة بعد تمكّن واحد وستين عضوا جديدا من دخول المجلس.

لكنّ الجهات الناقدة لمجلس الشورى العماني قالت إنّ ذلك مجرّد تغيير شكلي لن يغيّر من طريقة عمل المجلس وتوجهاته نحو القيام بدور ثانوي أقرب إلى مساندة السلطة التنفيذية ومباركة سياساتها بدل مراقبتها وتقويم برامجها.

وقال المنتقدون إنّ ما تم بالفعل هو قيام الجهات التي تحتكر التمثيل داخل المجلس بتغيير عدد من مرشحيها بعد أن تمّ استهلاك ممثليها السابقين تحت قبّته.

وحمل أحد الناشطين العمانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي على نظام الترشّح والانتخاب لمجلس الشورى ولرئاسته.

◙ استمرار رئيس المجلس في منصبه منذ 16 عاما ووجود عضو فيه منذ 27 عاما يعكسان وجود اعتبارات غير ديمقراطية

وقال في تعليقات على منصّة إكس إنّ “المجلس فيه من البحبوحة ما يمكّن أصحاب النفوذ من الترشح بدون دورات محددة”.

وضرب على ذلك مثل وجود ممثل ولاية محضة الواقعة بشمال السلطنة في المجلس منذ حوالي سبع وعشرين سنة، إضافة إلى كون رئاسة المجلس محتكرة منذ ستة عشر عاما لشخص واحد.

ورأى أن الخلل يكمن في “القوانين التي تعطي لأصحاب النفوذ فرصة غير متساوية مع بقية المواطنين”، معتبرا أنّ ذلك “يتعارض مع النظام الأساسي للدولة الذي يساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات”.

ولوّح بوجود شبهات تلاعب في التصويت على رئاسة مجلس الشورى عن طريق الكمبيوتر مخاطبا الرئيس المجدد له بالقول “لا يهمك صياح الشعب ورفضه استمرارك في رئاسة المجلس.. كلهم حسّاد وما عندهم سالفة.. استمر ولا تبالي بأحد مادام التصويت من خلال الكمبيوتر”، مضيفا “المهم احرص على أن يظل المجلس نائما فما فاز إلا النُوّم”.

كما دعا الناشط ذاته إلى”إعادة النظر في قانون الترشح للمجلس ولرئاسته بحيث تكون لفترتين متتاليتين أو متفرقتين، حفاظا على العدالة والمساواة”.

◙ التكتّلات المصلحية وتبادل الخدمات بين مكوّناتها أفضيا إلى هذا الخيار الذي مرّ بأغلبية ثمانية وخمسين صوتا من أصل تسعة وثمانين

ويقول نشطاء سياسيون عمانيون إنّ الأهداف النفعية المباشرة كثيرا ما تحكم سعي المرشحين للفوز بمقاعد في مجلس الشورى، كما يقف وراء الكثير منهم سعي بعض الدوائر إلى تأمين حصّة في السلطة، بما في ذلك بعض القبائل المتنفذة التي دأبت على أن تكون ممثلة في مجلس الشورى، ما يتيح لها التقرّب من السلطة وتبادل الخدمات معها.

ويقول معارضون عمانيون إنّ سلطات البلاد، بما في ذلك الأمنية، ليست بعيدة عن عملية اختيار المرشّحين وغربلتهم عبر عمليات استبعاد من لا يحظون بثقتها، وذلك بقرارات إدارية بعيدا عن أي إجراءات قضائية.

وقال المعولي بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا لمجلس الشورى “إنّ المجلس يسعى لأن يكون دائما مرآة لآمال وتطلعات وطموح المجتمع، ويُترجم ذلك من خلال ما جاء في قانون مجلس عُمان ولائحته الداخلية، وإنّ جميع الأعضاء بمجلس الشورى متكاتفون ومتعاضدون في كل ما من شأنه تحقيق الأهداف المرجوة”.

وخلا مجلس الشورى العماني الجديد من التمثيل النسائي وهو مطعن آخر يعود لخلل في النظام الانتخابي الذي لا يعتمد الكوتا النسائية المعتمد في عدّة بلدان أخرى سبقت السلطنة بأشواط في مجال تحرير المرأة والتمكين السياسي لها.

ولا يراعي النظام الانتخابي بحسب منتقديه الطبيعة المحافظة للمجتمع العماني ويترك للناخبين تحديد مصير تمثيل النساء في مجلس الشورى، وهو أمر غير عادل في نظر هؤلاء المنتقدين نظرا لعدم وجود الظروف الاجتماعية والثقافية وحتى العقائدية المناسبة والتي تتيح للمرأة العمانية حدّا أدنى من التمثيل في المجلس المنتخب.

3