ارتياح مغربي لتزايد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي

خصص العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء جزءا مهما للتعبير عن الارتياح لتزايد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي بشأن النزاع حول الصحراء الذي وصفه بـالنزاع الإقليمي المفتعل.
الرباط - عكس الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء ارتياحا لتزايد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي، كما نوه بدور الدبلوماسية في تحقيق الانتصارات في ما يتعلق بملف الصحراء المغربية.
وذكّر العاهل المغربي في خطابه بالدور الكبير الذي لعبته “الدبلوماسية الوطنية”، وهي عبارة تجمع بين كل أشكال العمل الدبلوماسي (الدبلوماسية الرسمية، الدبلوماسية البرلمانية، والدبلوماسية الحزبية والمدنية).
وقال الملك محمد السادس “مكنت تعبئة الدبلوماسية الوطنية، من تقوية موقف المغرب، وتزايد الدعم الدولي لوحدته الترابية، والتصدي لمناورات الخصوم، المكشوفين والخفيين”.
وأضاف “قد اعترفت، والحمد لله، العديد من الدول بمغربية الصحراء، وعبرت دول أخرى كثيرة وفاعلة، بأن مبادرة الحكم الذاتي، هي الحل الوحيد، لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل”، وهو ما يضع الصراع في إطاره الحقيقي بالإشارة إلى دور الجزائر في الموضوع، ومن كونها طرفا معنيا مباشرة بالنزاع، وبمآلاته.
وتوالت خلال السنوات الأخيرة اعترافات الدول بسيادة المغرب على صحرائه ودعم مقترح الحكم الذاتي، الذي تعرضه المملكة كـ”حلّ وحيد” للملف العالق منذ عقود.
الخطاب ركز على البعد التنموي في الصحراء وعلى ضرورة تقوية النسيج الاقتصادي، عبر الرهان على المؤهلات الطبيعية
وكان آخر المنضمين إلى قائمة الدول التي تعترف بمغربية الصحراء جمهورية التشيك التي أعلنت عن ذلك أواخر أكتوبر الماضي.
واعتبر محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، في تصريح لـ”العرب” أن الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس بمثابة “رسالة ثقة في مشروعية الحق المغربي وفي مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية المغربية الذي يجمع عليه المنتظم الدولي كحل مثالي ووحيد لوضع حد لنزاع مفتعل يدرك الجميع خلفياته كنتاج لفترة الحرب الباردة التي عفّى عنها الدهر”.
وقال المحلل السياسي المغربي محمد لكريني، في تصريح لـ”العرب”، إن الارتياح الملكي مرتبط بقناعة أصيلة تتعلق بالتنمية كخيار إستراتيجي في الصحراء المغربية لترسيخ الوحدة الترابية، لذلك انخرط المغرب منذ سنوات عدة في تنمية مختلف جهات المملكة من بينها الأقاليم الجنوبية، الأمر الذي شكل أرضية داعمة لمبادرة الحكم الذاتي من طرف عدد كبير من الدول.
وركز الخطاب الملكي على البعد التنموي في الصحراء المغربية، وعلى ضرورة تنمية وتقوية النسيج الاقتصادي، عبر الرهان على المؤهلات الطبيعية للمنطقة، لمواكبة التمدن والتوسع العمراني الذي تشهده، والتقدم الاقتصادي الذي تعرفه وهو ما ينسجم مع الخطابات الملكية السامية السابقة، من خلال الرهان على تنمية الأقاليم الجنوبية، والتفكير في نموذج اقتصادي جديد لها، ووضع خيرات المنطقة في خدمة سكانها، وهو ما يدحض بشكل كبير خطاب الخصوم، القائم على المطالبة بضرورة “الاستفادة من الثروات الطبيعية” للمنطقة.
الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس بمثابة رسالة ثقة في مشروعية الحق المغربي وفي مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية المغربية
وعبر العاهل المغربي عن ذلك أيضا بالقول “عندما تكلمت عن الجدية، فذلك ليس عتابا، وإنما هو تشجيع على مواصلة العمل، لاستكمال المشاريع والإصلاحات، ورفع التحديات التي تواجه البلاد. وهو ما فهمه الجميع، ولقي تجاوبا واسعا، من مختلف الفعاليات الوطنية”.
وأكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، لـ”العرب” أن الصحراء المغربية تتوفر على إمكانيات المدن البحرية الرائدة كما أن تحولها إلى قطب قنصلي وتنموي وترسيخ مغربيتها دوليا بفضل الاتجاه الدولي الواسع لدعم السيادة المغربية ومبادرة الحكم الذاتي، مكن من انهيار مناورات الخصوم المكشوفين والمخفيين الذين تمكن المغرب من رؤيتهم وتحديدهم وفق قاعدة “الصحراء المغربية نظارة إستراتيجية”.
واعتبر العاهل المغربي ما تحقق نتاج “منظومة متكاملة من القيم، مكنت من توطيد المكاسب التي حققناها، في مختلف المجالات، لاسيما في النهوض بتنمية أقاليمنا الجنوبية، وترسيخ مغربيتها، على الصعيد الدولي”.
وتابع “كما ساهمت قيم التضامن والتعاون والانفتاح، التي تميز المغرب، في تعزيز دوره ومكانته، كفاعل رئيسي، وشريك اقتصادي وسياسي موثوق وذي مصداقية، على المستوى الإقليمي والدولي، وخاصة مع الدول العربية والأفريقية الشقيقة”.
ويعد خطاب ذكرى المسيرة الخضراء، الخطاب الثالث، تواليا، الذي يثير موضوع “القيم”. ويقول مراقبون إن هذه القيم تشكل العنصر المميز للخصوصية المغربية، في عالم تلاشت فيه هذه القيم أو تضاءل تأثيرها وحضورها وهي التي تمنح للتجربة المغربية فرادتها، وقدرتها على تدبير الملفات المطروحة، وهي الدافع لمواجهة التحديات والرهانات المطروحة.