أكاديمي جزائري يحلل بلاغة السرد القديم

الجزائر - يبحث كتاب “أنماط تلقي السرد في التراث البلاغي”، لمؤلفه الأكاديمي رابح كحلي، في قراءة القدماء للمدونة الجاحظية، بداية من ابن قتيبة إلى التوحيدي، والجرجاني، والهمذاني، وغيرهم من الذين تداولوا قراءة لبلاغة أبي عثمان.
ويؤكد المؤلف أن الهدف من هذه الدراسة ليس الكشف عن عدد الذين تداولوا على هذه البلاغة، لأن هذا قد طرقته أيادي البحث من قبل، بل كان الاهتمام موجها إلى استكشاف تفاصيل هذه القراءات التي تناولت هذه المدونة وجزئياتها، مع محاولة النبش في كيفية تلقي القدماء لهذه البلاغة، التي قيل حولها الكثير، بين مُرحب بها وبين طاعن فيها، وقد تحكمت في هذه القراءات، بحسب الباحث، تصورات مختلفة مرتبطة بالأيديولوجيا والتاريخ، وفق أفق وسياق ثقافي كان دائما لصيقا بها.
ويقول المؤلف “نحن نتحاور مع قراء للبلاغة العربية من خلال مشروعات كبرى سجلت حضورها مع ‘المدونة الجاحظية’، سلبا وإيجابا، في هذه الدراسة الممتدة من التاريخ الموغل في القدم، حتمت علينا أن ننجز بحثا يتجاوب مع قامة الجاحظ في أدبه، وبلاغته، وموسوعيته، محاولين تصوير ماهية التلقي لهذه البلاغة المتناثرة في ‘البيان والتبيين'”.
ويضيف “كان عملنا في هذا الكتاب، فحصا ومعاينة، لأنماط متعددة من القراءات التي أُنجزت عن هذه البلاغة، وتحليلا، حينا بعد حين، بدءا من القراءات المبكرة في تراثنا، كقراءة ابن قتيبة التي كان لها النصيب الأكبر من هذا البحث؛ نظرا إلى جهوده في البلاغة، والأدب، والتأليف، ولحجم المقروئية التي – تناولتها الدراسات الأكاديمية – التي اهتمت بابن قتيبة“.
وقد استفاد النقاد – بحسب الباحث – من قراءة ابن قتيبة للجاحظ، ومع تبنيه المعيار الأخلاقي للحكم على ما كتب الجاحظ؛ فقراءته تعد قراءة فنية ناضجة لهذه البلاغة، مثلها مثل قراءات أخرى، كقراءة عبدالله الحموي في “معجم الأدباء”، وأبي حيان التوحيدي في“البصائر والذخائر”، وعبدالقاهر الجرجاني، وبديع الزمان الهمذاني، وغيرهم من الذين كان لهم تأثير كبير في العملية النقدية عموما.
ويؤكد الباحث أنه اتبع في تأليف هذا الكتاب منهجا يتراوح بين التاريخي والتحليلي؛ وهما المناسبان – بحسب رأيه – لهذا الموضوع المتعلق ببلاغة أبي عثمان الجاحظ الذي كانت لديه بلاغة خاصة غلبت على نثره عبر كامل مؤلفاته التي سارت بين الاستطراد والسرد عموما.