خطة إماراتية لتوطين الوظائف في التكنولوجيا المتقدمة

الحكومة تركز على مواكبة طفرة الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية بما يعزز الإنتاجية في سوق العمل.
الخميس 2023/11/09
من هنا تبدأ القصة!

فتح المسؤولون الإماراتيون جبهة جديدة في سياق ترسيخ قطاع التكنولوجيات المتقدمة في الاقتصاد من خلال التركيز على تنفيذ خطة لبناء قاعدة لقادة المستقبل بما يواكب تطلعات البلد للريادة في منطقة تشهد سباقا لتوطين الوظائف في المجالات المستقبلية.

أبوظبي - كرست الإمارات دعمها لبرامج توطين الوظائف بكافة المجالات ضمن إستراتيجية متكاملة لإدخال تعديلات عميقة على سوق العمل لملاءمته مع مسار التنمية المستمر في واحدة من أغني دول الشرق الأوسط.

وحوّل المسؤولون أنظارهم هذه المرة إلى قطاع التكنولوجيا المليء بالفرص الواعدة، حيث يتزايد الرهان عليه كثيرا في جعل البلد وجهة إقليمية وعالمية للأعمال والاستثمار في ظل المنافسة مع جيرانه في منطقة الخليج العربي.

وكشفت عمر العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي الأربعاء أن الحكومة تعمل على إطلاق خطة عمل لتطوير المواهب وبناء قدرات الكوادر الإماراتية لقيادة المشاريع التكنولوجية المستقبلية.

وتستهدف الخطة، التي تأتي بينما تشهد فيه البلاد تحولات متسارعة على كافة الأصعدة المتعلقة بالاقتصاد، تأهيل الكفاءات الإماراتية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة لصقل مهاراتهم وتعزيز خبراتهم في المجال التكنولوجي.

عمر العلماء: نعمل على إطلاق خطة لبناء قدرات الكوادر الإماراتية
عمر العلماء: نعمل على إطلاق خطة لبناء قدرات الكوادر الإماراتية

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن العلماء قوله أثناء الاجتماعات السنوية للحكومة في أبوظبي إن الدولة تسعى “لاستكشاف الفرص المرتبطة بالتكنولوجيا الجديدة المعتمدة على حلول الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في القطاعات الحكومية”.

وناقشت الجلسة أبرز التحديات والفرص في تبني الذكاء الاصطناعي في الحكومة، وسبل الاستفادة من الفرص وإزالة العراقيل أمام نشرها في مختلف المجالات، بما يسهم في تسريع التحول الرقمي وتحقيق أفضل النتائج في مختلف القطاعات الإستراتيجية.

وتشكل قضية التوطين أحد أهم مؤشرات الأداء الرئيسية في الإمارات، مثلما هو الحال في بقية دول الخليج، التي يبدو أنها في سباق مع الزمن لترسيخ خطواتها في هذا المضمار مع المضي في تنفيذ برامجها الإصلاحية.

ولإنجاح رؤيتها، تتبنّى الحكومة نهجا شاملا لتأهيل المواطنين في العديد من المجالات المستقبلية، سعيا للارتقاء بمهاراتهم الوظيفية وإطلاق العنان لإمكاناتهم على أوسع نطاق وتمكين القطاع الخاص بوصفه المحرك الرئيس للاقتصاد المحلي.

وكان مجلس الوزراء الإماراتي قد اعتمد قرارا يقضي برفع نسب التوطين بمعدل 2 في المئة سنويا من الوظائف في الشركات التي لديها 50 موظفاً فأكثر، اعتبارا من العام الماضي، وتحقيق معدل نمو في نسب التوطين يصل إلى 10 في المئة مع نهاية العام 2026.

وأوضح العلماء أن الحكومات تمر بمراحل تطويرية وتواجه عوامل خارجية تؤثر على أدائها وتشكل تحديات لها في تحقيق أهدافها.

قضية التوطين تشكل أحد أهم مؤشرات الأداء الرئيسية في الإمارات، مثلما هو الحال في بقية دول الخليج

لكنه قال إن “الحكومات الناجحة تعمل على تطوير وتبني أفضل الممارسات في القطاعات التكنولوجية، ما يدعم جهودها لتحقيق هدفها الأسمى وهو خدمة الإنسان والمجتمع والاقتصاد”.

وأضاف “هدفنا البناء على الإمكانات الكبيرة للذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة”.

ويؤكد تسارع خطوات الإمارات في المراهنة على الاستثمار في تكنولوجيا المستقبل بغية تحقيق عوائد كبيرة لتمويل خطط التنمية حقيقة الرغبة لدى المسؤولين في الانفراد بعيدا في هذا المضمار.

