تعديل السياسة الاقتصادية يهبط بتسعير أحدث إصدار تركي للديون

أنقرة - انعكس تغيير السياسة الاقتصادية في تركيا ضمن محاولات استعادة المستثمرين الأجانب على تسعير أول ديون تصدرها وزارة المالية منذ الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي في الأسواق الدولية.
واقترضت أنقرة 2.5 مليار دولار من طرح صكوك إسلامية لأجل خمس سنوات بعائد يبلغ نحو 8.5 في المئة، وبهذا الإصدار يصل التمويل من الأسواق الدولية هذا العام إلى عشرة مليارات دولار.
وقالت وزارة الخزانة في بيان إن “العائد للمستثمرين بلغ 394.4 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية بما يقل 200 نقطة أساس عن الإصدارات السابقة”.
وسبق بيع إصدار مماثل بالقيمة ذاتها في أبريل الماضي مستحقة في 2030 بعائد 9.3 في المئة، وتم تسعيره عند 596.8 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية ومنذ ذلك الحين ويتم تداوله بنحو 8.6 في المئة.
وإلى جانب إصدار أبريل، اقترضت تركيا أيضا قرابة 2.75 مليار دولار في يناير الماضي ثم نحو 2.25 مليار دولار في مارس.
10
مليارات دولار ديونا جمعتها أنقرة هذا العام من الأسواق الدولية على أربع شرائح
وتأتي الخطوة مع اندفاع الأسواق الناشئة إلى سوق السندات للاستفادة من انخفاض العائد بعد الارتفاع في السندات الأميركية القياسية، ويعود ذلك إلى توقع العديد من المستثمرين أن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) قد انتهى من رفع أسعار الفائدة لهذه الدورة.
وتبنت تركيا تغييرا جذريا في سياستها بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة إلى 30 في المئة بعدما كانت عند 8.5 في المئة بنهاية مارس الماضي في إطار تحول أوسع نحو سياسات تقليدية بصورة أكبر.
وجاءت الطلبات على صكوك هذا الأسبوع من 200 مستثمر وبما يعادل ثلاثة أمثال حجم الإصدار.
وبيعت 45 في المئة منها لمستثمرين في الشرق الأوسط، و24 في المئة منها في بريطانيا، و18 في المئة في الولايات المتحدة، وسبعة في المئة منها لمستثمرين في دول أوروبية أخرى، وأربعة في المئة منها لمستثمرين في تركيا، واثنين في المئة منها لمستثمرين في آسيا.
ويراقب المستثمرون المخاطر التي تهدد السندات التركية المقومة بالعملات الأجنبية إذا لم تتجه الحكومة والسلطات النقدية سريعا إلى تطبيق سياسات نقدية أكثر تقليدية بصورة ملحوظة.
كان مسؤولون أتراك قالوا إنهم سيصدرون سندات دولية هذا العام للمساعدة في تمويل جهود إعادة الإعمار في جنوب شرق البلاد بعد زلزالين مدمرين في فبراير.
وقال وزير المالية محمد شيمشك في وقت سابق إن صندوق الثروة السيادية التابع لإمارة أبوظبي، سيشتري ما يصل إلى 8.5 مليار دولار من السندات التي من المقرر إصدارها قبل نهاية العام الحالي.
العائد للمستثمرين بلغ 394.4 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية بما يقل 200 نقطة أساس عن الإصدارات السابقة
وليس من الواضح ما إذا كانت الصكوك الدولارية جزءا من جهود إعادة الإعمار بعد الزلزال.
ورغم أن سندات تركيا طويلة الأجل بالعملة المحلية تحقق عوائد قياسية مرتفعة غير أن بنك الاستثمار الأميركي جي.بي مورغان يرى أنه سينتظر لمتابعة صعودها أعلى من ذلك قبل دراسة التوصية بشرائها.
وأوضح محللون إستراتيجيون في البنك، من بينهم جوني غولدن، في تقرير أواخر الشهر الماضي أن “عوائد السندات تواصل صعودها، لكننا نعتقد أنها بحاجة إلى المزيد من التعديل قبل التحول إلى الرهان الصعودي”.
وأضافوا أنهم يرون أن القيمة العادلة لسندات الليرة لأجل 10 أعوام تبلغ 35.7 في المئة تقريبا و”سيظلون على الحياد” حتى بلوغ هذا المستوى.
وتؤكد الحقائق أن البلاد لا تملك هامشا كبيرا لتعزيز النمو إلا بالنجاح في تحسين مناخ الأعمال، لزيادة جذب الاستثمار الذي تراجع بسبب سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان.
وفي حين أن ارتفاع الفائدة من شأنه أن يجذب بعض المستثمرين إلى الأصول التركية، يقول محللون إن الاستقرار والشفافية اللازمة لطمأنة المستثمرين لن يتحققا إلا بتعديلات جوهرية في التشريعات.
وعادة ما يأخذ المستثمرون الذين لا يحبذون التقلبات علما بخطط أردوغان، ولذلك يلاحظ سحب أموالهم من السوق بين الفينة والأخرى بسبب الضبابية خوفا من تكبد خسائر هم في غنى عنها.