وفي غمار المنافسة على توطين القطاع في باقي دول الخليج، فتحت الحكومة في مارس الماضي نافذة جديدة في مسار خططها في هذا الاتجاه من خلال الإعلان عن برنامج واعد يستهدف تسريع وتيرة التحول التكنولوجي في القطاعات الصناعية والإنتاجية.

ويتضمن البرنامج تطوير ألف مشروع تكنولوجي، وإنشاء مراكز للتمكين الصناعي، كما يهدف لتصدير منتجات تكنولوجية إماراتية متقدمة بقيمة 15 مليار درهم (أكثر من 4 مليارات دولار) سنويا.

خلفان بلهول: للتكنولوجيا القدرة على تعظيم الفوائد وتحجيم التحديات
خلفان بلهول: للتكنولوجيا القدرة على تعظيم الفوائد وتحجيم التحديات

وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي خلال إطلاق البرنامج حينها أن توظيف التكنولوجيا المتقدمة في الصناعات والمشاريع ركيزة أساسية “لتطوير اقتصادنا الوطني بالشراكة مع القطاع الخاص”.

وقال إن بلاده “تمثل مركزا عالميا في مجالات البحث والتطوير والابتكار في تكنولوجيا المستقبل”. وأضاف “من خلال التكنولوجيا المتقدمة نرى فرصا لتحقيق أولوياتنا الوطنية وطموحاتنا للخمسين عاما القادمة”.

ومن المتوقع أن يكون البرنامج ممكنا لمطوري التكنولوجيا ورواد الأعمال والشركات التكنولوجية الناشئة لتجريب التكنولوجيا في الإمارات والانطلاق منها إلى مشاريع تحولية عالمية ذات أثر ملموس.

وتطمح الإمارات إلى أن تصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا في غضون سنوات قليلة واجتذاب لاعبين كبار في المجال لإنشاء أعمالهم والمساهمة في تنمية سوق التوظيف والمساعدة في صياغة قواعد تجعلها قبلة المستثمرين في الشرق الأوسط.

ويريد البلد النفطي تحقيق أثر أكبر على الناتج المحلي الإجمالي من بوابة الاستثمارات والأعمال بقيمة 30 مليار دولار سنويا، وجني نحو ثلاثة مليارات دولار من استثمارات التكنولوجيا المتقدمة.

وتؤكد العديد من الدراسات والتقارير العالمية أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 7 في المئة، ما يمثل تأثيرا كبيرا بالنسبة إلى أيّ تكنولوجيا.

الإمارات تطمح إلى أن تصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا في غضون سنوات قليلة واجتذاب لاعبين كبار في المجال

وخلال اجتماعات مجالس المستقبل العالمية 2023 التي احتضنته دبي الشهر الماضي، قال خلفان بلهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل إن “التكنولوجيا في مفهومها العام عامل تمكين مهم وضروري لبناء المستقبل ومواكبة متطلباته”.

وأكد أنها تحدد حجم الاستفادة الإيجابية منها أو التحديات التي تفرضها بناء على طبيعة المنظومة التي تستخدمها وقدرتها على إحداث توازن يضمن تعظيم الفوائد وتحجيم التحديات.

وشدد بلهول على أن الذكاء الاصطناعي يمثل قوة إستراتيجية مهمة يمكنها تحقيق مزايا اقتصادية واجتماعية عالية وقادرة على رفع الإنتاجية بشكل كبير، “لذا يأتي توظيف وتطوير هذا التقنيات على راس الأولويات الإستراتيجية لمؤسسة دبي للمستقبل”.

وما يميز الذكاء الاصطناعي عن باقي الحلول التقنية أنه قاعدة متكاملة ومتفاعلة تجمع كافة المعلومات والبيانات السابقة، ولديها القدرة على معالجتها والاستفادة منها في بناء نماذج مستقبلية للمعارف وتسريع وتيرة اتخاذ القرار.

واعتبر أزيم أزار الرئيس التنفيذي لمؤسسة “إكسبوننشال فيو” أثناء تلك الاجتماعات أن هذه التكنولوجيا المتقدمة أداة تمثل قوة إيجابية لتطور المجتمعات ومواجهة التحديات.

ولفت أزار إلى أن “السؤال الأهم هو من يتعامل مع الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يستخدمه؟ وقدرة مكونات المجتمع على المشاركة في استخدامه والاستفادة منها والضوابط المطبقة لهذا الاستخدام”.

11